في ظل تفاقم الأزمات المالية للأندية التونسية بسبب توقف النشاط: تخفيض الرواتب وتسريح اللاعبين أبرز أسلحتها للخروج بأخف الأضرار

حتى في خضم المنافسات وفي ظل وجود بعض الدعم من سلطة الاشراف فإن جل الاندية في البطولة التونسية تعاني من ازمات مالية خانقة

جعلت بعض رؤسائها يرمون المنديل في اكثر من مناسبة قبل ان يعودوا مكرهين في ظل العزوف الكبير من المسؤولين على تسلم المقاليد الادارية لهذه الاندية...لذلك يصح ان نتساءل كيف الوضع وقد تم الاعلان منذ مدة عن ايقاف النشاط الرياضي الى اجل غير مسمى توقيا من مزيد تفشي فيروس كورونا المستجد.

لا يعد موضوع تخبط الاندية في تيار الصعوبات المالية جديدا بل ان الوضع ازداد سوء مع دخول البطولة مرحلة الاحتراف بما تضمنه من مفاهيم مغلوطة.وعوض ان تراعي الاندية امكانياتها فإنها انساقت وراء انتداب اللاعبين باموال طائلة ورفع سقف الاجور دون قيود حتى وجد جلها نفسه في وضع لا يحسد عليه غابت معها النتائج المرجوة وتراكمت فاتورة الديون بارقام مهولة.

الكورونا ...كابوس جديد يعمق مشاكل الاندية
اذا كان ايقاف النشاط الكروي حلا ضروريا للتوقي من انتشار فيروس كورونا في تونس ،فإن انعكاساته كانت في اشد الصعوبة على الاندية والايام القادمة تنبئ بمزيد المتاعب خاصة ان تعليق النشاط قد يتواصل لمدة اطول وستجد جل الفرق نفسها مطالبة بتوفير مصاريفها رغم قلة ذات اليد بما في ذلك اجور المدربين واللاعبين وغيرها،خاصة ان المداخيل الاساسية لجل الفرق متأتية اساسا من البث التلفزي وبيع التذاكر والاشهار وهي مستحيلة مع توقف البطولة.

وبادرتالجامعة التونسية لكرة القدم في الايام الماضية بتقديم مساعدة للاندية بقيمة جملية ناهزت المليار موزعة كالاتي:20 الف دينار لكل فريق من الرابطة المحترفة الاولى و10 الاف دينار لكل ناد من الرابطة الثانية اضافة الى 5 الاف دينار لكل ناد منتم الى المستوى الاول من رابطة الهواة والفين و500 دينار لكل ناد ناشط ضمن المستوى الثاني من رابطة الهواة فضلا عن تخصيص مبلغ جملي قدره 180 الف دينار لفرق الرابطات الجهوية وكرة القدم النسائية.ورغم ذلك فإن هذه المبالغ لن تحلّ ازمة الاندية فالكل يعلم ان كتلة الاجور خاصة في الرابطة الاولى مرتفعة ومبلغ 20 الف دينار قد لا يفي لتسديد مستحقات نصف لاعبي فريق متوسط الامكانيات لشهر واحد فما بالك بالنسبة الى بقية الفرق التي تعد خلالها المرتبات الشهرية للاعبين بالملايين...

وتجدر الاشارة انه خلال السير العادي للبطولة وتوفر بعض الموارد وجدت جل الفرق صعوبات في تأمين مصاريفها وباتت اضرابات اللاعبين بسبب تاخر مستحقاتهم كلمة السر حتى في النوادي الكبرى على غرار النادي الافريقي والنادي الصفاقسي والنجم الساحلي وكذلك الامر بالنسبة الى نادي حمام الانف ونجم المتلوي والنادي البنزرتي والقائمة تطول .والمؤسف ان فاتورة التأخير في سداد الاجور لدى بعض الاندية تراكمت لتبلغ ثلاثة اشهر او اكثر.

