جاء قرار تعيين رئيس الحكومة الحبيب الصيد لمنير العريبي واليا على قفصة ليثير غضب نواب من حركة نداء تونس الذين هاجموه وشكّكوا في انه قادر على إدارة المرحلة ووصفوه بأنه واجهة حزب الإدارة الذي يحكم، وتوعدوا بان يكون لقاء تنسيقية الاحزاب أخر جولة في المعركة التي تفاءلوا أن نهايتها ستكون في صالحهم.
لكن تطور الأحداث يوم أمس قبل اللقاء حمل معه انقلابا في المعادلة، فالحبيب الصيد الذي تعتبره أحزاب الائتلاف الحاكم لم يطور في نسق العمل المشترك معها ولم يقم باستشارتها في عدد من الملفات، اعدّ نفسه جيدا للقاء.
هذا اللقاء الذي غاب عنه ممثلو حزب الاتحاد الوطني الحّر، وشاركت فيه ابرز قيادات الاحزاب الثلاثة الأخرى، استهلّ بالحديث عن الوضع الأمني الذي قدّم الصيد ما تحقق فيه وتطوراته، وتحدث عن عملية بن قردان.
حيث اكّد وليد صفر، المتحدث باسم آفاق تونس، ان الصيد قدّم لهم عرضا لعملية بن قردان وتحدث عن معطيات العملية وعن جاهزية الأمن والجيش التونسي، مشدّدا لهم على ان الحكومة اتخذت اجراءاتها لإبقاء حالة التأهب واليقظة.
هذه اليقظة شدّد وليد صفر عي أنها لا تتعلق بوجود معطيات استخباراتية عن مخطط إرهابي قريب، وقال أنها إجراء وقائي، وفق ما أشار إليه الحبيب الصيد لهم، مضيفا ان اللقاء خصص جزء هام منه للحديث عن الوضع الأمني واستعدادات الحكومة لكل المخاطر المحتملة.
وبانتهاء الحديث عن الوضع الأمني بالبلاد، انتقال الصيد وممثلو الاحزاب الى ما جاء من اجله القوم، وهو ملف علاقة تنسيقية الاحزاب والحكومة، وضعف التنسيق بين الحكومة والأحزاب من جانب وبين الحكومة وممثلي الاحزاب في مجلس نواب الشعب من جانب أخر.
وهنا استبق الصيد الحاضرين وقدّم حججه التي تبرر من وجهة نظره عدم انتظار التشاور مع الاحزاب في ملفات محدّدة، كتعيينه لوالي جديد في قفصة، ليشدّد لهم انه ملزم باتخاذ قرارات استعجالية لا تنتظر ان يقع التشاور فيها مع أحزاب التنسيقية وان الحكومة ورئيسها هم المسؤولون عن نجاح سياستهم او فشلها.
حجج الصيد في اللقاء سبقتها اتصالات بينه وبين قادة هذه الاحزاب، حرص فيها الرجل على أن تصل رسالته الى الجميع، المزيد من الضغط عليا ( أي الصيد) يعني استقالتي، وهذا ما تخشاه كلّ من حركة النهضة وحركة نداء تونس معا.
خشية من ان يستقيل الرجل من منصبه في هذا الوضع المتأزم جعلت من أحزاب الائتلاف الحاكم المشاركة في لقاء أمس، تقتنع بكل حججه مع مطالبته بان يقع تفادي غياب التنسيق في الملفات الهامة، وتسقط نقطة مناقشة وضع مدير ديوانه من جدول الأعمال.
هذه الملفات كالتعيينات والقوانين الكبرى، طلبت أحزاب التنسيقية ان تقع مناقشتها في لقاءات دورية ستعقد أسبوعيا بينها وبين الحبيب الصيد الذي تعهد بدوره بان تتطور العلاقة بين حكومته وتنسيقية الاحزاب، وان التواصل بينهم سيسرع نسقه كما هو الحال بالنسبة للتواصل بين الحكومة ومجلس نواب الشعب.
ولم ينته اللقاء الذي دام حوالي الساعتين الا وقد اتفق الصيد مع المشاركين في الاجتماع على ان يقع عرض مشاريع القوانين على احزابهم قبل مصادقة المجلس الوزاري عليها وعرضها على البرلمان، من اجل مناقشتها وتعديلها ان وجدت الاحزاب ضرورة لذلك.
انتهى اللقاء وقد نجح الحبيب الصيد مرة اخرى في تفادي ارتجاجات اللغم الذي داس عليه يوم الاثنين الفارط، فالرجل غادر اللقاء وهو محملّ بعبارات الدعم والتشجيع والتفهم من قبل ممثلي احزاب الائتلاف الحاكم التي كانت قبل ساعات تشحذ سكاكينها لمحاسبته على تجاهلها للمرة الالف.