انطلقت امس الفعاليات الرسمية للدورة الـ18 للقمة الفرنكوفونية التي يحضرها ممثلون عن 90 دولة لمناقشة قضايا ترتبط بالتعاون الاقتصادي والاقتصاد الرقمي والتعليم والتغير المناخي وحقوق الإنسان والديمقراطية. ومن بين الضيوف المشاركين فيها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو ورئيسة المنظمة لويز موشيكيوابو. وقد حضر 31 من رؤساء ورؤساء الحكومات فضلا عن 37 وزيرا وممثلين عن منظمات دولية كذلك عن المجتمع المدني.
وتعلق بلادنا آمالا عريضة على هذه القمة من أجل بناء شراكات جديدة تساعد تونس على الخروج من ازمتها الاقتصادية الخانقة . وقد بذلت الدبلوماسية التونسية جهودا حثيثة لجعل هذا الموعد استثنائيا لبلادنا على مختلف الوجهات . ولم يكن اختيار جزيرة جربة الحالمة اعتباطيا بل هو يدخل في اطار التسويق الدبلوماسي والسياحي والثقافي لوجه تونس المنفتح والحاضن لمختلف الحساسيات الدينية والمذهبية . وكان الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة الحاضر الأبرز في الكلمات الافتتاحية لأبرز المشاركين حيث اكدت رئيسة المنظمة لويز موشيكيوابو بأن بورقيبة كان سابقا لعصره ومؤمنا بقيم التسامح والانفتاح الثقافي ، في حين وجّه الوزير الأول الأرميني تحية لروح الزعيم الراحل وقال نودّ ان نقدم اعترافنا للرئيس الحبيب بورقيبة أحد الآباء المؤسسين للمنظمة الفرنكوفونية».
تونس تستلم رئاسة القمة
وقد استلم امس رئيس الجمهورية قيس سعيد رسميا رئاسة المنظمة لعامين بعد استلامها من الوزير الأول الأرميني. واكد في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية للقمة أن «انعقاد هذه القمة ثمرة عمل جماعي متواصل بإرادة صلبة لتنظيمها في أفضل الظروف وإنجاحها لنصل لنتائج ملموسة وفعلية».
وتابع: «رغم كل العراقيل وكل التغيرات فإن تونس كانت وفية لالتزاماتها بانعقاد القمة».
وأضاف سعيد أن «عقد القمة تم في ظروف صعبة لأسباب عديدة خاصة وسط سعي البعض من أجل إلغائها لتنظيمها في مكان آخر، ولكن ها نحن اليوم نجتمع في جربة». وأضاف: «ليست لنا اي عقدة من اللغات الاجنبية».
وقال «علينا أن نحلم بعالم أفضل من أجل الإنسانية جمعاء عالم مبني على العدالة والحريّة والمثل العليا التي نحن مدعوون لنقاسمها مع الإنسانية جمعاء». وتابع «إذا نجحنا في جربة.. في التعرف إلى مشاكلنا والتغلب عليها فالجميع سيخرج منتصرين». واضاف أنه «تم اختيار جزيرة جربة لتحتضن هذه التظاهرة وليس تونس العاصمة، لجمالها ولكونها معروفة في العالم بأنها جزيرة الأحلام».
وأضاف: «نحن واعون جميعا اليوم بالتغيرات التي تحدث في العالم بأسره كما لو ان الالفية الثالثة بدأت سنة 2022 وليست سنة 2000 وأضاف :«ورغم كل العراقيل وكل التغيرات فان تونس قامت بالتزاماتها». وأضاف: «ان الموضوع الذي اخترناه للقمة هو الرقمنة لأنها عنصر هام في تعزيز التنمية والتضامن في الفضاء الفرنكوفوني وقال ان هذا الموضوع يفسر أهداف القمة من أجل عالم افضل للانسانية جمعاء ومن أجل تنمية كونية تعتمد على العدالة والحرية وعلى المثل العليا التي نحن مدعوون لتقاسمها جميعا على مستوى الكرة الأرضية جمعاء».
وقال ان في قاموسه الفرنسي المفضل “le littré” لا يوجد لفظ «الفرنكوفونية»، مضيفا بأن هذا اللفظ لم يظهر الا في نهاية القرن الـ19 عصر تجسيد تحرّر الشعوب والعدالة.
وأضاف «ليست لنا أي عقدة تتعلق باللغات الأجنبية ابن لخلدون الجاحظ وغيرهم من كبار المفكرين والفلاسفة وعلماء الاجتماع العرب تحدثوا عن اللغات وعن مساهمة كل لغة مع اللغة الأخرى في أي تجمع انساني فمسالة اللغة والفكر تبقى دائما مرتبطة بالتفكير والأفكار .
