بعد ان قلب المنتخب البلجيكي هزيمته امام اليابان الى انتصار: الريمونتادا والمونديال علاقة وطيدة بــــــــدأت منذ دورة 1954...

لعل ما يزيد عشقنا لكرة القدم انها وفية لعاداتها في المفاجآت والإثارة حيث ليس في قاموسها تبجيل للكبار او استنقاص للصغار هي تعطي لكل

ذي حق حقه، تكافئه على تفانيه وتقصي من لا يستحق الفوز مهما كان رقما صعبا في مجال الساحرة المستديرة في العالم ...هذه هي الكرة الحقيقية بعيدا عن بطولة نعرف من الخطوات الأولى مآلها لأنها محكومة بالولاءات والمحاباة والويل لمن يرفع راية العصيان فهو يفتح على نفسه باب الحرب والمتاعب...

في النسخة الحالية من نهائيات كأس العالم يبدو أننا نعيش ثورة كروية حضرت فيها لغة المفاجأة بامتياز بما أن غربال المونديال لفظ أسماء كبيرة كانت مؤهلة بقوة للعب الأدوار الأولى من المسابقة ولكنها ودعت المنافسة في بداية الطريق على غرار ألمانيا بطل نسخة 2014 وبولونيا الذين غادرا منذ الدور الأول لم تكن منتخبات الأرجنتين والبرتغال واسبانيا أفضل حظا منهما بعد الانسحاب من ثمن النهائي وكاد المنتخب البرازيلي يلتحق بالركب بعد شوط أول متميز من المنتخب المكسيكي لكن إضافة نيمار كانت حاسمة لتضع منتخب السامبا في دور الثمانية...كما ان نهائيات روسيا أرست خاصية جديدة انطلقت من الدور الأول وتواصلت الى ثمن النهائي وهي الريمونتادا او قلب المعطيات في المباريات وأبرزها في مباراة الدور ثمن النهائي التي جمعت المنتخب البلجيكي بنظيره الياباني وتمكن خلالها الشياطين الحمر من قلب تأخرهم في النتيجة بهدفين الى انتصار بثلاثية مقابل هدفين ليضع حدا لأحلام الساموراي.

أصل الريمونتادا...
الريمونتادا كلمة إسبانية قديمة تعني التعافي والعودة بقوة بعد الهزيمة، وتم استخدام هذا المصطلح في الحروب والمعارك، فقديمًا كانت هناك حروب أهلية كثيرة في إسبانيا وثورات عدة قادها إقليم «كاتالونيا» المعروف الآن ببرشلونة وإشبيلية، واقليم «الباسك» بسبب محاولتهم الإستقلال عن حكم الملك الإسباني وتكوين حكمهم الذاتي نظرا لاستنفاذ الملك لخيرات وموارد الإقليمين.

أما في كرة القدم، فان استخدام الكلمة كان بتحفّظ في الثمانينات من طرف الصحافة الرياضية قبل ان تختفي وتعود مرة أخرى في موسم (2012 - 2013) عندما فاز آسي ميلان على برشلونة بهدفين لصفر في ذهاب دور الـ 16 لرابطة أبطال أوروبا لكن الفريق الكاتالوني انتفض في الإياب برباعية نظيفة أهلته لربع النهائي وللفريق البرشلوني قصة أخرى مع الريمونتادا في دوري ابطال اوروبا 2017 حيث انهزم في ذهاب ثمن النهائي أمام باري سان جرمان برباعية نظيفة قبل ان يحقق المفاجأة وينتصر ايابا (6 - 1)...
الشياطين الحمر للمرة الثانية على التوالي في ربع النهائي

الى حدود الدقيقة الثامنة والستين من مباراته مع المنتخب الياباني،كان المنتخب البلجيكي خارج حسابات الدور ربع النهائي نظرا لهزيمته بثنائية نظيفة عن طريق هاراغوتشي في الدقيقة 48 وتاكشي انوي في الدقيقة 52، لكن منتخب الشياطين الحمر رفض رفع الراية البيضاء وعاد في اللقاء ليذلل الفارق في الدقيقة 69 عن طريق فيرتورخين ثم يعدّل في الدقيقة 74 من مروان فلايني ويحرز ناصر الشاذلي(وهو من اصول مغربية على غرار فلايني) الهدف الثالث في الدقيقة 90 + 4 ليضرب منتخب بلجيكا موعدا في ربع النهائي مع المنتخب البرازيلي الذي فاز على نظيره المكسيكي بثنائية نظيفة وذلك يوم الجمعة 6 جويلية بملعب كازان ارينا.

وفي الوقت الذي بدا فيه إصرار لاعبي المنتخب البلجيكي كبيرا في العودة في المباراة مستفيدين من تذليل الفارق بوقت مبكرا نوعا ما من الشوط الثاني، فإن منتخب الساموراي دفع ضريبة الثقة الزائدة او الاستسهال فعوض ان يبحث عن طريق لتعميق الفارق وقتل المباراة سيطر الهدوء والتراجع على أداء المنتخب الياباني الذي لم يكن يعلم انه يواجه منافسا قادرا على التكشير عن أنيابه في أية لحظة.