وفي الوقت الذي لم تنفك فيه الجامعة التونسية لكرة القدم عن الاعلان عن مبادراتها التضامنية للمساهمة في المجهود الوطني لمكافحة فيروس كورونا وايضا في الوقت الذي تراكمت فيه مساهمات اللاعبين الدوليين في دعم صندوق ‘1818’ اكتفت جلّ الاندية بدور المتفرج وفي افضل الحالات فقد عبرت عن ترك مركبها على ذمة وزارة الصحة لاستعماله اذا اقتضت

الحاجة.ولا يمكن ان نلوم جل الاندية على عدم انسياقها في المد التضامني فجلها ينطبق عليه المثل القائل»العين بصيرة واليد قصيرة» فهي بدورها في حاجة الى الاعانة للخروج من تيار المشاكل المادية التي تتقاذفها.
وهو ما يدفعنا الى التساؤل كيف ستتمكن الاندية من مجابهة هذه الصعوبات واية حلول للخروج منها بأخف الاضرار؟

تخفيض الاجور
اصابت تداعيات ايقاف النشاط الرياضي كل الاندية في العالم وليس في تونس فحسب وفي هذا السياق ولتجاوز الصعوبات المالية سارت جل الاندية في العالم في اتجاه تخفيض الاجور وقد دعا الاتحاد الدولي لكرة القدم ‘فيفا’ اللاعبين الى مساعدة انديتهم في هذه الفترة وتخفيض اجورهم خاصة ان بالنسبة الى النجوم الذين يتقاضون مبالغ خيالية شهريا.
في تونس ، يبدو ان فرقنا لن تحيد عن هذه القاعدة لأن ذلك احد الحلول التي ستمكنها من الحد من ازمتها المالية ولكن تطبيق هذا الاجراء مرتبط بخطوات عديدة ابرزها حتما موافقة اللاعب نفسه حتى لا تجد الهيئات المديرة نفسها تخالف القانون.وفي هذا الاطار قد يخلق تطبيق هذا الاجراء عديد الاشكاليات في ظل التفاوت في الاجور بين اللاعبين من اندية الى اخرى وحتى في صفوف ناد واحد فبعض اللاعبين تعد اجورهم ضعيفة مقارنة بزملائهم والتخفيض فيها قد يعرّض ظروف معيشتهم للخطر وفي الطرف الاخر هناك لاعبون سيطالبون دون شك بتطبيق الاجراء على الجميع وعدم استثناء البعض حتى ولو كانت اجورهم ضعيفة...

اعارة وتسريح بعض اللاعبين وفسخ العقود
لا شك ان عودة النشاط الرياضي قد تتأجل لفترة أخرى غير معلومة مع تواصل انتشار فيروس كورونا وفي هذا الاطار قد تجد الاندية نفسها في شهر جوان امام عديد اللاعبين الذين ستنتهي عقودهم في موفى ذلك الشهر.ورغم ان ‘الفيفا’ قد يتخذ اجراء استثنائيا بتجديد عقود اللاعبين والمدربين التي ستنتهي في موفى جوان خاصة ان جل البطولات العالمية ستستكمل بصفة متأخرة،فإنه لا يستبعد ان تلجأ الاندية التونسية الى خيار تسريح الاسماء التي تنتهي عقودها في نهاية شهر جوان كحل لتجاوز الازمة المالية خاصة مع ارتفاع اجور بعض هؤلاء اللاعبين وفي هذا السياق اعلنت هيئة النجم الساحلي انها لن تجدد عقد اللاعب ياسين الشيخاوي الذي ينتهي في جوان خاصة انه يكلف الخزينة الكثير بسبب ارتفاع اجرته الشهرية.كما لا يستبعد ان تلجأ الى اعارة البعض الاخر من اللاعبين لتجارب داخلية او خارجية كخطوة للضغط على المصاريف.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115