ومجلة الأحوال الشخصية التي ضمنت هذه الحقوق وكرّستها، لكن الواقع لا يعكس هذه الصورة، فحسب العديد من الدراسات، بلغت نسبة النساء المعنّفات في تونس حوالي الـ 50 بالمائة، رقم مفزع دفع العديد من المنظمات النسوية إلى التحرّك ضد تعنيف المرأة، وفي هذا الإطار أنشأت جمعية النساء التونسيات للبحث حول التنمية، بالشراكة مع وزارة المرأة والأسرة والطفولة، فضاء «تمكين» لإيواء وحماية النساء ضحايا العنف.
هذا الفضاء يستوعب 35 شخصا، تحدّد مدّة الإقامة فيه بـ 3 أشهر كأقصى حدّ، قابلة للتجديد في حالات معيّنة، يشرف على هذا الفضاء أخصائيون نفسيون واجتماعيون، لتقديم الرعاية الطبية اللازمة والإحاطة النفسية والاجتماعية، إلى جانب الإدماج الاجتماعي والمهني والإحاطة بالأطفال المصاحبين لأمهاتهم، والتثقيف والتوعية والترفيه.
المكلّفة بالتنسيق بفضاء «تناصف» التابع لجمعية النساء التونسيات، هالة بن يحمد أكّدت لـ «المغرب»، أنه يتمّ استقبال النساء ضحايا العنف مع أطفالهن أيضا والإصغاء إليهن من قبل أخصائيين اجتماعيين ونفسيين، ثم يتمّ توجيههن إلى «تمكين» أين تقع الإحاطة بهن وإيواؤهن، مضيفة أن حالات الإيواء في هذا الفضاء تنقسم إلى نوعين، الإيواء المؤقت المخصّص للحالات الاستعجالية، والذي يأوي المعنفات اللاتي ليس لهن ملجأ لفترة معينة حتى تسوية وضعيتهن، والإيواء لفترة طويلة للمعنّفات اللاتي ليس لهن أحد يلجأن إليه أبدا.
وبالتعاون مع وزارة الصحّة ووزارة الداخلية ووزارة الشؤون الاجتماعية ومندوبية حماية الطفولة، إلى جانب المستشفيات ومراكز الأمن، والعديد من المنظمات والجمعيات التي تهتم بقضايا المرأة والأسرة، يحاول «تمكين» احتواء المعنّفات من خلال الاستقبال والإنصات، والإيواء المؤقت، والتوجيه القانوني والمرافقة القضائية، والتأهيل المهني ودعم القدرات.
فهذا الفضاء الذي تمّ الإعلان عنه في اليوم العالمي للمرأة، ليس لجبر الضرر المادي والمعنوي والنفسي للنساء المعنّفات، بقدر ما يساهم في إعادة بناء ذواتهن من خلال التكوين، وذلك حسب القدرات والمهارات، من أجل مواصلة حياتهن بشكل عادي فيما بعد، كما يشرف «تمكين»، حسب ما أكّدته بن يحمد، على متابعة النساء اللاتي تعرّضن إلى العنف بعد الخروج من الفضاء، وتمكينهن من حياة جديدة ومختلفة، من خلال مساعدتهن في إيجاد عمل ومسكن وتحقيق الاستقلالية الذاتية.