الرياضة الميكانيكية من الريادة إلى الاندثار: محاولات لتصحيح المسار و مشروع ب 500 مليون دولار لـم يرى النور

• المغرب و دول الخليج تفتك الريادة
تتالي المواعيد الرياضية و خاصة منها المتعلقة بالرياضات ذات الشعبية على غرار كرة القدم و اليد و السلة

إضافة إلى بعض الرياضات الأخرى الجماعية منها و الفردية جعل الاهتمام ببعض الاختصاصات التي تعيش على وقع تتالي الأزمات التي أدت يبعضها للاندثار رغم ما أطلقه المشرفين عليها من صيحات فزع يقل إن لم نقل ينعدم لتقلب جائحة كورونا الموازين بعد توقف جميع الأنشطة و تمنحنا الفرصة لمراجعة الحسابات و نفض الغبار ورد الاعتبار لبعض الأسماء التي كانت وراء التعريف بالرياضة التونسية خارج حدود الوطن.

فرصة قد لا تتكرر كثيرا دفعتنا في أعدادنا السابقة لفتح ملف رياضة الفن النبيل الملاكمة التي كانت سباقة في إهداء تونس أول بطولة عالمية في تاريخها حملت توقيع يونغ بيراز وكذلك أول ميدالية اولمبية بقفاز حبيب قلحية , ليتواصل نبشنا في الماضي بالاتصال ببعض من أهل الاختصاص إلى مفاجئات بالجملة لرياضات كانت فيها تونس سباقة على الصعيد العربي و الإفريقي و الأسيوي قبل أن تنقلب الموازين بتراجعها تدريجيا في تونس إلى غاية الاندثار مقابل قفزة نوعية في بعض دول شمال إفريقيا و خاصة المغرب و تطور كبير في بقية الدول العربية و تحديدا منها الخليجية و هنا نفتح الأبواب للحديث عن الرياضة الميكانيكية التي يعود تاريخا في تونس إلى 1928 كما لا يدركها العديد.
جائزة تونس الكبرى للسيارات 1928 _1955

ضربة البداية مع الرياضات الميكانيكية و تحديدا سباقات السيارات على الأراضي التونسية تعود تقريبا إلى القرن الماضي وتحديدا إلى سنة 1928 مع احد اكبر المسابقات في العالم التي تحولت منتصف التسعينات إلى مسابقة الفورميلان 1 و هي مسابقة جائزة تونس الكبرى أو Grand Prix automobile de Tunisie)‏ لتستمر إلى غاية 1955.

البداية من باردو
ضربة البداية للجائزة الكبرى سنة 1928 انطلقت من باردو على مسلك تم إحداثه خصيصا بين سنة 1928 و1929 لتتوقف المسابقة لسنة قبل أن تسجل عودتها على مسلك آخر جديد بقرطاج في مسلك يمتد على طول 12 كم و 800 للدورة الوحدة اين يعمل المتسابقون على القيام ب 30 دورة أي قرابة 382 كملم لتستمر إلى غاية 1936 ما عدا سنة 1934 بعدها عادت المسابقة للتوقف من إلى غاية 1954 لتكون اخر دورة سنة 1955 , مسابقات رغم ما سجلته من تقطع لأسباب مختلفة جلها مرتبطة ارتباط وثيق بالمستعمر و الحروب في تلك الفترة إلا أنها استطاعت التعريف بتونس نظرا لحجم الإقبال الكبير للجماهير العاشقة لهذه الرياضة من مختلف دول العالم .

وجهة لأكبر شركات السيارات في العالم
النجاح لم يقتصر في استقطاب عدد كبير من الاجانب و التعريف بالسياحة التونسية فقط بل كان لرياضة السيارات دور في الدورة الاقتصادية بدخول اكبر شركات السيارات العالمية ومشاركتها على غرار Bugatti و فيراري Ferrari و الألفا روميو « شركات اطالية « والمارسيد Mercedes Benz و الAuto Unio التي أصبحت حاليا أودي Audi من الألمان و التالبوت Talbot الفرنسية .

عجز على الاستثمار رغم بعض المحاولات
اقتحام تونس ميدان الرياضات الميكانيكية مبكرا مقارنة ببقية الدول العربية جعل البعض من عشاق الرياضة يعمل بعد الاستقلال على الاستثمار في هذا الاختصاص من خلال جائزة تونس الكبرى للسيرات التاريخية في مسلك البلفيدير الذي استمر لأعوام قبل أن يتوقف لأسباب غير معلومة رغم أن المعلومات التي بحوزتنا تؤكد عدم تجاوب سلط الإشراف في إنجاح هذا الموعد بغياب شبه كلي للدعم.

