في وقت سابق حتى يتسنى تجاوزها وتحقيق النتائج المرجوة... للأسف فالتقييم يعد عُملة نادرة ان لم تكن منعدمة في الكرة التونسية، والنكسات باتت متتالية ومتكررة.
في الثلاثين من نوفمبر الماضي أسدل الستار عن المشاركة السادسة للمنتخب الوطني لكرة القدم في نهائيات كأس العالم التي جرت بقطر بين 20 نوفمبر و18 ديسمبر ومنذ ذلك الحين والشارع الرياضي ينتظر ان تفي الجامعة التونسية لكرة القدم بوعودها في إجراء تقييم والجلوس إلى الإطار الفني لنسور قرطاج لكن بعد شهر تقريبا من نهاية المغامرة المونديالية لا يزال اهل القرار في المكتب الجامعي يواصلون سياسة ‹الصمت› المحير وكأن الأمر لا يتعلق بانسحاب مرير من الدور الاول ومشاركة كان بالامكان ان تكون افضل...
حتى لا يحجب فوز فرنسا النقائص
ظهر المنتخب الوطني في النسخة الثانية والعشرين من نهائيات كأس العالم بقطر بوجه مغاير،فالجولة الافتتاحية شهدت تألق عناصرنا الوطنية امام الدنمارك في لقاء انتهى بالتعادل السلبي قبل اداء مخيب في الجولة الثانية امام استراليا كانت نتيجته هزيمة مخيبة قبل انتصار الجولة الختامية ضد فرنسا وهو فوز لم يحل دون توديع السباق من دور المجموعات.
المؤسف ان التصريحات التي اتت من اهل القرار في الجامعة والاطار الفني بعد نهاية المشاركة تصب في خانة الاحتفاء بالمشاركة واعتبارها استثنائية بعد جمع 4 نقاط في ارفع حصيلة في المشاركات الستة منذ نسخة 1978 والى اليوم لا سيما الفوز على الديوك الفرنسية ابطال العالم نسخة روسيا 2018 ،وكأن هدف منتخبنا قبل دخول غمار المشاركة المونديالية كان هدفه الفوز على المنتخب الفرنسي وليس المرور الى الدور الثاني وهي عقدة ظلت ترافق المنتخب في مشاركاته في المونديال.
و اعتبر المدرب المساعد لنسور قرطاج علي بومنيجل ان المشاركة الأخيرة في نهائيات كأس العالم 2022 كانت الأفضل لتونس، مصرحا:›› لم نقبل إلا هدفا واحدا، والجماهير أثنت على الأداء، لكن عدم التأهل يبقى نقطة سوداء».
أما العضو الجامعي حسين جنيح فقد أشاد بدوره بالمشاركة في المونديال وقال في تصريحات إعلامية:»لقد استطاع المدرب جلال القادري جمع 4 نقاط مع منتخب تونس في كأس العالم 2022، ليعادل أفضل نتيجة لمنتخب تونس في النهائيات، بعد إنجاز الشتالي مع المنتخب في مونديال 1978، وهو حصاد جيد للغاية، لكن ننتظر الآن العودة إلى بلادنا لحسم عديد الملفات».
يبدو أن الفوز على المنتخب الفرنسي جاء بمثابة الشجرة التي ستحجب عديد النقائص التي رافقت المشاركة الأخيرة وجعل مسؤولي الجامعة و الإطار الفني يحتفون بالفوز على فرنسا وكأننا به كان بالنسبة إليهم تذكرة ضمان للنجاة من المحاسبة والتقييم.
وعود في مهب الريح
قبل شد الرحال الى العاصمة القطرية الدوحة، قال الناخب الوطني جلال القادري في تصريحات اعلامية ان هدفه قيادة المنتخب الوطني لبلوغ الدور الثاني للمونديال وفي صورة فشله في بلوغ ذلك تعهد ان يستقيل من منصبه لكن مر شهر تقريبا على اسدال الستار عن المشاركة في النهائيات العالمية ولم يلتزم الرجل بوعده او يبدو انه اعتبر بدوره ان الفوز على فرنسا ‹انجاز› كاف لينسي الجمهور خيبة الفشل في المرور الى الدور الثاني.
تجدر الإشارة إلى ان الجامعة التونسية لكرة القدم أكدت في وقت سابق انها ستجتمع مع جلال القادري في الأسبوع الثاني من شهر ديسمبر بعد ان ينال قسطا من الراحة اثر العودة من قطر من اجل الحسم في مصيره لكن أوشك شهر ديسمبر على النهاية وتنصلت الجامعة من وعودها السابقة.
الجامعة مطالبة بالوضوح والشفافية
منذ مدة أقدم المشرفون على الصفحة الرسمية للجامعة التونسية لكرة القدم على ‹فايسبوك› على حجب التعليقات وحظرها على الجمهور وكأننا بها خطوة لمنعه من الإدلاء بآرائه والتفاعل في المواضيع التي تهم المنتخب الوطني والمسابقات المحلية في سابقة تثير نقاط استفهام عديدة.ويبدو ان الجامعة لا تزال مصرة على عدم النزول من برجها العاجي وكأن شأن المنتخب الوطني من خصوصياتها ولا يهم الجمهور الرياضي ككل فالوضع كان يتطلب جلسة تقييمية للمشاركة في كأس العالم منذ مدة والحسم في مصير الإطار الفني لكن المكتب الجامعي مصر على مواصلة سياسة الصمت واللامبالاة. جل المنتخبات التي أنهت مشاركتها في نهائيات قطر ولا سيما تلك التي عجزت عن تحقيق الأهداف المرسومة بدأت في ضبط الخطوط العريضة لمستقبلها على المستوى القريب والمتوسط والبعيد أما جامعتنا فلا تزال تعيش على أطلال الفوز على فرنسا وغدا سنكون مقبلين على استحقاق جديد ورهان آخر وسيكون الفشل عنوانه الأبرز ما دام أهل القرار الجامعة لم يتعظوا من أخطاء الماضي ويكررون في كل مرة نفس الأخطاء وعوض البناء على الايجابيات وإصلاح السلبيات فنحن ندور في حلقة مفرغة أساسها اتخاذ أسهل القرارات وإخراج بعض الأسماء في حلة ‹كبش الفداء›.
الثابت ان الفشل في بلوغ الدور الثاني من المونديال لا يتحمل وزره المدرب الوطني جلال القادري والثابت أيضا أن إقالته أو استقالته لن تقطع مع الفشل ما دام المسؤولون يهتمون للأسف بظاهر الأمور ويهملون لب الموضوع.المنتخب الوطني هو دون شك ضحية منظومة كاملة تنطلق من رزنامة غير مدروسة وبنية تحتية متهالكة تمنع اللاعبين من إدراك الجاهزية المطلوبة فضلا عن قرارات متسرعة أضرّت بالبطولة على غرار تطبيق قانون اعتبار لاعبي شمال إفريقيا محليين في وقت رفضته الدول المجاورة لأنهم أدركوا أنهم سينعكس سلبا على مستوى لاعبيهم....
بعد مرور شهر على نهاية المشاركة في المونديال وعدم حصول التقييم: متى ستقطع الجامعة مع سياسة «الصمت» و«اللامبالاة»؟
- بقلم سلاف الحمروني
- 10:19 29/12/2022
- 806 عدد المشاهدات
لا يمكن أن تطرق باب النجاح إذا لم تتعظ من أخطاء الماضي، وتتطلب هذه الخطوة تقييما دقيقا وموضوعيا للأسباب التي أدت إلى تجرع مرارة الفشل