رئيس الوزراء الأرميني يدعو لنظام عالمي يحترم سيادة الدول
من جهته، اكد رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان، أنه «أمام تعدد الأزمات نحيي التزام الفرنكوفونية من أجل نظام عالمي يعتمد على قواعد تحترم سيادة الدول». وأشار إلى أن العالم يعيش وضعا استثنائيا وحروبا ما أسفر عن انعكاسات على التزود بالطاقة دولياً.
وقال : «أود ان أشكر الرئيس قيس سعيد والشعب التونسي على تنظيم هذا اللقاء الهام وهذه القمة الأولى لتونس». وأضاف :«اربع سنوات مضت منذ القمة الاخيرة في يريفان وهي فترة طويلة استثنائية لكن جمهورية أرمينيا تعهدت بتحمل كل المسؤوليات، وقال حاولنا اعطاء وجه جديد للفرنكوفونية وان نجعل من منظمة الفرنكوفونية منفتحة تماما نحو المستقبل وقال :«وأمام التحديات الدولية مثل التغيرات المناخية وغيرها علينا ان نعطي الأفضلية للتعاون بين الدول والبلدان بالتركيز على مبدأ التضامن. وقال :»ويجب ان تركز البرامج والمبادرات على البلدان التي تشكو الهشاشة وضرورة تطوير احترام حقوق الانسان والمساواة والتنوع الثقافي . ونحن نحيي التزام الفرنكوفونية من أجل نظام عالمي يعتمد على قواعد تحترم سيادة الدول . وقال :»في الأزمنة الأخيرة من سوء الحظ ان مبدأ ميثاق الأمم المتحدة وخاصة عدم استخدام القوة ضد السيادة الترابية للدول تم خرقه تدريجيا وقال ان احتلال أذربيجان لأجزاء من أرمينيا هو تجسيد لهذا المنطق . وأمام التهديدات الجديدة ننتظر من المجتمع الدولي ان يعطي تقييمه الملائم أمام الوضع الذي نعيشه في بلادنا».
تحديات في الفضاء الفرنكوفوني
لويز موشيكيوابو الأمينة العامة للمنظمة الدولية للفرنكوفونية قالت في كلمتها :«الراحل بورقيبة كان سابقا لعصره ومؤمنا بأهمية سياسة تبادل الثقافة وملتزم بتعليم اللغات ومكانة المرأة داخل المجتمع» وشددت على ان المنظمة الدولية للفرنكوفونية هي آلة ممتازة للتقارب بين الشعوب».
وقالت لويز موشيكيوابو على أنها ومنذ ترأسها المنظمة في جانفي 2019 لاحظت أنه أصبح مهما تطوير عمل المنظمة حنى تكون ذات وجاهة في عالم متعدد الاقطاب لمواجهة التحديات العالمية، مضيفة إن السكان فقدوا كل ثقة في تعدد الاطراف سواء الأمر كان يتعلق بالبيئة أو الاغذية والتطور التكنولوجي أو المساواة بين الرجل والمرأة.
وأكدت موشيكيوابو أن منظمة الفرنكوفونية نظمت عديد المشاريع في عديد المناسبات لكن التأثير كان ضعيفا، مؤكدة أن المنظمة كانت بحاجة لتجديد نفسها لتأتي بأجوبة أكثر ملائمة وكان عليها أن تعدل تدخلاتها عبر ميزانيتها الضعيفة وأن تكون حاضرة على المكان وتنمي مشروعيتها على المستوى الدولي .
يشار الى ان أشغال القمة تتواصل على مدى يومين حيث يعقد اليوم الاحد المنتدى الاقتصادي للفرنكوفونية وتختتم أشغاله يوم غد الاثنين. وتسعى تونس إلى أن تكون هذه القمة التي تنعقد لأول مرة خارج العاصمة منعطفا في تاريخ الفرنكوفونية وقفزة نوعية في المشروع الفرنكوفوني، تستجيب لمتطلبات الشعوب ولتطلعاتها إلى التنمية والتشغيل والرخاء.
في افتتاح الدورة الـ 18 للقمة الفرنكوفونية : بورقيبة الحاضر الغائب ...ودعوات إلى نظام عالمي يحترم سيادة الدول
- بقلم روعة قاسم
- 10:04 21/11/2022
- 677 عدد المشاهدات
• قيس سعيد : نأمل في أن تحقق القمة نتائج ملموسة من أجل تنمية مشتركة