بطل من الذاكرة: البطل الأولمبي الملاكم الحبيب قلحية .. أو ذاكرة الرياضة المنسية

• أول ميدالية أولمبية في تاريخ الرياضة التونسية لم تكن كافية لحبيب قلحية

توقف الأنشطة الرياضية بسبب جائحة كورونا دفعنا للنبش في الماضي على أمل إعادة الاعتبار لأبطال قدموا الكثير للرياضة التونسية, فبعد تطرقنا في العدد السابق لأول رياضي منح تونس أول بطولة عالمية في تاريخها في سن 20 سنة و هو الملاكم يونغ بيريز , سيكون موعدنا اليوم مع صاحب اول ميدالية اولمبية في تاريخ الرياضة التونسية الملاكم الحبيب قلحية او «عم الحبيب».

لأن الذاكرة تأبى النسيان فإن تاريخ 25 ديسمبر من سنة 2011 سيبقى ذكرى حزينة على قلوب كل التونسيين والغيورين على لرياضة الفن النبيل لأننا فقدنا فيها بطلاً سيبقى اسمه محفور في سجلات الرياضة التونسية إلى الأبد، ويكفيه فخرًا أنه أول من أدخل ميدالية أولمبية للرياضة التونسية و هو الملاكم والبطل المرحوم الحبيب قلحية و كان ذلك في الألعاب الأولمبية بطوكيو اليابان سنة 1964.

البطل المنسي
الحبيب قلحية او «عم الحبيب» .. البطل المنسي لا ندري هل تعمدوا نسيانه أم تناسوه و طبعا هكذا هي الدنيا قد تفتح ذراعيها للبعض و تغلقها للبعض الآخر و لكن اعترافًا منا بما قدمه هؤلاء الأبطال لتونس و أقل ما يقدم لهم هو إحياء ذكرى وفاتهم كرّد الإعتبار و لو قليل لما حققوه من إنجازات.

من هو الحبيب قلحية
الحبيب قلحية هو ملاكم تونسي ولد بالقيروان في 14 ماي 1939 وتوفي في 25 ديسمبر 2011 و هو أول رياضي تونسي و ملاكم يتحصل على ميدالية أولمبية وكان معدنها من البرونز في اختصاص الملاكمة لوزن ما دون 63.5 كغ وكان ذلك في الألعاب الأولمبية الصيفية سنة 1964 بطوكيو اليابان، وكان عم الحبيب قد فاز على الهولندي “فيم غيرلاش” ثم على النيبالي “اوم برازاد” بون بالضربة القاضية في الجولة الأولى ثم الكوبي “فيليكس بيتانكور” بالضربة القاضية أيضا في الجولة الأولى قبل أن ينهزم في نصف النهائي أمام الروسي “يافجيني فرولوف”.

ميدالية قلحية ...صدفة تاريخية كشفت بطلاً و قادت للعالمية
الحبيب قلحية أحرز في مشواره الرياضي عديد البطولات والكؤوس العالمية وصدفة تاريخية هي التي رفعته للعالمية، حيث أول ميدالية تحصل عليها في مشواره الدولي كانت في الشقيقة ليبيا و هذه كانت نقطة التحول في مسيرته الرياضية فتحوله للمشاركة في هذه التظاهرة جاء وليد الصدفة وذلك بعد أن قام بتعويض الملاكم عزوز بشير الذي كان هو من يُمثل المنتخب التونسي في هذا الوزن، و كان قد تحول لمصر للمراهنة على البطولة الإفريقية وهو ما فسح المجال أمام عم الحبيب لتعويضه ليكتشف بطل جديد أكد جدارته و استحقاقه في المنتخب و لينجح في افتكاك مكانه في أول مشاركة فعلية دولية له ويتوج بالميدالية الذهبية.

الانطلاقة الحقيقية
بعد ذلك كانت الانطلاقة الحقيقية التي رسمت التاريخ وفتحت أبواب النجاح والتألق لهذا البطل الأولمبي القادم ففي الألعاب المتوسطية بنابولي إيطاليا سنة 1963 أحرز المرحوم قلحية الميدالية الفضية التي كانت ذهبية لولا الإنحياز وقتها لصاحب الأرض والجمهور الملاكم ايطالي “برونو أركاري” ثم فاز بذهبية ألعاب الصداقة بداكار سنة 1963 والتي كانت توازي البطولة الإفريقية.

وفي سنة 1964 شارك المرحوم في الألعاب الأولمبية بطوكيو باليابان إلى جانب البطل الطاهر بلحسن وأربعة عدائين منهم البطل الأولمبي محمد القمودي و في هذه التظاهرة دوّن المرحوم اسم تونس بأحرفٍ ذهبية بعد أن أحرز برونزية الوزن و كان قادرا على الظفر بالميدالية الذهبية لولا المظالم التحكيمية فالتحكيم انحاز وقتها للملاكم ابن الإتحاد السوفياتي “يافجيني فرولوف” الذي انهزم في ما بعد في نصف النهائي، ويذكر آنذاك أن الباجي المستيري الكاتب العام للجامعة التونسية لكرة القدم كافأ قلحية بعشرة دنانير وبطاقة دخول مجاني للملاعب وعند عودته الى تونس تحصل على مكافأة مالية قيمتها 70 دينارا أي نعم هذا ما ناله من تلك الميدالية التاريخية, وكان قلحية قد شارك أيضا في الألعاب الأولمبية بمكسيكو سنة 1968 .

نكران الجميل
قبل وفاته سنة 2011 عانى المرحوم البطل الحبيب قلحية كثيرا من المرض ولم يلقى العناية اللازمة فالجميع تناسوه، فلا اللجنة الأولمبية اعتنت به ولا الجامعة التونسية للملاكمة كذلك، ورغم تاريخية ميداليته الأولمبية لم يلقى حظه مثل الأبطال الآخرين, البطل الأولمبي الحبيب قلحية الذي تنكر له القدر وأدارت له الحياة بظهرها أيام عجزه ومرضه…. لم تشفع له الميداليات والشهادات بكل أنواعها والتي شرّف بها الراية، ولكن رغم كل ذلك فقد عاش عزيز النفس و المقام لم يطلب أو يطرق الأبواب فظل بطلاً في حياته و سيظل كذلك للأبد.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115