تواصل الخيبات
غياب الدعم دفع المولعين برياضة سباقات السيارات سنة 1981 و تحت إشراف الاتحاد الدولي للسيرات الى تنظيم رالي تونس للسيرات الذي استمر على امتداد 30 سنة بنجاح كبير بمشاركة اكبر السائقين العالميين في صنف الرالي الصحراوي على غرار دون لوي شليسار و ستيفان بينرهانسل و بيار لارتيغ و فابريسيو ميوني ... و القائمة تطول ليفقد الرالي بريقه مع الثورة التونسية و تحديدا سنة 2011 موعد أخر دورة لأسباب أمنية و بالتالي ضربة موجعة إضافية للرياضة المكانية.

محاولات الإنقاذ متواصلة ولكن ...
توقف نشاط رالي تونس الدولي لم يدفع عشاق الرياضات الميكانيكية لرمي المنديل بل تواصلت المحاولات التي حملت توقيع نادي تونس للرياضات الميكانيكية بتنظيم رالي تونس الدولي على الطريق لصنف الدرجات النارية الذي استقطب أكثر من 120 متسابق من مختلف دول العالم في مناسبتين منذ 2011 ليتم إلغائه هو الآخر ما شكل ضربة مؤلمة جديدة للرياضة الميكانيكية التي اختار عشاقها عدم رمي المنديل و المحاولة بتوسيع الأنشطة المحلية داخليا عبر التنسيق بين الجامعة التونسية للسيارات و الجامعة التونسية للدراجات النارية من خلال تنظيم بطولات سنوية و سباقات في عدة اختصاصات على أمل لفتة من سلطة الإشراف لإعادة البريق لأحد اعرق الرياضات في تاريخ تونس من بوابة المسابقات الدولية.

المغرب و دول الخليج تفتك الريادة
ما هو مؤكد بالأرقام أن جل المسابقات الدولية في مجال الرياضة الميكانيكية التي احتضنتها الأراضي التونسية كانت محركا أساسيا للقطاع السياحي الذي يعد احد ابرز ركائز الاقتصاد التونسي نظرا للإقبال الكبير لعشاق هذه الرياضة بمختلف اختصاصاتها على الحضور من اجل المتابعة و اكتشاف تاريخ و حضارة و خاصة طبيعة تونس خاصة أن جل المسابقات تجوب تونس من شاملها إلى جنوبها إلا أن هذه الأرقام لم تكن كافية لايلاء هذه الرياضة الاهتمام الكافي عكس ما سارت عليه بعض المغرب العربي و خاصة الخليج التي سارعت في افتكاك الريادة من تونس و الاستثمار في مجال الرياضات الميكانيكية لتكن ضربة البداية سنة 2004 أي يعد 76 سنة بالكمال و التمام عن انشاء اول حلبة لسباقات السيرات بتونس بتسجيل تدشين اول ثلاث حلبات بنيت وفق أحدث المعايير العالمية لتلبية متطلبات سباقات «فورمولا 1» والدراجات النارية ومختلف أنواع السباقات الأخرى في البحرين ودبي وقطر, فالبحرين نالت شرف أن تكون أول دولة شرق أوسطية تنظم سباقا لـ«فورمولا 1» على «حلبة البحرين الدولية للسيارات» في منطقة الصخير على بعد نحو 30 كلم جنوب العاصمة المنامة الذي فاز به بطل العالم المتسابق الألماني مايكيل شوماخر , اما دبي أعلنت افتتاح حلبة سباقات سيارات «دبي اوتودروم» والتي تعتبر من ضمن مشروعات دبي لاند احدى المشروعات العملاقة للسياحة العائلية والترفيهية، والذي استضاف إحدى جولات سلسلة جديدة من السباقات تسمى «أي وان غران بري» , كما تمكنت قطر من إنشاء حلبة «لوسيل» في ضواحي الدوحة واستضافت عليها المرحلة الثالثة عشرة من بطولة العالم للدراجات النارية وهي أول في الشرق الاوسط أيضا تنظم إحدى مراحل هذه البطولة.

