لماذا يفشل اللاعب التونسي في فرض نفسه في البطولات الأوروبية ؟: تكوين قاعدي لا يستجيب إلى الأسس الصحيحة، ضعف شخصية و«نجومية محلية وهمية»

عندما تتاح لنا فرصة المقارنة بين الأسماء المحترفة في بعض المنتخبات الإفريقية والعربية خصوصا على غرار الكوت

ديفوار وغانا والمغرب والجزائر ومصر أيضا وبين لاعبينا الناشطين خارج الحدود نتساءل لماذا ينجح هؤلاء في فرض أنفسهم في أقوى البطولات الأوروبية ويكتفي «سفراء» المنتخب التونسي بفرق من الصف الثالث أو لاتزال تشق خطاها لتصعد الى مصاف أندية الدرجة الأولى وفي السنوات الأخيرة ارتفع المد الخليجي لتستقطب بطولات «البترودولار» ما تبقى من لاعبين توسّمنا أن يكون مصيرهم أفضل من سابقيهم، حتى يوسف المساكني الذي علقنا عليه آمالا لينجز ما عجز عنه سابقوه فقد عجز عن فرض نفسه في الاختبار البدني مع برايتون ووجد ضالته في فريق اوبين البلجيكي التابع لأكاديمية «اسباير» بعد أن طلبت منه ادارة الدحيل البحث عن فريق يحتضنه.
في المشاركة الأخيرة لنسور قرطاج في كأس العالم بروسيا 2018، زدنا اقتناعا بأن السبب الرئيسي في عدم القدرة على مجاراة نسق المنتخبات الأوروبية القوية على غرار انقلترا وبلجيكا عدم امتلاكنا للاعبين ينشطون في أقوى البطولات ونهلوا من الكرة الصحيحة والاحتراف الحقيقي لا تخور قواهم متى رفّع المنافس في النسق. وبما ان الفشل في إثبات الذات في فرق أوروبية قوية يكاد يكون خاصية تونسية في ظل تمثيل بعض المنتخبات العربية الأخرى بأسماء متميزة في أقوى البطولات على غرار المصري محمد صلاح مع ليفربول والمغربي المهدي بن عطية مع جوفنتس والجزائري رياض محرز محترف مانشستر سيتي الانقليزي. في الورقة التالية سنحاول تسليط الضوء على بعض الاسباب التي تحول دون نجاح لاعبينا في النجاح على المستوى الأوروبي.

التكوين القاعدي المغلوط
رافقت احتراف بعض الأسماء في اندية اوروبية من الصف الثاني او الثالث عديد التطلعات والآمال لكن رغم أن الأندية كانت متوسطة ولم تكن تراهن على الألقاب على المستوى القاري فإنهم لاعبينا عجزوا عن ترسيخ أقدامهم وضمان مكان في التشكيلة الأساسية والسبب يعود الى عدم قدرتهم على مجاراة نسق التمارين والمباريات القوية وذلك من تداعيات غياب التكوين القاعدي على الأسس السليمة والذي قد نتجاوزه محليا لكن نتائجه تبدأ في الظهور متى سنحت الفرصة للاحتكاك بالبطولات الأوروبية حتى وان كانت من الصف الثالث فما بالك إذا تعلق الأمر بالأقوى. ولذلك نجد اللاعبين التونسيين اصحاب الجنسية المزدوجة الذين ولدوا في أوروبا وتلقوا تكوينا صحيحا قادرون على التألق على غرار وهبي الخزري ونعيم السليتي...

غياب الانسجام والتأقلم
عندما تصنع نجوما من ورق وتنفخ في صورهم وعندما تغدق عليهم الملايين بغير حساب وعندما تفسح لهم المجال ليكونوا مدللين بالمقارنة مع بقية زملائهم وتغمض العينين عن تجاوزاتهم فمن الطبيعي ان نتوقع فشلهم في أوروبا،من المنطقي أن يفتقدوا «النجومية» التي كانوا يقتاتون منها محليا عندما يكون عليهم إثبات الذات في بيئة ليست بيئتهم ومحيط مغاير لمحيطهم.في أوروبا ايضا ليس هناك مسؤولون يغضون البصر عن تجاوزاتهم أو خروجهم عن طريق الانضباط فعليهم ان يدفعوا الضريبة ويخرجوا من حسابات الفريق.

