حراسة المرمى في تونس: بين ماض زاهر وحاضر يطرح عديد نقاط الاستفهام

في قاموس كرة القدم يحتل حارس المرمى 50 % من قيمة الفريق ،إذا كان في أوج عطائه فهو قادر على قيادة الفريق لتحقيق أفضل

النتائج اما إذا تراجع أداؤه ومر بفترة فراغ فهو يجر ناديه إلى تكبّد هزائم ثقيلة ...لذلك ليس من الغريب ان الأندية تنفق أموالا طائلة لانتداب حراس مرمى قادرين على تقديم الإضافة المنتظرة حيث باتت تبحث عن ‹البضاعة› الجاهزة بدلا من الاعتماد على إنتاجها من مراكز التكوين حيث يجب عليها ان تتحلى بكثير من الصبر حتى ينهلوا من بحور الخبرة.
في سنوات مضت نجح عديد حراس المرمى في تونس في ترك بصمتهم في الشارع الرياضي وتغنى بهم الجمهور لفترة طويلة :المختار النايلي ،احمد بورشادة ،الصادق ساسي ‹عتوقة›،بوبكر الزيتوني وشكري الواعر وغيرهم من حراس كتبوا أسماءهم بأحرف من ذهب في تاريخ الرياضة التونسية ...لكن في السنوات الاخيرة يمكن القول إن حراس المرمى الممتازين باتوا عملة نادرة وتجلى الأمر خاصة في مردود المنتخب الوطني في كأس العالم بروسيا 2018.
الواعر و«عتوقة» من بين أفضل الحراس في إفريقيا
في شهر ماي الماضي نشر موقع ‹افريك ماغ› قائمة تضمنت أفضل 20 حارسا في تاريخ القارة السمراء وضمت القائمة حارسين تونسيين حيث حل الحارس الدولي السابق شكري الواعر في المرتبة العاشرة في حين سجّل الحارس الدولي السابق الصادق ساسي ‹عتوقة› حضوره في المركز الثالث عشر.
وشغل ‹عتوقة› حراسة مرمى المنتخب الوطني لمدة 15 سنة كاملة وحطم عدة أرقام قياسية مع نسور قرطاج بخوض 116 مباراة من بينها 92 مباراة كاملة و22 مباراة دخل فيها أثناء اللعب،ومباراتان فقط جلس فيهما على بنك البدلاء.
ولم تخل مسيرته مع الفرق من الأرقام القياسية،415 مباراة :335 منها في البطولة منها 199 لقاء متتاليا دون ان يتم تعويضه من أكتوبر 1966 إلى جوان 1974.أما في الكأس فقد شارك في 66 مباراة إضافة إلى 14 لقاء في الكأس المغاربية للأندية البطلة.
وبدأ شكري الواعر مسيرته في الترجي الرياضي كحارس اول لفريق الأكابر في موسم 1991-1992 ثم انتقل إلى جنوة الإيطالي في 2001 وعاد بعد ذلك للترجي مرة أخرى.حقق مع فريق باب سويقة 10 بطولات محلية و4 بطولات لكأس تونس اضافة الى 4 كؤوس قارية وكأس افروآسياوية، وشارك مع نسور قرطاج في كأس العالم 1998.
والواعر هو من قال عنه عصام الحضري حارس الفراعنة المخضرم:»هو أسطورة القارة الإفريقية الذي كنت أتعلم منه...»
ورغم ان التصنيف المذكور اكتفى باسمي الواعر و›عتوقة› فإن ذاكرة كرة القدم التونسية لا تخلو من حراس مرمى متميزين سجلوا سماءهم بأحرف ذهبية على غرار المختار النايلي حارس منتخب 1978 الذي دخل التاريخ بمشاركته في كأس العالم في عمر الخامسة والعشرين في تلك السنة... وعوض النايلي حينها الصادق ساسي ‹عتوقة›.
