لاعبون أجانب من «مطرودين» من الأندية التونسية إلى نجوم في تجاربهم الاحترافية الجديدة: ماريغا وريبيري وندونغ...قصص نجاح وُئـدت قبل بدايتها

في إطار بحثنا في عقوبات الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» على الأندية التونسية تعرضنا الى قضية المالي موسى ماريغا

الذي حل بالترجي الرياضي في موسم (2014 - 2015) إلا انه لم ينل فرصته وغادر مركب «حسان بلخوجة» دون أن يخوض أية مباراة رسمية ولكنه كلّف فريق باب سويقة 488 ألف اورو حكمت بها لفائدته لجنة النزاعات التابعة ل’الفيفا’ في نزاعه مع هيئة الأحمر والأصفر إضافة الى مصاريف انتدابه،كلّف خزينة الأحمر والأصفر الكثير من الأموال دون أن ينتفع منه الفريق.

ولعل هيئة الترجي لم يصدمها فقط المبلغ المالي الكبير الذي وجدت نفسها مطالبة به في 2015 ولكن ايضا تحسرت على اللاعب الذي مرّ بمركب الفريق وعانى من التجاهل والإهمال ولكنه بات فيما بعد مطمحا لعديد الأندية الأوروبية خاصة بعد أن اظهر إمكانياته الحقيقة في تجربته الاحترافية بغيماراش البرتغالي.ولعلّ تجربة الترجي مع المالي ماريغا ليست بدعة في الكرة التونسية على العكس بل أن مقرات الأندية كانت شاهدة على لاعبين مرّوا بها ولم تكن إقامتهم مطولة بل حزموا بسرعة حقائب الرحيل وطرقوا باب تجارب احترافية أخرى كانت ،على عكس ما سبقها، موفقة وفسحت لهم المجال نحو أندية أفضل. فشل بعض «الأسماء المستوردة» في البطولة التونسية مقابل نجاحها في أوروبا يطرح أكثر من نقطة استفهام ويجعلنا دون شك نتساءل هل المسؤولية يتحملها اللاعب الذي لم يبذل مجهودا لفرض نفسه في التشكيلة الأساسية وإقناع الإطار الفني بإمكانياته أم أن ذلك مسؤولية المدرب الذي لم يعطه فرصة البروز والمشاركة في المباريات الرسمية.؟

ماريغا وندونغ واجايي لفظهم غربال الترجي ولكن...
في جوان 2014 حط المهاجم المالي موسى ماريغا الرحال بحديقة «حسان بلخوجة» قادما من نادي أميان الفرنسي آملا في أن يكتب مسيرة ناجحة مع احد ابرز الفرق المراهنة على الألقاب المحلية والقارية، حل بتونس يحدوه طموح كبير من اجل ترك بصمته في الفريق والمساهمة في صعوده على منصة التتويج غير انه ظل عجلة احتياطية في اختيارات الإطار الفني ولم يسعفه الحظ ليشارك مع الفريق في أيّة مباراة رسمية وربما ما حال دون ظهور المالي أن الجالية الأجنبية بفريق باب سويقة كانت تضم آنذاك الكاميروني يانيك نيانغ والغاني هاريسون أفول والايفواري فوسيني كوليبالي وبما ان الإطار الفني قد فضّل الثلاثي المذكور فقد تخلى عنه المسؤولون ووجد نفسه مدفوعا نحو باب الخروج من حديقة الرياضة «ب» لكن يبدو ان ماريغا لم ترق له طريقة مغادرته فلجأ الى لجنة النزاعات بالاتحاد الدولي لكرة القدم لنيل تعويض عن طرده دون إشراكه في اية مباراة رسمية وحكمت لجنة النزاعات التابعة للاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» لفائدته بتعويض قدره 488 ألف يورو. وانضم ماريغا إلى بورتو البرتغالي الذي أعاره الى غيماراش البرتغالي حيث تمكّن من تفجير إمكانياته وجلب اهتمام عديد الأندية خاصة في الدوري الانقليزي على غرار تشيلسي وتوتنهام وليفربول...وتألق هذا اللاعب في كأس إفريقيا ولم يمنعه خروج بلاده مبكرا من تأكيد مؤهلاته البدنية ولاشك أن مسؤولي الترجي الرياضي ندموا على التفريط فيه خاصة أن اللاعب كان قادرا على كتابة قصة نجاح مع الفريق غير انها قصة انتهت قبل أن تبدأ نتيجة اختيارات فاشلة بل قل نتيجة بعض الخلافات الإدارية التي لم يكن له فيها ناقة ولا جمل فالمعلوم ان زياد التلمساني عندما كان يشغل خطة مدير رياضي بالفريق كان وراء انتداب اللاعب لكن بخروج التلمساني تم اعتباره بمثابة «التركة» الثقيلة التي وجب التخلص منها. وتفطنت الهيئة الى أنها لم تُصب في اختيارها خاصة مع غضب الجمهور الذي لامها على إهدار مثل هذه الموهبة.

