فقد أظهرت معطيات البنك المركزي نموا ضئيلا في تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر بنسبة 12% ليصل إلى عتبة 1.4 مليار دينار خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الحالي.
لاتزال تدفقات الاستثمار الأجنبي ضعيفة وهشة وفي فجوة مع النتائج المسجلة خلال سنوات 2018 و 2019 ،فالنتائج المسجلة إلى حدود أوت المنقضي تظهر تأخرا في قيمة الاستثمارات على الرغم من النمو المسجل مقارنة بسنتي 2020و2021 ،فإن الفارق لايزال قائما مقارنة بسنة 2018 و2019.
ولئن سجل الاستثمار الأجنبي المباشر نموا خلال العام المنقضي ،فإنه لا يعكس نسق النمو المسجل في العالم أوفي إفريقيا ، فقد ذكر مجلس التجارة والتنمية التابع للأمم المتحدة أن تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر قد تعافت في العام الماضي إلى مستويات ما قبل الوباء لتصل إلى ما يقرب من 1.6 تريليون دولار، إلا انه ذكر بان الآفاق تبدو ضبابية وتتسم بعدم اليقين.
وبلغت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى إفريقيا 83 مليار دولار وهو ما اعتبرته الاونكتاد مستوى قياسي بعد أن كان العام 2020 قد سجل 39 مليار دولار فقط، وتتمثل حصة إفريقيا من الاستثمار الأجنبي العالمي 5.2 % ولم يكن الانتعاش متساو في اجزاء القارة فشمال افريقيا كانت الاقل حظا فيما كانت التدفقات كبيرة في جنوب القارة وشرقها وغربها. بلغ حجم الاستثمارات الاجنبية في تونس في العام 2021 قيمة 660 مليون دولار.
وكانت الدول الصناعية هي المستفيد الأكبر من التعافي، حيث ارتفع الاستثمار الأجنبي بـ 134 % عن 2020. أما تدفقات الاستثمارات في الدول النامية فكانت أعلى بنحو 30 % فقط عن 2020.
كما لا تزال تدفقات الاستثمار الأجنبي دون التطلعات وذلك أمام تواصل حالة عدم اليقين لدى المستثمرين إزاء الجائحة وتداعيتها علاوة على مناخ الأعمال الهش الذي تشهده للبلاد ،حيث تؤكد المعطيات الرسمية تدحرج الاستثمارات الخارجية خلال العام المنقضي للسنة الرابعة على التوالي ،حيث تراجعت بنسبة 34.5 % بين 2018 و2021 ليبلغ 1844.8 مليون دينار مع نهاية السنة المنقضية وهي نتيجة بعيدة عن التوقعات المتفائلة التي ذكرها الميزان الاقتصادي والذي تطلع إلى تعبئة 2300 مليون دينار بعنوان الاستثمارات الخارجية المباشرة.
جدير بالذكر أن الميزان الاقتصادي لسنة 2022 قد تضمن خطة إصلاح ترتكز على تطوير الإطار التشريعي والمؤسساتي لمناخ الأعمال وتيسير النفاذ إلى السوق ودعم مسار الانتقال الرقمي للمعاملات بين الإدارة والمؤسسات وتبسيط الإجراءات ودفع الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص وحسن استغلال الفرص الاستثمارية التي أفرزتها جائحة كوفيد 19 وذلك بالتوازي مع تقليص مخاطرها على النسيج المؤسساتي وخاصة منها المؤسسات الصغرى والمتوسطة والتي تمثل النسبة الأكبر من النسيج الاقتصادي بالبلاد إلى جانب مواصلة تعصير خدمات النقل واللوجيستية والبنية الأساسية والتكنولوجية وتأهيل الموارد البشرية وملائمة اختصاصاتها مع متطلبات السوق.