والقنوات التلفزية والمجلات وحتى الحديث في الشارع يدور حول هذا الموضوع ويعيش الأمريكيون ومعهم العالم ككل أربع سنوات على أخبار انتخابات الرئيس الذي سيقود وسيؤثر في سياسات العالم وفي أوضاع الحرب والسلم حول العالم.
وتتميز انتخابات هذه السنة بميزة خاصة باعتبارها ستضم مرشحين غير عاديين فمن جهة سنجد امرأة وهي هيلاري كلينتون مرشحة عن الحزب الديمقراطي وهذه أول مرة في التاريخ الأمريكي تتقدم فيه امرأة للانتخابات على رأس أحد الأحزاب الكبرى ومن جهة ثانية نجد دونالد ترامب المرشح الجمهوري يشذ كذلك عن القاعدة ويختلف عن المرشحين التقليديين لليمين الأمريكي فهو رجل الأعمال الكبير وحامل الأفكار الشعبوية والمغالاة في رفض الآخر والصورة الكاريكاتورية عن العالم إلى حد جعل العديد من قادة الحزب الجمهوري يقررون الابتعاد عنه ومساندة غريمته الديمقراطية هيلاري كلينتون مما يشكّل مفارقة كبيرة في السياسة الأمريكية.
وقد تابعت بكل شغف هذه النقاشات والمقالات من خلال الصحف والبرامج التلفزية أو من خلال الأحاديث مع بعض الأصدقاء المنتمين للحزبين الديمقراطي والجمهوري وحتى بعض الأحزاب الصغيرة الأخرى كحزب الخضر. وبالرغم من النقد الذي قد يوجهه البعض لتركيز الحملات الانتخابية الأمريكية مثلا على الاتصال وعلى الصورة عوضا عن السياسات والاختيارات والتوجهات السياسية فإن الانتخابات الأمريكية تبقى في رأيي إحدى أهم التجارب في المجتمعات الديمقراطية في إقناع الناخبين وفي الأخذ بعين الاعتبار التحولات الديمقراطية والسياسية التي تشهدها البلدان الديمقراطية وأريد أن أشير هنا إلى تجربة الانتخابات الرئاسية لسنة 2008 وكيف نجح باراك أوباما في تبوؤ المرتبة الأولى وأن يصبح مرشحا للحزب الديمقراطي أمام عديد القادة التقليديين لهذا الحزب بالرغم من كونه كان
مغمورا ولم تكن له إمكانيات مالية ضخمة لمنافسة المرشحين الآخرين ثم نجح كذلك في الفوز بالانتخابات مما شكّل مفاجأة كبرى في السياسة الأمريكية. وقد حاول العديد فهم أسباب النجاح غير المتوقع لهذا المرشح ولئن أكد العديد على الأزمة الاقتصادية الخانقة التي كانت تتخبط فيها أمريكا وكذلك الحروب الخارجية التي شنتها في العراق وفي أفغانستان بحجة محاربة الإرهاب وكان أوباما من القلائل من قادة الحزب الديمقراطي الذين وقفوا وصوّتوا ضد الحرب فإن آخرين أشاروا إلى الطريقة الجديدة في الحملة الانتخابية والتي اتجهت أساسا إلى الشباب باستعمال الأنترنت والشبكات الاجتماعية والتي كانت غير مستعملة بكثرة في تلك الأيام في العمل السياسي. ففتحت هذه الانتخابات مرحلة جديدة في العمل السياسي الذي بدأ يخرج من الطرق التقليدية كالاجتماعات الكبرى والتي ميزت الحداثة السياسية لتدخل مرحلة ما بعد الحداثة والانترنت والشبكات الاجتماعية. ومنذ ذلك الوقت دخلت هذه الأساليب بقوة إلى ميدان العمل السياسي لتصبح إحدى طرق الدعاية السياسية في كل بلدان العالم ومن ضمنها بلادنا.
تابعت خلال هذه الزيارة القصيرة عديد النقاشات والمساهمات المختلفة حول مواضيع مختلفة مرتبطة بالانتخابات ....