بحث الدول الخليجية على الاستثمار في الرياضات الميكانيكية نظرا لما لديها من قاعة شعبية خاصة في الدول الأوروبية و مدى قدرتها على إنعاش السياحة و بالتالي الدورة الاقتصادية دفع المملكة المغربية و لو بقليل من التأخير للدخول على الخط و ذلك سنة 2016 أي بعد88 سنة عن موعد إنشاء أول مسلك بتونس ببعث حلبة مولاي الحسن بمدينة مراكش إضافة إلى الحلبة الجديدة التي يبلغ طولها 3.0 كلم بمواصفات الفئة الثانية وفقاً لمعايير الاتحاد الدولي للسيارات “فيا” التي استضافت جولة المغرب من بطول العالم للسيارات السياحية “دبليو تي سي سي” .

مشروع ضخم بقيمة 500 مليون ضل حبرا على ورق
تحرك دول الخليج و المغرب العربي وتحديدا المغرب تزامن مع مشروع عملاق خلال السنوات القليلة الماضية كان من المنتظر ان يرى النور صائفة 2020 حسب ما كشف عنه الموقع الاخباري البريطاني medium.com مبرزا ان شركة الاستثمارات البريطانية BITRACE Investments Ltd تعتزم انشاء مشروع سياحي ضخم و فريد من نوعه بمدينة “الحمامات”. و نقل الموقع عن الرئيس المدير العام للشركة قوله إن “المشروع الاستثماري هو عبارة عن مدينة لسباق السيارات “فورمولا 1 / TUNISIA RACING F1 CITY” متكاملة تضمّ حلبة لسباقات “الفورمولا 1″ بطول يقارب 5 كلم و بمواصفات سلامة عالمية و معترف بها دوليا و ملعب صولجان و نادي تنس و 3 نزل و مركزا تجاريا و حيا سكنيا به 600 شقة و 300 منزل و حيا تجاريا بكلفة مبدئية في حدود 500 مليون دولار (حوالي 1.218 مليون دينار, مضيفا أن “المشروع يمتدّ على مساحة 3000 كلم مربّع و أنه سيمكن من بعث 10 آلاف موطن شغل مباشر وغير مباشر و أنه سيستقطب حوالي مليون سائح في السنة بما من شأنه أن ينعش الاقتصاد التونسي”. ولاحظ ان “مدينة الفورمولا 1 ستنطلق سنة 2020 في استقبال السياح الذين سيحضرون فعاليات تظاهرات مختلفة بها مؤكّدا أنه سيتم الترويج للمدينة لدى كل مشغّلي الرحلات السياحية و وكالات الأسفار و النزل و كبرى المراكز التجارية بكلّ أنحاء العالم لافتا إلى ان المشروع سيكون فريدا وضخما مقارنة بمشاريع أخرى بمنطقة حوض المتوسّط كاسبانيا و المغرب.

المواقع الاخبارية البريطانية لم تكن وحدها التي تحدثت عن المشروع الضخم الذي سيقام على الاراضي التونسية حيث كشفت صحيفة Le Figaro الفرنسية يوم الاثنين 22 جانفي 2018 مقالا تحت عنوان “تونس تحلم بالجائزة الكبرى لمسابقات فورمولا 1” مبرزة إنه رغم العراقيل التي قالت ان المشروع واجهها فانه ظلّ يتقدّم بخطى بطيئة لكنها ثابتة منذ أن تحصّل على موافقة الحكومة في ماي 2012 و استلام الأرض التي سينجز عليها مبرزة ان مسؤولو و ممولو المشروع قد عقدوا ندوة صحفية في سبتمبر 2014 عرضوا خلالها “مشروع القرن” وبيّنوا أنه يتمثل في بناء أوّل مدينة اقتصادية و سياحية و اجتماعية وثقافية عالمية و متكاملة و أن الانجاز سيكون على مراحل مضيقين أن فكرة المشروع تتمثّل في إنجاز مدينة تكون بوّابة المتوسّط و مركز تواصل دوليّ بين “الغرب” و “الشرق” و “الشمال” و “الجنوب” إلا أن الغموض لا يزال متواصلا في ضل غياب أي معلومات رسمية من السلط التونسية حول آخر التطورات التي تتعلق بهذا المشروع الذي نأمل أن لا يكون مصيره الاندثار كما هو الحال مع رياضة الميكانيك التي لا يعرف عنها التونسيون الكثير رغم أنها ضاربة في القدم على أن تكون لنا متابعة دقيقة خلال الأيام القادمة إلى آخر التطورات المتعلقة بالرياضات الميكانيكية و خاصة ملف مدينة السيارات بالحمامات .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115