ولايمكن أن نمر مرور الكرام دون أن نذكر علي بومنيجل الذي سجل رقما فريدا بمشاركته في 3 كؤوس عالمية وذلك في مونديال فرنسا 1998 وكأس العالم كوريا واليابان 2002 وآخرها نهائيات كأس العالم المانيا 2006.
تألق في أمس وأخطاء كارثية اليوم ...
خلال مشاركاته الأخيرة عالميا وقاريا، يتذكر الشارع الرياضي ان المنتخب الوطني دفع ضريبة الأخطاء الكارثية لحراس مرماه سواء في كأس العالم بروسيا 2018 او في نهائيات كاس أمم إفريقيا بمصر في صائفة 2019 ...
في ‘كان’ مصر السنة الماضية على وجه الخصوص ،تحولت أخطاء حراس مرمى منتخب نسور قرطاج إلى مادة للسخرية في وسائل التواصل الاجتماعي خاصة بعد أن استقبلت الشباك اهدافا سهلة وبطريقة غريبة جعلت الجمهور يتحسر على حراس أفذاذ حرسوا عرين المنتخب على غرار الصادق ساسي ‘عتوقة’ والمختار النايلي واحمد بورشادة وشكري الواعر....
وأثبتت البطولة الإفريقية في مصر، عمق الأزمة التي تمر بها الكرة التونسية بمركز حراسة المرمى الذي تحول إلى حقل تجارب للمدرب الفرنسي ألان جيريس لعدم قناعاته بالحراس الثلاثة وهو ما بدا واضحا حين أشرك ثلاثة حراس في سبع مباريات، فبدأ بالحارس فاروق بن مصطفى، ثم معز حسن وأخيرا معز بن شريفية، والمفارقة أن ثلاثتهم ارتكبوا أخطاء قاتلة تسببت بأضرار متباينة على نسور قرطاج الذين يمكن القول انهم كانوا محظوظين ببلوغ المربع الذهبي قياسا بالأخطاء الكبيرة التي ارتكبها حراس المرمى.
وكشفت النهائيات الإفريقية وجود ازمة تعانيها حراسة المرمى في تونس رغم بعض مظاهر التألق الخاطفة إلا أن الوضع يتطلب المعالجة خاصة ان هذه الأزمة كانت من تداعيات بعض القرارات التي اتخذتها سابقا الجامعة التونسية لكرة القدم في وقت سابق وهي منح الضوء الأخضر للفرق للاستفادة من الحراس الأجانب مما اثر على العمل القاعدي في انتاج حراس مرمى جدد...
في الفترة الحالية يمكن القول إن الحراس المميزين في المشهد الكروي في تونس يعدون على أصابع اليد وبعضهم تقدم في العمر وبات يقترب من عتبة الاعتزال على غرار خميس الثامري. ومن بين الأسماء المميزة نجد معز بن شريفية حارس الترجي وعلي القلعي حارس هلال الشابة وفاروق بن مصطفى حارس الشباب السعودي سابقا والذي انتقل في الميركاتو الصيفي الى فريق باب سويقة.
الثابت أن هيئة الترجي ارتأت ان مراهنة الفريق على اكثر من واجهة محليا وقاريا تتطلب الاستعانة بحارس مرمى إضافي خاصة ان مردود معز بن شريفية يتأرجح بين التألق والتراجع.وبات الترجي حاليا يملك اثنين من الحراس الثلاث للمنتخب الوطني ولكن اثر مشاركته في المباراة الثانية في البطولة تعرض بن مصطفى لاصابة اجبرته على الراحة لأكثر من شهر.
وتعاني الكرة التونسية دون شك من ازمة حراسة مرمى اصبحت بارزة للعيان في الفترة الحالية ويبدو ان مركز حراسة المرمى على غرار المهاجمين وصانعي اللعب لا تبرز عناصرها الممتازة إلا في فترات معينة واحيانا متباعدة إذ يجب علينا الانتظار سنوات لظهور حارس مرمى متميز قادر على تذكير الجمهور الرياضي في الأسماء الخالدة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115