الذي هز قبل أسابيع قليلة بشدة الصناعة السياحية في العالم، بعد عجز مؤسسات الإتحاد الأوروبي عن انتشاله ومن ثمة منع انهياره لأسباب لا يسمح المجال بالحديث عنها.
و في خضم هذا الوضع وتداعياته ، جاءت توقعات مطمئنة من الدورة 41 لصالون « IFTM Top Resa» الملتئم بالعاصمة الفرنسية مؤخرا، حيث عبر Jean-Pierre Mas رئيس نقابة منظمي الأسفار الفرنسيين عن غبطته للروح المعنوية الهائلة للفرنسيين، والتي لم يشاهد مثلها منذ 10 سنوات، ذلك أنه للمرة الأولى تعيش السياحة هذا العام في وضع مريح وذلك ما تؤكده إيجابية المؤشرات ومستويات الحجوزات لفصل الشتاء القادم حيث أظهرت الحجوزات المسجلة إلى غاية 31 اوت الماضي وللفترة من 1 ديسمبر إلى 31 مارس نموًا هاما بنسبة 55 % في عدد الركاب على الرحلات الطويلة، و10 % على الرحلات في منطقة المتوسط و35 % على فرنسا.
وبالنسبة للوجهة التونسية فالتوقعات تشير بحسب نقابة منظمي مؤسسات السياحة «SETO» في لقاء إعلامي عُقد في المعرض تسجيل زيادة في الحجوزات بنسبة 18 % لفصل الشتاء 2019/ 2020 ، أما «ريتشارد سوبيلي»، نائب رئيس مؤسسة الأسفار EdV فقد أكد على عودة تونس والمغرب ومصر وتركيا إلى السوق الفرنسية، فيما لم يخف «رينيه الطرابلسي» بالمناسبة أن هدف بلوغ 800 ألف سائح فرنسي بحلول نهاية هذا العام بات مؤكدا.
ويعرف الموسم السياحي التونسي وهو على بعد ثلاثة أشهر عن اكتماله زيادة ملحوظة على جميع الأسواق المصدرة ، بدءا من الصينيين والروس إلى الفرنسيين الذين شكلوا زخما حقيقيا على الوجهة خاصة بعد عودة الكثير من النزل المغلقة إلى الاشتغال مما سيجعل عددهم في حدود المليون هذا العام، رغم عدم بلوغه نتائج 2010 المقدرة بمليون و400 ألف سائح . لكن هذا لم يمنع وزير السياحة والصناعات التقليدية روني الطرابلسي خلال لقاء إعلامي في الصالون من الإشارة إلى عدم جدية منظم الأسفار «توماس كوك» الذي ترك دينا بمبلغ 22 مليون يورو لدى النزل المتعاقدة بعدما أجبر بعضها على القيام باستثمارات كبيرة للملاءمة مع المعايير المطلوبة منه ، واستغرب الوزير من مواصلة الشركة حصد الأموال إلى أخر يوم رغم علمها بالمخاطر وبعدم القدرة على خلاص فواتير النزل، التي تحقق بعضا منها 70 % عائداتها خلال شهري جويلية وأوت . مشيرا في نفس السياق إلى أن تونس ستعمل مستقبلا على أن تكون أقل اعتمادًا على منظمي الرحلات السياحية.
ونجاح الموسم الحالي لا يخفي المؤشرات والتوقعات الايجابية المنتظرة من الموسم القادم 2020 والذي ينتظر أن لا يختلف كثيرا عن موسم السنة الحالية من حيث الإقبال على الوجهة التونسية و تحقيق رقم قياسي جديد للسياحة التونسية بـ 10 ملايين سائح لكن كيف ذلك؟ بعد إفلاس «توماس كوك» وما سيتبع ذلك من تداعيات
مماثلة على مؤسسات مشابهة تعرف هي الأخرى مصاعب لم تبرز إلى السطح أما لتكتم أصحابها الجاهدين في إنقاذها أو لعدم وصول أخرى إلى مرحلة الخطر أو اللاعودة.
الجهات الإدارية والمهنية في تونس يبدو أنها وعت الدرس جيدا وهي تعمل اليوم على إيلاء المنتوج وتنويعه الأهمية القصوى وبعدم وضع كل البيض في سلة واحدة حيث ستعمل على المراجعة التدريجية لحصة السياحة الشاطئية والمرتبطة بالصيف و التي يسوقها منظمو الأسفار لصالح منتجات أخرى بديلة ذات قدرة عالية على الاستقطاب على مدار العام من خلال حملات اتصالية مبتكرة وشديدة التأثير كالسياحة الثقافية والغولف والعلاج بمياه البحر والسياحة الطبية والسياحة الصحراوية وهذا بالضرورة يتطلب الإسراع بفتح الأجواء التونسية أمام الناقلين الجويين المنخفضي التعريفة بعد أن صادقت تونس عليها، ولم يخف الوزير في حديثه مع مهنيي السياحة الفرنسيين انتظار تطور الأوضاع بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي «بريكسيت»، معلنا بالمناسبة عن نقاشات تجري اليوم مع الناقلة Ryanair التي تخطط للعمل على بعض المطارات الداخلية في البلاد.