بعد تأهله الى ثمن النهائي في أول مشاركة له في «الكان»: منتخب مدغشقر يحيي تجربة «الحصان الأسود» ويطمح إلى مواصلة كتابة التاريخ

المفاجآت ملح الطعام في عالم الساحرة المستديرة وهي «الأفيون» الذي يشد الجمهور لمتابعة مجريات البطولات باختلافها،

قد تفشل الفرق الكبيرة في المحافظة على تألقها فيعزف عشاق الكرة عن متابعتها وقد ترسم منتخبات «ناشئة» أولى خطوات مفاجأتها وثورتها فتسحر الألباب وتأسر القلوب وتكسب أطيافا جديدة من مشجعين ينتظرون بشغف مبارياتها.

على غرار كل المسابقات لم تخل النسخة الثانية والثلاثون من نهائيات كأس إفريقيا التي تحتضنها مصر الى غاية 19 جويلية من المفاجآت والتي رسم خطوطها منتخب مدغشقر في أول مشاركة له في النهائيات القارية واستطاع فرض نفسه بقوة في ارض تتصارع فيها وحوش إفريقيا الضارية من اجل التربع على عرش القارة السمراء...ولئن نجح في التأهل الى ثمن النهائي فإن منتخب «باريا» لاتزال قدماه ثابتتان على المستطيل الأخضر ولم يبلغ به الأمر حدّ الاعتداد بما حققه إلى حد الآن والفوز على نيجيريا بما قدمه من مفاجأة كبرى للعالم لم يزد لاعبيه إلا إصرارا على المضي قدما وعندما نرى لاعبين أقصى طموحاتهم أن يسوقوا لبلدهم من خلال الساحرة المستديرة بعيدا عن حمى النجومية والغرور... ويلاقي منتخب مدغشقر في الدور ثمن النهائي أحد منتخبات أصحاب المركز الثالث من المجموعات الأولى أوالثالثة أو الرابعة، بينما سيواجه منتخب نيجيريا ثاني المجموعة السادسة التي تتصدرها الكاميرون وقد يحتل المركز الثاني منتخب غانا.

مدغشقر يكذّب التكهنات
قبل ضربة بداية النسخة الثانية والثلاثين من كأس إفريقيا للأمم،لم يكن أحد يتوقع أن يتمكن منتخب مدغشقر من المضي قدما في المسابقة القارية في أول مشاركة له خاصة أن تأهله الى النهائيات في حد ذاته كان مفاجأة بل أن الكثير ربطوا بين هذا التأهل ووجود الملغاشي أحمد أحمد على رأس الاتحاد الإفريقي لكرة القدم. بدأت المسابقة وحقق منتخب مدغشقر تعادلا مع نظيره الغيني بهدفين لمثلهما قبل أن يتفوق في مباراة الجولة الثانية على نظيره البورندي بهدف دون رد ويحقق المفاجـأة في الجولة الثالثة والأخيرة من الدور الأول وينتصر على نيجيريا بهدفين لصفر وهي نتائج جعلته يتأهل في صدارة المجموعة الثانية بـ7 نقاط وصاحب أفضل خط هجوم فيها بتسجيل 5 اهداف وقبول هدفين. وجاءت النتائج الايجابية للمنتخب الملغاشي بعد مسيرة موفقة في التصفيات حقق خلالها الفريق 5 انتصارات وتعادل وهزيمتين...وبات مدغشقر منتخبا يقرأ له ألف حساب وفرض على الجميع احترامه بعد أن كان اسما مغمورا وزاد الطين بلّة صعوبة أسماء لاعبيه على غرار القائد إيما أندرياتسيما الذي أكد في تصريحات إعلامية: «بعض الناس لا يعرفون مدغشقر إلا من أفلام الكارتون للأطفال، ولكن الحقيقة أننا لا نمتلك تلك الحيوانات الموجودة في الفيلم ليس لدينا الحمار الوحشي ولا الأسود. نأمل في أن نغير هذه النظرة إلينا، وأنا متيقن من أن كل العالم سوف يعرف أن هناك كرة قدم في مدغشقر». وحرص أحمد أحمد رئيس الاتحاد الإفريقي لكرة القدم علي التوجه إلى حجرات ملابس منتخب مدغشقر اثر نهاية مباراتهم أمام نيحيريا وهنأه بالفوز التاريخي واستقبله اللاعبون بالهتافات الحماسية والغناء ابتهاجا بالانتصار الذي أهداه صدارة المجموعة الثانية.