ولا يعد المالي ماريغا الوحيد في هذا الصدد، فأهل القرار في الترجي الرياضي لم تكن خياراتهم مضبوطة في خصوص أكثر من اسم...ابراهيما ديدييه ندونغ متوسط ميدان غابوني عرفه الجمهور الرياضي مع النادي الصفاقسي لكن مالا يعلمه الكثيرون انه تم اقتراح اسمه على الترجي الرياضي سابقا لكن هذا الأخير اشترط عرضه على الاختبار فحول وجهته نحو النادي الصفاقسي وفيه عرف التألق وتقمص زيّ سندرلاند الانقليزي وغانغون وبات مطلوبا بشدة من نادي ديجون الفرنسي وبات الترجي حاليا راغبا بشدة في انتدابه لتعويض رحيل الكاميروني فرانك كوم في صورة تجسّد المثل التونسي «سيب الحمام واجري وراه». على غرار ندونغ، حطّ النيجيري جينيور اجايي الرحال بحديقة الترجي لكنه وجد «الفيتو» في انتظاره وتم رفضه بحجة انه ليس في مستوى الفريق فتحول الى النادي الصفاقسي أين برز وانتدبه فيما بعد الأهلي المصري حيث عرف معه التألق والتتويجات.
ويبدو أن فريق باب سويقة لم يتعظ من دروس الماضي، فالميركاتو الصيفي المنقضي تزامن مع وقوع الفريق في نفس المطبّ حيث كان الفريق قريبا من انتداب المدافع السنغالي واليو ضيوف قبل أن يتراجع أهل القرار عن ذلك لأسباب ظلت غامضة ويحول اللاعب وجهته من حديقة «حسان بلخوجة» إلى حديقة «منير القبايلي» حيث انتدب النادي الإفريقي هذا اللاعب وكان مهددا بأن يعرف نفس المصير بعد أن تجاهله البلجيكي جوزي ريغا ثم شهاب الليلي إلى أن أتى المدرب الفرنسي فيكتور زفونكا ومنحه فرصة المشاركة مع الفريق حيث تألق وبات من الأسماء البارزة في تشكيلة فريق باب الجديد.

النجم الساحلي...ريبيري مر من هنا
عندما تم تداول خبر مرور الفرنسي فرانك ريبيري بمركب النجم الساحلي، لم يصدقه الكثيرون بل اعتبروه مجرّد طرفة من تلك التي لا يتوانى الشارع الرياضي عن طرحها على سبيل الدعابة لكن لدى حضوره في برنامج رياضي بقناة المتوسط فجر المدرب السابق في الفريق توفيق زعبوب مفاجأة عندما صرّح أن نجم بيارن ميونيخ الألماني، الفرنسي فرانك ريبيري حل بمركب النجم الساحلي في بداياته الكروية عندما كان ينتمي الى نادي بولون سور مار الفرنسي، عندما كان عمار السويح مدربا لفريق جوهرة الساحل لكن هذا المدرب لم يقتنع بإمكانياته بحجة قصر قامته غير ان اللاعب مر بأكثر من محطة على غرار ماتز ومنها إلى غالتا سراي التركي و أولمبيك مرسيليا قبل ان يتألق مع بيارن ميونيخ الألماني.
وقبل اشهر معدودة كرر أهل القرار في النجم الساحلي السيناريو حيث تم التخلي عن الغيني اكيبو كامارا لاعب المنتخب الغيني للأواسط بعد انضمامه إلى مركز التكوين بالفريق ليلتحق فيما بعد بليل الفرنسي...

