ملف المحكمة الدستورية: قدر ارتبط بتوافق سياسي جار البحث عنه

أكثر من ثلاث سنوات مرّت على ميلاد القانون الأساسي عدد 50 المؤرخ في 3 ديسمبر 2015 والمتعلق بالمحكمة الدستورية التي عرّفها

الدستور الجديد للجمهورية التونسية بأنها «هيئة قضائية مستقلة»،ولكن يبدو أن هذا اللقب تاه بين أروقة مجلس نواب الشعب وفي طريق بحث الكتل النيابية عن التوافق فيما بينها لانتخاب ما تبقى من أعضاء المحكمة في نصيب البرلمان،جلسات متعدّدة ولكن النتيجة واحدة «لا توافق» وعليه لا جديد يذكر في ملف المحكمة الدستورية فقد باءت أولى الجلسات بعد العطلة البرلمانية بالفشل مرّة أخرى في التوصل إلى حلّ يرضي الكتل النيابية الجالسة إلى طاولة التوافق وبالتالي فقدر هذه الهيئة القضائية هو مزيد من التعطيل.

المحكمة الدستورية تتكون من 12 عضوا يتم انتخابهم بالتساوي بين كلّ من مجلس نواب الشعب، المجلس الأعلى للقضاء ورئاسة الجمهورية، والطريق اليوم لا تزال طويلة لأن الاختلاف أو الخلاف بين الكتل البرلمانية منذ بداية الطريق لم ينته بعد.

الفشل المتواصل
بالعودة إلى أطوار ملف المحكمة الدستورية فقد كان طريقه محفوفا بالعثرات منذ انطلاقه،لجنة الفرز قامت بأعمالها في المرّة الأولى حيث قرّرت قبول ستة ملفات فقط مقابل رفض البقية،ولكن عددا من المرشحين الذين رفضت ملفاتهم كشفوا عن اخلالات في عمل اللجنة المعنية ولوّحوا بالتوجه إلى القضاء في صورة عدم تلافي ما حدث،اللجنة وجدت نفسها أمام وضعية قرّرت على إثرها إعادة فتح الترشحات ليرتفع عدد المقبولين من بين 14 مترشحا إلى ثمانية ملفات وهم اليوم يتنافسون على ثلاثة مقاعد فقط باعتبار المقعد الرابع قد تم انتخابه،العثرة الثانية هي رحلة البحث عن التوافق الذي حصل مرّة واحدة في أولى جلسات الانتخاب ولكنه لم يدم سوى سويعات قليلة لتتواصل اجتماعات الكتل التي بلغت 17 اجتماعا تقريبا ولكن التوافق جار البحث عنه.

كيف السبيل؟
هذا الفشل المتكرر في إيجاد الكتل النيابية لتوافق فيما بينها حول الأسماء التي سيتم انتخابها لعضوية المحكمة الدستورية أصبح زائدا عن حدّه وكما يقول المثل الشيء الذي يزيد عن الحدّ ينقلب إلى الضدّ ،إذ أصبح التوافق بمثابة «المعضلة» والعقبة في طريق استكمال مسار تركيز هذه الهيئة القضائية التي لا يزال طويلا حيث ستكون أمام المجلس الأعلى للقضاء مهمة انتخاب أربعة من أعضاء تلك المحكمة ،وكذلك الشأن بالنسبة لرئاسة الجمهورية. وضع من المؤكد أنه يدعو إلى القلق والتذمّر، مواقف عبّرت عنها الهياكل القضائية على غرار جمعية القضاة التونسيين التي استنكرت في بيان سابق لها تواصل تعطيل عملية انتخاب أعضاء المحكمة الدستورية من قبل مجلس نواب الشعب وأوضحت أن المحكمة الدستورية هيكل أساسي في الساحة القضائية ولا بد من الإسراع في تركيزه.من جهة أخرى وبعد فشل التوافق في ثلاث مناسبات تمت صياغة مبادرة تشريعية تهدف إلى تنقيح القانون الأساسي عدد 50 المؤرخ في 3 ديسمبر 2015 والمتعلق بالمحكمة الدستورية خاصة في النقطة المتعلقة بعدد الأصوات ومسألة الأغلبية وقد تمت مناقشتها وبقيت في رفوف اللجنة المعنية،مقترح لاقى رفضا قاطعا من جمعية القضاة التي اعتبرته تدخّلا في الشأن القضائي وتكرارا لسيناريو المجلس الأعلى للقضاء،من جهة أخرى عبّر اتحاد القضاة الإداريين عن مساندته للمبادرة التشريعية لكن في اتجاه معيّن وهو أن يتم إيداع مطالب الترشح مباشرة إلى مجلس نواب الشعب الذي يعدّ نظاما أو سلما تقييميا يتم من خلاله ترتيب المترشحين حسب معايير موضوعية واختيار الثلاثة الأوائل في الترتيب وعليه يتم عرض النتائج على الجلسة العامة للمصادقة عليها دون الدخول في المحاصصات والتوافقات وفق تعبيره.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115