وتضامن جمهور الإفريقي مع من تم إيقافهم من أنصار الترجي جاء مسيّسا وهو ما يقيم الدليل ان الرياضة غارقة للعنكوش في «السياسة»
حملة الأفارقة جاءت تحت شعار «سيب التيفوزي وشدّ المافيوزي» في إشارة واضحة وصريحة إلى اوضاع البلاد التي لم يعد نعتها بالمافياوية محتشما بل هو بلسان فصيح...
وإذا كان القانون ضد الإخلال بالأخلاق الحميدة والسكر الواضح والتشويش بالطريق العام ومسك واستهلاك الزطلة.
فان القانون لا بد ان يكون رادعا لكل إخلال نتائجه وخيمة على البلاد والعباد...
هناك صفقات تمت في الرياضة بالمراكنة ولم نسجل في خصوصها ادنى متابعة...
والضجة التي أحدثها ملعب المنستير تم إخمادها دون تقديم أدنى دليل على «قانونيتها»... كما تم التطرق الى صفقة البروموسبور دون تبيان الأسود من الابيض...
ومن اشكال الفساد الرياضي ضخ المال العام في صناديق الاندية دون التثبت من مآل المال...
واذا تم تحديد النظام المحاسبي بمعايير فان كل المعايير لا تهمنا امام المعيار الهام وهو المتمثل في تخصيص نسبة 20 % من المال العام للتكوين القاعدي...
لو جرّبنا هذه المعيار وجعلناه شرطا تغيب فيه المحاباة وينتفي الرضوخ إلى الضغوطات فإننا نسدّ الباب امام مافيا الرياضة التي تاخذ باليمين لتغدق باليسار المال العام على مجموعة كوارجية نجد اهلها المنتفعين الوحيدين...
وما تمّ نعته بجرس الخطر شوقي الطبيب رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد في خصوص «تعايش تونس مع الفساد» لا يهم ما يصل من ملفات فحتى الرياضة لها «بارونات» و«مافيا»
فنحن لما نتحدث عن التهريب والتبييض تجدنا بعيدين عن الرياضة التي يخالها البعض المدينة الفاضلة... وهي المافيا بعينها...
وستبقى كذلك لما يبقى التعامل معها سطحيا... والحال ان الحل في ما هو عميق من اجور ترتفع كالسنة اللهيب... ولم نسجل في خصوصها ولو خطوة إصلاحية واحدة على مستوى التسقيف...
وهذا الارتفاع المهول بصدد تكريس الطبقية في البلاد... وهذا واقع يحتاج الى التحليل الاجتماعي والاقتصادي...
ولما نسجل تزايد الراغبين في تعاطي الكرة كباب من ابواب الثراء فان الامر يسير في اتجاه معاكس مع برنامج «استعيد مدرستي»
ومن توهموا التنظير للإصلاح فإنهم يتعاطون «الغوغائية» فلا هم اصلحوا ... ولا هم شغلوا ولا هم وفروا ذرّة حل...
وبادرة انصار النادي الافريقي في خصوص نظرائهم في الترجي يمكن ان تمثل منطلقا لتنقية اجواء الملاعب التي بها تقاس احوال البلدان...
ومن نسي نذكره بما مهدت له الرياضة ليوم «السقوط» في 14 جانفي 2011... فالرياضة كانت وراء دفع الناس الى الحديث المباح وفك عقدة اللسان...
واذا بادر الجمهور فعلى المسؤول ان ينخرط لإيقاف نزيف الشعارات المسيئة للجهات و ظاهرة العنف اللفظي والنزعة العدوانية في شعارات المشجعين على المدرجات.
و جرعة الحرية في الملاعب لا بد ان تتجاوز الحدود...
واذا يؤكد في هذا الصدد محمد الجويلي المدير العام للمرصد الوطني للشباب أن «الشعارات التي ترفع داخل الملاعب وما تتضمنه من تهجم على بعض جهات البلاد وترويج لشعارات سياسية ليست سوى تعبير عن مواقف عجز أصحابها عن الإفصاح بها في الفضاءات
الخاصة، ووجدوا في ملاعب الكرة فضاء رحبا لترويجها».
وهنا ياتي دور السياسي الذي يتلذذ بما يتلاحق من قذارة وهذا لا تأتيه الا «المافيا» وهو الفساد بعينه.
والفساد الرياضي بشكليه المعنوي والمادي سجلنا في خصوصه خطوة غير مسبوقة لتأسيس «تحالف دولي» ضد الفساد في الرياضة ومن الشخصيات المساهمة في توفير الحلول كوندوليزا رايس.
وقد اجتمع خبراء وشخصيات من منظمات لديهم قواسم مشتركة واهتمام بحماية مستقبل الرياضة ويمثلون 24 منظمة دولية، توافقوا على الحاجة لتأسيس تحالف دولي لا يتبع أي جهة يرسم خطوط المستقبل فيما يتعلق بالحوكمة والنزاهة في الرياضة والكرة العالمية.
وهذه المرة الأولى في تاريخ الرياضة العالمية التي يجتمع فيها مختلف الأطراف من أجل هدف واحد وهو حماية الرياضة من الفساد.
ولعل ما طال «الفيفا» من فضائح فساد وتبييض أموال وابتزاز وإساءة ائتمان وراء هذه الحملة...
املنا ان نرى المرصد الوطني للرياضة الذي قدم الدليل على انه سيخرج من السبات من خلال تنظيم ندوة حول الاكاديميات في كرة القدم يومي الجمعة والسبت 11 و12 نوفمبر بقمرت ان يكون مبادرا بفتح ملف الفساد الرياضي لان المسؤول الذي يهتم بالبهرج من خلال المسارعة بتجميل واجهة مكتبه او اقتناء الاثاث الجديد لا امل لنا في رؤيته في قطع خطوة «تطهيرية».
وحتى ننجح لا بد من فتح الملفات «الراكدة» في التفقدية العامة للرياضة فهناك مياه آسنة في حاجة إلى التطهير...
و للحديث بقية
مع تحيات الطاهر ساسي