الكتابة هدم أو لا تكون

فكري دوما مضطرب. أنا دوما في سؤال، في شكّ، في تردّد. أنا لا أستقرّ على نظر. نظري دوما يتغيّر. ما لي أنا في اضطراب، في حيرة،في تقلّب؟ مالي أنا دوما، مشتّت الفكر، أبني وأهدم؟ كم مرّة، أتبيّن فأرى ثمّ أسأل فيضيع الرأي وتختلط لديّ السبل... فكري دوما مشوّش.

يمشي بي الفكر زمنا فأدرك ثم يراجعني الفكر فأبطل الادراك ويعاودني الشكّ، من جديد. مع مطلع كلّ شمس،أنظر، أسعى، أجتهد علّي أيقن، علّي أتبيّن.قبل غروب كلّ شمس،يعاودني السؤال، ينتهي اليقين وأمّحي وأعود للنظر، من جديد...

آخذ قلمي. أكتب أسطرا معدودة. في تلك الأسطر، أنظّم الفكر، أنتقي الكلم، أؤثث الجمل. أنتهي. أعود الى السطور أراجعها فالقاهامعوجّة،فكرها مضطرب وكلماتها لا تصلح.أعيد الصياغة مرّة ومرّة وأنظر في الفكر، فحواه وكنهه، وفي الكلمات وفي الجمل.أغيّر السطور مرات عدّة ثمّ أعود، أنظر، فألقى سطوري منهكة، فيها اعوجاج وثغور...الكتابة كالحياة عودلا ينتهي.الحياة كالكتابة اضطراب وتقلّب. أرهقني التقلّب. أكلتني الحيرة. أنا تعب...

أنا تعب، في عجز، لا أقدر. لا أقدر على القول، على الفعل. كيف الفعل وفيّ يسكن شكّ وتردّد؟ كيف القول والقول يلزمه حسم وعزم؟ أنا في وهن. أنالا أقدر. أنا تعبان ما في ذلك شكّ. ولأنّي تعبان أراني في اضطراب، في تبعثر، في تعثّر. أخشى. أنسى. لا أتبيّن. أمشي وأنا مثقل. فيّ وجع يمسك. أنظر في الناس فلاأرى الناس. أنظر في نفسي فألقى نفسي أخرى، مختلفة.كلّ شيء من حولي معوجّ، معتلّ، لا يستقيم...

يجب أن أقول وأن أفعل، أن أنتهي من هذا الوهن البليغ. يجب أن أحسم أمري، أن أشدّ عزمي، أن أنظر فأرى فأتبيّن. الى متى، حتّى متى يشدّني القلق الخبيث وهذا الشكّ المفزع وهذا التردّد المقيت؟ يجب أن أنتهي من هذا السكون الرديء. يجب أن أعود لأحيا، أن أنهض باكرا وأصرخ في الكون ما أنا أحمل من خير ومن شرّ، من ضبابية ومن هموم... أين قلمي؟ أين معولي؟ بقلمي سوف أخطّ ما أرى من السطور وانفث في الأرض ما أرى من فكر ومن وجود. بمعولي سأهوي على رأسي، أقتلع منه ما كان من فكر، من سنن، من تقاليد... انّ الحياة هدم. انّ الكتابة هدم أو لا تكون. هي فتح للأفق، فسخ للأنماط ونسخ للعهود. كيف الوفاء وأنا نظر يتقلّب؟ كيف اليقين وأنا شكّ قائم، لا ينتهي؟

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115