بل كان يكتب الفصل التالي في سلسلة عنوانها «بانينكا» والتي بدأ تاريخها قبل 22 عام من مولده.
«إما عبقري أو مجنون» بين الاثنين خط رفيع جدا في التاريخ فالكثير من أصحاب الأفكار العبقرية اتهموا بالجنون أما الكلمات السابقة فاستخدمها أسطورة كرة القدم بيليه لوصف لاعب الوسط التشيكي «أنتونين بانينكا» بعد إحرازه ركلة الترجيح الحاسمة في نهائي بطولة أمم أوروبا 1976 بالطريقة التي أصبحت تحمل اسمه إلى يومنا هذا.
حكيمي كان أحدث الإضافات إلى قائمة العباقرة الموندياليين النجوم الذين لم يهابوا التحدي واحتفظوا بهدوء أعصابهم في مواجهة لحظات الحسم ليسيروا على خطى «بانينكا» ويزوروا الشباك عبر ركلة الجزاء التي يخادع بها اللاعب حارس المرمى موهما إياه أنه على وشك التسديد بقوة لكنه عوضا عن ذلك يغرف الكرة بهدوء من أسفلها نحو منتصف المرمى بانينكا نفسه أحرز هدفين من نقطة الجزاء في كأس العالم إسبانيا 1982 لكن المفارقة أنه لم يستخدم الطريقة التي ابتكرها بنفسه لتسجيل هدفيه أمام الكويت وفرنسا.
وعرض موقع الاتحاد الدولي لكرة القدم «الفيفا» تاريخ تنفيذ «بانينكا» في مختلف نسخ كأس العالم والتي كان أخرها الموقعة بأسم لاعب باريس سان جيرمان والمنتخب المغربي أشرف حكيمي.
1990 - بيليك على خطى مواطنه ولكن..
أول من قرر استجلاب إرث «بانينكا» من اليورو إلى كأس العالم كان مواطنه ميشال بيليك في افتتاح مباريات تشيكوسلوفاكيا في كأس العالم إيطاليا 1990 المباراة أمام المنتخب الأمريكي كانت قد حسمت برباعية حينما أتيحت الفرصة للاعب الوسط لتكرار ما فعله بانينكا لكن الحارس الأمريكي توني ميولا لم ينخدع بمحاولة بيليك ونجح في التصدي لها بكل هدوء وكانت تلك أول وآخر بانينكا نراها في المونديال في القرن العشرين.
2006 - ألمانيا تشهد عودة الـ»بانينكا» بقوة
دييغو مارادونا في نابولي 1990 إضاعة ستيوارت بيرس أمام ألمانيا الغربية في اليوم التالي حسرة روبرتو باجيو في نهائي 1994..تلك بعض من أشهر ركلات الجزاء في تاريخ كأس العالم لكن أشهرها على الإطلاق كانت تلك التي كاد يضيعها زين الدين زيدان في نهائي ألمانيا 2006 أمام الحارس الأسطوري جيانلويجي بوفون.
في آخر مبارياته قبل الاعتزال وفي أصعب اللحظات احتفظ زيزو بهدوئه ليعيد الـ»بانينكا» إلى واجهة المونديال بركلة جزاء اصطدمت بأسفل العارضة وتجاوزت خط المرمى لكنها لم تكن كافية لتحقيق الفوز حيث أن الذكرى الخالدة للنجم الفرنسي في تلك المباراة كانت الطرد الذي حصل عليه بعد تلك الحادثة المثيرة للجدل مع ماركو ماتيرازي الذي توج باللقب حارما زيدان من إنهاء مسيرته بطلاً للعالم.