الافريقي يشرب من نفس الكأس
في الميركاتو الصيفي لموسم (2014 - 2015)، كانت للهيئة المديرة للنادي الإفريقي اتصالات مع المهاجم الكاميروني كريستيان بيكا مينغا لتعزيز الرصيد البشري لكن الصفقة وُئدت في المهد وسقطت في الماء حيث قيل آنذاك أن الفحص الطبي الذي خضع له اللاعب اثبت معاناته من مشكل على مستوى القلب الأمر الذي حال دون إتمام الزيجة مع فريق باب الجديد وعجّل بخروجه من حديقة منير القبايلي،نعم هذا اللاعب الذي تمكّن من تسجيل 50 هدفا مع لافال في موسمين و12 هدفا مع لونس في ظرف 5 أشهر و17 مع ماتز ...غاب عنهم جميعهم انه مصاب بالقلب ولم يتم اكتشاف ذلك إلا في تونس...

تغييب الفنيين في الانتدابات
قد تكون الأسباب التي تفسّر هذه الظاهرة عديدة وعواملها متشعبة لكن من بين ابرز العوامل التي حالت دون أن تكلل مسيرة بعض الأسماء الأجنبية بالنجاح في تونس مقابل تألقها في تجارب أخرى نجد تغييب الفنيين من المشاركة في تحديد النقائص والانتدابات وحتى تقييم اللاعبين، للاسف فبعض القرارات عوض ان تصدر عن مدرب متشبع بالامور الفنية نجدها تصدر عن مسؤولين جلهم لم يسبق له ممارسة كرة القدم وليس بامكانهم تحديد احتياجات الرصيد البشري فتجدهم في اطار السعي للرفع من اسهمهم يتهافتون على الأسماء المطلوبة اكثر في السوق وينزلون بثقلهم لانتدابها حتى وإن لم تتناسب مع اختياراتهم، وحتى عندما يتعلق الامر بتقييم اللاعبين الأجانب فإنهم يضعون عديد الاعتبارات قبل إمكانيات اللاعب لذلك يكون من الصعب عليهم اكتشاف امكانياته الحقيقية الا بعد فوات الأوان...ما يعاب على الماسكين بزمام الامور في بعض النوادي انهم يقصون الفنيين من إبداء الرأي في اختيار وتقييم اللاعبين وينظرون الى الانتدابات من حيث الكم لا من حيث الكيف ويعملون على تكديس اللاعبين وأحيانا يفرضونهم على الفنيين خاصة انهم بدورهم (المسؤولين) مضغوط عليهم من بعض السماسرة لتسويق بعض الأسماء «المفلسة» كرويا...

غياب المتابعة قبل الانتداب
تسعى انديتنا الى تقليد الأندية الأوروبية في بعض المظاهر لكن ربما خفي عنها ان تسير على خطاها على مستوى الانتدابات فالأندية الاوروبية تتابع «اهدافها» من اللاعبين المرغوب فيهم لفترة طويلة قد تتجاوز السنة قبل اتخاذ القرار المناسب وحتى تدرك ان كان اللاعب يتماشى مع احتياجات الفريق ام لا، اما في تونس فهناك غياب تام للمتابعة فالانتدابات تسير في الغالب بصفة عشوائية فقط لأن اللاعب قد تألق في بعض المباريات او سجّل بعض الأهداف...ليس هناك حرص على جرد دقيق لخاصيات اللاعب ومؤهلاته وقدرته على النجاح في تونس فقط هو في جل الأحيان حبّة مسكّنة للجمهور اذا كان غاضبا من النتائج او من بعض اختيارات أهل القرار قد يصادفه الحظ في النجاح وقد يفشل حتى وان كان لاعبا مميزا ولا جدال في إمكانيته.

ضغوط كبيرة على اللاعبين الأجانب يعد تأقلم الأسماء الأجنبية مع أجواء تونس امرا من الصعوبة بمكان فما بالك اذا تعلق الامر بفرض الذات في حسابات الإطار الفني والتشكيلة الأساسية للفريق وأجواء الكرة التونسية ككلّ، لكن للأسف بعض المسؤولين في الفرق التونسية يرون اللاعب كآلة عليه ان يتأقلم في وقت قياسي ويقدم الإضافة ويسجل الأهداف خاصة إذا تعلق الأمر بأحد الاندية الكبرى التي تراهن دائما على الألقاب، فاللاعب الأجنبي مطالب حينئذ بأن يفتك مكانه ويقدم الإضافة والا فإنه سيجد نفسه حبيس بنك البدلاء،فإذا كان مستواه متقاربا مع اللاعب المحلي او اقل منه من الطبيعي أن يفضّل الاطار الفني اللاعب المحلي خاصة ان يعرف جيدا أجواء الفريق ويسهل عليه التأقلم وتقديم الإضافة المرجوة في وقت قياسي.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115