مدغشقر يطمح للانضمام الى «النادي الذهبي» لكاس افريقيا
لم يكن ابرز المتفائلين من جمهور المنتخب الملغاشي يتوقع أن ينجح منتخب بلاده في ضمان مقعد في الدور الثاني من «الكان» بل كانت الطموحات في أول إطلالة في المسابقة القارية تصب في خانة تحقيق مشاركة مشرفة والاحتكاك بأجواء القارة السمراء للإعداد للمشاركات القادمة، لكن المنتخب الذي لم يراهن عليه احد يبدو انه سيكون الحصان الأسود للبطولة ويأمل في الدخول إلى نادي الفرق التي تمكنت من تحقيق اكبر المفاجأت والتتويج بالكأس الإفريقية في اول مشاركة لها. يعيدنا التاريخ الى 62سنة مضت وتحديدا إلى أول دورة من كأس إفريقيا للأمم سنة 1957 بالسودان التي شاركت فيها 4 منتخبات فقط وهي مصر والسودان وأثيوبيا وجنوب إفريقيا التي تم استبعادها بعدئذ بسبب سياسة التفرقة العنصرية بين البيض والسود عندما رفضت إرسال منتخب يضم البيض والسود على حد السواء. وجمعت المباراة الأولى بين منتخبي مصر والسودان في العاشر من فيفري وفاز الفراعنة بهدفين لهدف، فيما جمعت المباراة النهائية بين مصر وإثيوبيا يوم 16 فيفري، وفازت مصر برباعية نظيفة، أحرزها محمد دياب العطار الشهير بـ«الديبة» ليتوج هدافا للبطولة برصيد 5 أهداف ويكون الفراعنة أول أبطال للقارة السمراء.

في نسخة 1963 وهي الدورة الرابعة ارتفع عدد المنتخبات المشاركة الى 6 وهي مصر وغانا وإثيوبيا ونيجيريا والسودان وتونس، وينصّ نظام البطولة على أن المنتخبين اللذين تصدرا المجموعتين يلتقيان مباشرة في المباراة النهائية، ليضرب المنتخب الغاني موعدا مع نظيره السوداني في المباراة النهائية يوم 1 ديسمبر 1963 وفازت «النجوم السوداء» بثلاثية وتوجت باللقب للمرة الأولى في تاريخها وفي أول مشاركة لها.
وكانت سنة 1996 تاريخا فارقا لمنتخب جنوب إفريقيا صاحب الأرض والجمهور آنذاك...في تلك الدورة عوض غيابه الطويل عن النهائيات بسبب أزمة العنصرية وإبعاده من المشاركات القارية والدولية، لكن في تلك الدورة عاد الى الواجهة وتمكن من تحقيق المفاجأة و الفوز باللقب في جوهانسبورغ اثر فوزه في المباراة النهائية على المنتخب التونسي بهدفين لهدف.
واقترنت دورة 2015 أيضا بالمفاجآت حيث تمكن منتخب غينيا الاستوائية من بلوغ نصف النهائي واحتلال المركز الرابع في ثاني مشاركاته القارية، وقبلها بسنتين(2013) حقق منتخب بوركينا فاسو انجازا مماثلا بتتويجه بالميدالية الفضية اثر هزيمته في النهائي أمام نيجيريا.

أندرياماتسينورو نجم المنتخب وقائده الى «المفاجآت»
قد لا يملك المنتخب الملغاشي أسماء معروفة في كرة القدم العالمية أو الإفريقية كما هو شأن بقية الفرق وقد تكون المسابقة الحالية بوابة للاعبيه لإثبات إمكانياتهم للعالم وفتح الباب نحو مسيرات احترافية مميزة، لكن لا يمكن أن نمرّ دون أن نذكر ابرز نجوم مدغشقر في الدورة الحالية وهو مهاجمه كارلوس أندرياماتسينورو هداف المنتخب إذ هو صاحب الهدف الثاني في مباراة الجولة الأولى أمام المنتخب الغيني كما سجل نفس اللاعب الهدف الثاني في مباراة الجولة الثالثة أمام المنتخب النيجيري وتم اختياره أفضل لاعب في اللقاء. اندرياماتسينورو من مواليد 6 سبتمبر 1989 ويحمل الجنسية الجزائرية بعد أن قضى في الجزائر 7 سنوات تقمص فيها ألوان عديد الأندية وينتمي حاليا الى نادي العدالة السعودي.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115