زيدان لم يكن أول من نفذ البانينكا بنجاح في ألمانيا 2006 فقبلها بأيام واجهت أوكرانيا سويسرا وحارسها باسكال زوبيربوهلر الذي لم يستقبل أي هدف في تلك البطولة وبعد التعادل السلبي احتكم المنتخبان إلى ركلات الترجيح التي أضاع أسطورة أوكرانيا أندريه شيفشنكو أولها أم البديل أرتيم ميلفسكي لم يفكر في الضغوطات وتقدم بكل أناقة ليسجل بانينكا ساعدت الأوكرانيين في الوصول إلى ربع النهائي لأول مرة في تاريخهم.
2010 - «المجنون» أبرو يزيد من حسرة غانا
عندما يأتي ذكر مباراة الأوروغواي وغانا في كأس العالم جنوب إفريقيا 2010 فإن ركلة الجزاء التي يتذكرها الجميع هي تلك التي أضاعها الغاني أسامواه جيان بعد لحظة من الجنون أو العبقرية أو الخداع من لويس سواريز لكن الواقع هو أن الركلة التي حسمت تلك المباراة الدراماتيكية سجلها التاريخ باسم سباستيان أبرو.
المهاجم الملقب بـ»إل لوكو» أو المجنون دخل بديلا لإدينسون كافاني وأوكلت له مهمة تنفيذ ركلة الجزاء الترجيحية الحاسمة أبرو لم يكن الأشهر ولا الأفضل في تاريخ الأوروغواي لكن في تلك اللحظة التي نفذ فيها البانينكا كان اللاعب الأحب إلى قلوب جمهور السيليستي وأثبت أن الجنون وجه آخر للعبقرية.
2018 البانينكا تنهي مغامرة أصحاب الأرض
تأهل الدولة المستضيفة إلى ربع نهائي كأس العالم روسيا 2018 كان مفاجئا للكثيرين لكن رحلتهم كان من الممكن أن تذهب إلى أبعد من ذلك بعد أن تعادلوا مع منتخب كرواتيا بنتيجة 2-2 لتذهب المباراة إلى ركلات الترجيح البديل فيودور سمولوف لن يتذكر تلك الليلة في سوتشي بسعادة فمحاولته لتنفيذ البانينكا في أولى ركلات الترجيح باءت بالفشل ليتصدى لها الحارس دانيل سوباسيتش تلك اللحظة كانت عنوانا لما بعدها فأخفق زميله ماريو فيرنانديز في التسجيل أيضا ليتأهل الكروات إلى نصف النهائي على حساب أصحاب الأرض.
2022 - «المدريدي» حكيمي يقتل آمال إسبانيا
لم يكن المغاربة أصحاب الأرض في 2022 لكن الأجواء الجماهيرية في قطر لم تكن مختلفة عما هو الحال عليه في الرباط أو الدار البيضاء عندما واجه أسود الأطلس جيرانهم الإسبان أحد أقوى المرشحين للبطولة 120 دقيقة من القتال على كل كرة أعلنت نهاية المواجهة دون أهداف. سجل الإسبان المتواضع في ركلات الترجيح استمر بإضاعتهم للركلات الثلاث الأولى بينما سجل عبدالحميد صابيري وحكيم زياش اثنتين من المحاولات الثلاث الأولى للمغرب. سيناريوهات كرة القدم منحت ركلة الحسم لأشرف حكيمي المولود في العاصمة الإسبانية مدريد ولم يتردد الظهير الأيمن في صناعة التاريخ المغربي على طريقة بانينكا معلنا أول وصول لأسود الأطلس إلى ربع النهائي عبر تقليد كروي لا يجرؤ على تكراره إلا القلة من العباقرة الذين أثبت حكيمي أنه ينتمي إليهم.
بعد نجح حكيمي في ضربة الجزاء: «الفيفا» يستعرض تاريخ الـ«بانينكا» في كأس العالـم
- بقلم المغرب
- 11:33 10/12/2022
- 704 عدد المشاهدات
عندما قرر الظهير المغربي أشرف حكيمي بكل هدوء أن ينفذ ضربة الجزاء الحاسمة أمام منتخب إسبانيا بتلك الطريقة لم يكن يكتب تاريخا جديدا لبلاده فحسب