وعجزنا عن تأمين زاد من الأبطال يمكنهم أن يخلفوا أسامة الملولي أو حبيبة الغريبي على منصات التتويج العالمية و الاولمبية.
اليوم آن الأوان لنفتح ملف الزمن المدرسي بأكثر صرامة خاصة أن وزارة التربية باتت واعية بأنه من أكبر العوائق التي تحول دون فسح المجال امام الناشئة لممارسة أنشطتها الثقافية و الرياضية لما يتميز به التوقيت المدرسي التونسي من ساعات طويلة تجعل التلميذ عاجزا في نهاية اليوم المدرسي عن لملمة شتات طاقته فما بالك ان كان الأمر يتعلق بالانخراط في نادي رياضي يقصده بعد يوم مرهق ويكون مطالبا بعد ذلك بالقيام بواجباته المدرسية...
هذا الإشكال حاول «المغرب الرياضي» طرحه مع عدد من أهل الرياضة بغية طرح المشاكل والبحث عن حلول فكان ما تقرؤون
محسن بالشاذلي (مدرب أصاغر الترجي الرياضي)
«ضغط كبير لا يسمح بتطوير أداء اللاعب ...»
يشرف محسن بالشاذلي على تدريب صنف الاصاغر في الترجي الرياضي و انطلاقا من تجربته يقول : «الزمن المدرسي أكثر ما يقلقنا و يعيقنا في التمارين فكيف نطلب من الطفل الذي ينهي التزاماته المدرسية في السادسة مساء بعد يوم مرهق أن يلتحق بالتمارين في حدود السابعة مساء ثم العودة إلى المنزل والقيام بواجباته المدرسية عندها يكون من الصعب أن يوفّق بين الدراسة و الرياضة و يجد نفسه في حلقة مفرغة لا يستطيع معها النجاح في كلا النشاطين فلو تم تعديل التوقيت المدرسي في الرابعة مساء عندها سيكون بمقدور التلميذ نيل قسط من الراحة قبل الالتحاق بالتمارين وعندها أيضا يمكن المطالبة بالنتائج. فلا يخفى على أحد أن جل الأندية التي تعوزها الإمكانيات مجبرة على برمجة تمارين كل الأصناف في نفس الوقت ، كل صنف ‹يتمتع› بربع الملعب وهو ما لا يسمح بتطور أداء اللاعب أو اكتساب مهارات جديدة و لا حتى إصلاح بعض الأخطاء ...»
فايز الهمامي (مدير فني مكلف بالأصناف الشابة في جامعة الجيدو)
«الحل في إتباع نظام المعهد الرياضي»
اعتبر فايز الهمامي المدير الفني المكلف بالأصناف الشابة في الجامعة التونسية للجيدو أن الزمن المدرسي «أكثر العوامل التي تؤثر سلبا على الرياضة وحتى التغيير الذي يتحدثون عنه بتقسيم التوقيت المدرسي إلى حصتين تنتهي الصباحية في حدود منتصف النهار و المسائية في الرابعة مساء فإنه لن يجدي نفعا لأن الأمر يتطلب تطبيق النظام المعمول به في المعهد الرياضي لأن الرياضي يجب أن يتدرب يوميا لفترة لا تقل عن 4 ساعات ولذلك نجد فوارق كبيرة في الجاهزية البدنية بين النخبة و بقية الرياضيين لذلك لا غرابة في أن نرى تلاميذ المعهد الرياضي متفوقين على البقية...».
و فيما يتعلق بعدم توفر البنية التحتية الكافية، يضيف محدثنا أن ذلك يسبب الخلافات بين الجامعات حيث تسعى كل منها إلى الاستئثار بالملعب أو القاعة لتنظيم تظاهرة رياضية أما البلديات المسؤولة عن هذه الفضاءات و التي من المفروض أن تضطلع بالتنسيق بين هذه الأطراف لضمان انتفاعها بالبنية التحتية بشكل عادل فلا يهمها إلا الصيانة و جمع الموارد المالية ...»
محمد علي الرواحي (مدرب المنتخب الوطني للتايكواندو)
«في كثير من الاحيان يغلّب الرياضي مستقبله الدراسي..»
«هناك مشكل مطروح دائما عن غياب التنسيق بين الدراسة و الرياضة خاصة لما ندرك الزمن المدرسي المضغوط مقارنة بالوقت المخصص للنشاط الرياضي وهو ما يسبب الكثير من المشاكل للرياضيين خاصة منهم الدوليين ، ومع غياب التشجيع في الرياضات الفردية فإننا نجد أن الرياضي يرجح كفة مستقبله الدراسي على الرياضة أملا في ضمان مستقبله ، و أنا اعتبر أن الرياضات الفردية «رياضات فقيرة» فإذا حصل أحد الرياضيين على ميدالية عالمية فإن المكافأة تكون محتشمة غالبا لذلك ليس من الغريب أن يغلّب الرياضي دراسته على مسيرته الرياضية وهو ما يتطلب لفتة من سلطة الإشراف لتحسين ظروف الرياضات الفردية خاصة أن الفرق شاسع مع الدول المتقدمة التي تتبع نظاما مدرسيا متناسقا يسمح للرياضيين بالإبداع ...»
مريم الهمامي (مدربة مساعدة لمنتخب كرة القدم النسائية)
«التوفيق بين الدراسة والرياضة تحد كبير...»
تحدثت مريم الهمامي المدربة المساعدة للمنتخب الوطني لكرة القدم النسائية عن تجربتها كمدرّسة للتربية البدنية بإحدى المدارس مشيرة إلى أن الجدول المكتظ للتلاميذ جعل المدرسة تبرمج حصة التربية البدنية من منتصف النهار إلى الثانية ظهرا بالنسبة إلى تلاميذ السنة الأولى والثانية من التعليم الأساسي ، وهو ما يمكن أن يعرّض صحة الأطفال إلى الخطر خاصة مع ارتفاع الحرارة وعندما تبحث عن الحلول مع الإدارة تكتشف أن المدير مجبر على برمجتها في ذلك الوقت أو كأول حصة صباحية في غياب خيارات أخرى.»
وفيما يخص تأثيرات الزمن المدرسي على حضور الجنس اللطيف في النشاط الرياضي تضيف محدثتنا:» اغلب الأندية النسائية التي لا تملك ملاعب خاصة في تونس تبرمج تمارينها بداية من الثامنة ليلا والى حدود العاشرة أو العاشرة و النصف ليلا ومع بعض التعطيلات في التنقل فإن الفتاة الرياضية لا تصل إلى منزلها إلا عند منتصف الليل ، و أتكلم من تجربتي الخاصة عندما كنت لاعبة حيث كان علي يوميا التمرن ليلا و العودة إلى المنزل في حدود منتصف الليل و النهوض من الغد في حدود السادسة للالتحاق بمقاعد الدراسة وهو ما أثّر على دراستي ،حيث أنني بسبب الإرهاق أعجز عن المراجعة اليومية وأؤجل ذلك إلى فترة الامتحانات وهو ما أثّر على نتائجي ...ولذلك أقول إن التوفيق بين الدراسة والرياضة بمثابة النجاح في أكبر التحديات».