ملاكمة : وترّجل ملك الحلبة ... الحكم والقاضي الدولي في رياضة الملاكمة نور الدين عدالة، في ذمة الله

• تجاهلوه وهو حي و لم يكلفوا أنفسهم الحضور لدقائق لتوديعه كاعتراف بالجميل لما قدمه لتونس

فقدت الساحة الرياضية التونسية مع نهاية الأسبوع الحالي أحد أشهر حكام رياضة الملاكمة الحكم والقاضي الدولي نور الدين عدالة عن سن ناهز الـ81 سنة بعد صراع مع المرض
ويمثل الراحل الجيل الذهبي للتحكيم التونسي خاصة في سنوات السبعينات والثمانينات وحتى التسعينات وهو أحد الحكام الذين ساهموا في تشريف الراية الوطنية في مختلف المحافل الدولية.

مسيرة حافلة بالإنجازات
كانت بدايات الراحل مع عالم الفن النبيل كملاكم ثم كمدرب بعد حصوله على شهادة من المعهد الأعلى للتربية البدنية بقصر السعيد وظل مرافقا للمنتخب الوطني طيلة سنوات.
لم يكن ذلك الشاب المفعم بحب للملاكمة يعلم أنه سيصبح واحدا من أشهر الحكام العرب و الأفارقة وسيدّون اسمه في سجلات الملاكمة التونسية و الرياضة العالمية بأحرف من ذهب. قضى نور الدين عدالة أكثر من أربعين سنة في عالم التحكيم وقد صال وجال على الحلبات العالمية و عُرف بحزمه و شدّته و قراراته الحاسمة التي جعلت منه حديث كل الساحات والقاعات و أصبح يهابه الملاكمون كلما وطأت قدماه الحلبة.

أصبح الراحل رقما صعبا في مسيرته بعد أن أدار جلّ البطولات الكبرى فقد قام بتحكيم ثلاث دورات أولمبياد وهو رقم لم يحققه أي حكم تقريبا في العالم كما سجّل حضوره بعديد بطولات العالم والبطولات الإقليمية والدورات الكبرى منها العسكرية ولكن السمة التي طبعت نور الدين عدالة هي أنه كان حكما للاحتراف وقام بإدارة نزالات عالمية كان أشهرها نزال القرن بين محمد علي كلاي و جورج فورمان. نظرا لإقتداره و كفاءته العالية فقد تم ضمه لعديد الهياكل وعمل كخبير لدى اللجنة الأولمبية الدولية و عضو بلجنة الحكام الدولية التابعة للأيبا، رئيس لجنة التحكيم الإفريقية و رئيس للجنة التحكيم الوطنية، كما قام بالتكوين وتخرج على يديه عديد الحكام والقضاة الدوليين.

اللحظة الفارقة ... اختياره ضمن طاقم تحكيم نزال القرن بين محمد علي كلاي وجورج فورمان
الشهرة الواسعة التي اكتسبها الحكم الدولي الراحل نور الدين عدالة والتي جعلته محل متابعة من جميع هياكل الملاكمة الدولية، دفعت لجنة تنظيم نزال القرن الذي جمع أسطورتي الوزن الثقيل محمد علي كلاي و جورج فورمان سنة 1974 و الذي احتضنته كنشاسا عاصمة الزائير سابقا والكونغو الديمقراطية حاليا لإختياره ضمن الطاقم الرئيسي للنزال كقاض وصادقت رابطة الملاكمة العالمية WBA والمجلس العالمي للملاكمة WBC على هذا الإختيار نظرا لكفاءة الحكم التونسي ولما يحمله من سمعة جيدة في الأوساط الرياضية جعلته يحظى بهذا التشريف للعرب و لإفريقيا. من المفارقات العجيبة أن الراحل لم يتحصل على مستحقاته المالية من النزال التي قاربت العشرين ألف دولار، بل و أهدى الزعيم بورقيبة قفازي الأسطورة محمد علي واللذين لو بقيا عنده لباعهها بالمزاد العلني بمئات الألاف من الدولارات... ولكن أفريقيا تظل أفريقيا و لم يخرج المرحوم من نزال كلاي بغير بعض المقالات بالصحف و ثمن تذكرة السفر فقط.

فقد ساقه وحلم بساق اصطناعية ولكن ظل ذلك مجرد وعود
أسطورة التحكيم التونسي نور الدين عدالة ظل يحلم بتركيب ساق اصطناعية عوض تلك التي رحلت عنه منذ سنوات بسبب المرض ورغم الدعوات (كنا تطرقنا لهذا الملف منذ اسبوعين) ولكن لم تشفع له انجازاته و ما حققه من أن يحظى ببعض الاعتراف بالجميل فرحل دون أن يستطيع العودة لحياته الطبيعية و ظل قابعا على كرسي متحرك ولكنه ظل عزيز النفس والروح إلى أن غادر هذه الحياة ولم يتحقق حلمه ولم يحرك أهل القرار ساكنا لأنهم لا يملكون القرار. نور الدين عدالة سيبقى رغم أنف أهل الرياضة و الملاكمة في تونس الذين تجاهلوها قمة من قمم التحكيم التونسي والعالمي، لم يأخذ حظه ولم يتم الإستنجاد به كخبير تحكيمي ولكنه سيظل علامة من العلامات الفارقة في تاريخ الرياضة التونسية والملاكمة العالمية.

تجاهل متواصل
عدم الاستجابة لمطلب احد ابرز أبطال تونس على امتداد سنوات بتمكينه من ساق اصطناعية في وقت تهدر فيه الأموال في السيارات الفاخرة و الإقامة في نزل من 5 نجوم و المنح ... و غيرها من الامتيازات على مسؤولين و رياضيين كل ما قدموه مشاركات فاشلة في مختلف الاختصاصات باستثناء البعض تزامن مع تواصل التجاهل في جنازة حظرها عدد قليل من أهل الملاكمة و غاب عنها من يمثل وزارة الرياضة أو اللجنة الأولمبية التونسية أو حتى الجامعة بما يجعلنا نتفهم سر هجرة رياضيين و خاصة الرياضات الفردية إلى ارويا و الخليج حيث يجدون ما تعجز على توفيره تونس.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115