المنظومة المختلة واقصاء الكفاءات
كثيرا ما يتشدق علينا القائمون على شؤون الكرة التونسية أن بطولتنا الأقوى والأفضل عربيا وإفريقيا رغم ما يحيط بها من نقائص على مستوى البنية التحتية والتكوين القاعدي وإقصاء الكفاءات التي اختار جلها الهجرة. ابسط ضروريات بطولة محترفة هي الملاعب لكن وضعيتها الكارثية باتت تطلق صفارات الإنذار، أما عما يشوب البطولة من شبهات فساد وتجاوزات فحدث ولا حرج، فكيف نطلب من بطولة بهذه المواصفات ان تنتج لاعبين قادرين على ان يكونوا في حجم محمد صلاح أو رياض محرز أو غيرهم من الأسماء الإفريقية المتألقة اوروبيا.

ضعف الشخصية وطول النفس
رغم ان فرض الذات في اوروبا ليس بالامر الهين،فإن بعض اللاعبين لا يبذلون جهودا كبيرة ولا يقدمون تضحيات اكبر لمواجهة المتاعب والاصرار على النجاح ...بعض العراقيل كفيلة بأن تجعلهم يحزمون حقائب الرحيل ويعودون خائبين من حيث بدأوا، يمكن هنا ان نذكر مثال اسامة الدراجي الذي تحول من الترجي الى سيون السويسري لكن تجربته لم تكلل بالنجاح ليعود الى فريق باب سويقة ثم يخوض تجربة مع الرائد السعودي قبل ان يلتحق بالنادي البنزرتي ثم بالنادي الافريقي. على غرار الدراجي، شد الظهير الايمن السابق للنادي البنزرتي ايهاب المباركي الرحال الى البطولة الفرنسية من بوابة ايفيان لكن التجربة انتهت سريعا ليعود الى البطولة التونسية وينضم للترجي اما صابر خليفة فقد نجح مع ايفيان لكنه لم ينسج على نفس المنوال مع اولمبيك مارسيليا الذي قرر إعارته الى النادي الإفريقي قبل ان يغادر الى الكويت الكويتي ثم الإمارات الإماراتي حاليا. الفرجاني ساسي وفخر الدين بن يوسف الذين لعبا معا في النادي الصفاقسي لم يحالفهما الحظ في إثبات الذات مع نادي ماتز فانضما الى الترجي الرياضي ثم اختارا وجهة خليجية حيث التحق ساسي بالنصر السعودي ثم الزمالك المصري ولا يزال بن يوسف ينشط حاليا في الاتفاق السعودي والأمثلة عديدة...

استثناءات قليلة...
في حديثنا عن تجارب الفشل في أوروبا فإن الأمثلة كثيرة جدا أما استثناءات النجاح فهي قليلة وكيف ننسى حاتم الطرابلسي الغزال الأسمر الذي تكون في النادي الصفاقسي الى حدود صنف الأكابر قبل ان يطرق باب الاحتراف ويتألق مع اجاكس أمستردام الهولندي حيث قضى 5 سنوات وثم التحق بمانشستر سيتي في 2006 لكن إصاباته المتلاحقة حكمت عليه بوضع حد لمسيرته الكروية بعد تجربة قصيرة مع الهلال السعودي لم تتجاوز 6 اشهر.
أيمن عبد النور ايضا يمكن اعتباره ضمن الاستثناءات رغم الصعوبات التي واجهها مع فالنسيا الاسباني واولمبيك مارسيليا الفرنسي رغم بدايته المتميزة في عالم الاحتراف مع تولوز وموناكو.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115