بعض الملاحظين أكدوا أن المنتخب البلجيكي سيكون منتخبا كبيرا آخر يودع المونديال من أضيق الابواب خاصة مع الفرص المهدورة من هازارد ولوكاكو لكن وان فشل هذا الثنائي فإن الكتيبة البلجيكية وجدت ضالتها في أسماء أخرى أثبتت أنها لا تتوقف على النجوم. وتمكن منتخب الشياطين الحمر من التأهل الى الدور ربع النهائي للمرة الثانية في نسختين متتاليتين حيث عبر الى دور الثمانية في نسخة 2014، بعد الفوز على الولايات المتحدة الأمريكية بنتيجة (2-1) قبل ان يزيحه المنتخب الارجنتيني من ربع النهائي حيث انتصر عليه بهدف لصفر.
كما بات الشياطين الحمر اكثر منتخب سجل له لاعبون مختلفون حيث نجد 8 لاعبين تداولو على التهديف وهم هازارد (هدفان)، لوكاكو (4 اهداف)، عدنان يانوزاي، ميشي باتشواي، يان فيرتونخين، ناصر الشاذلي، مروان فيلايني ودرايس ميرتينز .

ريمونتادا بنهكة أوروبية وعربية
لم تخل النسخة الحادية والعشرون من المونديال من قلب الهزيمة الى انتصار ،فأكثر من منتخب تمسك بحظوظه في الفوز الى الرمق الأخير من المباراة رافضا الاستسلام والخضوع لمشيئة الهزيمة.

وحقق المنتخب السويسري أول ريمونتادا في مونديال روسيا وذلك في الجولة الثانية من منافسات الدور الاول عندما قلب تأخره في النتيجة أمام نظيره الصربي الذي تقدم منذ الدقيقة الخامسة من اللقاء الى تعادل في الدقيقة52 وفوز في الدقيقة 90 + 2.

في الجولة الثانية من الدور الاول كذلك، كان المنتخب الألماني متأخرا في النتيجة أمام نظيره السويدي بهدف منذ الدقيقة 32 لكن «المانشافت» تسنى له قلب المعطيات في مرحلة أولى من ماركو رويس في الدقيقة 48 قبل ان يمنح توني كروس فريقه الفوز في الدقيقة الخامسة من الوقت البديل (90 + 5) وهو فوز لم يشفع للكتيبة الألمانية لضمان مقعد في دور الـ16 بعد انتصار وهزيمتين أمام المكسيك وكوريا الجنوبية.

وكان للعرب نصيب من الريمونتادا وذلك في الجولة الثالثة في القمة العربية بين المنتخبين السعودي والمصري حيث تقدم الفراعنة في الدقيقة 22 عن طريق هدف محمد صلاح قبل ان يحقق المنتخب الأخضر التعادل في الدقيقة 51من ضربة جزاء نفذها سلمان الفرج ويضيف سالم الدوسري الهدف الثاني في الدقيقة 90 + 5.

ويمكن تصنيف فوز المنتخب التونسي على نظيره البنمي في الجولة الثالثة من منافسات المجموعة السابعة في خانة الريمونتادا فنسور قرطاج تأخروا في النتيجة منذ الدقيقة 33 عن طريق هدف من نيران صديقة سجله ياسين مرياح خطأ في مرماه قبل ان يختطف فخر الدين بن يوسف هدف التعادل في الدقيقة 51 ويضيف وهبي الخزري الهدف الثاني في الدقيقة 66.

المونديال وفي للريمونتادا
ليست النسخة الحالية نقطة البداية في علاقة كأس العالم والريمونتادا بل أن العلاقة بينهما مترسخة في القدم واولها في مونديال 1954 بسويسرا وتحديدا في الدور النهائي بين المانيا والمجر. وبادر المنتخب المجري بالتهديف منذ الدقيقة السادسة عن طريق فيرنك بوشكاش قبل ان يضيف زولاتان كزيبور الهدف الثاني بعد دقيقتين لو تستغرق انتفاضة «الماكينات الالمانية» كثيرا فالدقيقة العاشرة من المباراة أعلنت عن تذليل الفارق من ماكس مورلوك وتكفل هيلموت راهن بالبقية ليسجل الهدفين الثاني والثالث في الدقيقتين 18 و84 ويقلب الهزيمة الى انتصار بنتيجة (3 - 2). بعد 12 سنة اكتوى المنتخب الالماني بنار الريمونتادا امام نظيره الانقليزي الذي توج بلقب دورة احتضنها في عقر داره. وكان المنتخب الألماني سباقا في التهديف منذ الدقيقة 12 عن طريق هيلموت هالير قبل ان يعدل الانقليز في الدقيقة 18 من جيوف هورست ويحققوا هدف السبق في الدقيقة 78من مارتن بيتيرس لكن وافغانغ ويبير منح التعادل لألمانيا في الدقيقة 89 ليحسم منتخب الأسود الثلاث اللقاء في الحصص الإضافية بهدفي جيوف هورست في الدقيقتين 101 و120.

ورفع الألمان راية الثأر في المباراة التي جمعتهم بالمنتخب الانقليزي في دورة 1970 ضمن الدور ربع النهائي، ولم يشفع للانقليز تقدمهم في الدقيقتين 31 عن طريق ألان موليري و49 عن طريق مارتن بيتيرس بما ان فرانس بيكنباور ذلل الفارق في الدقيقة 68 قبل أن يحقق أوي سيلير هدف التعادل في الدقيقة 76 ويختطف جيرد ملر هدف الفوز في الدقيقة 108 من الوقت الاضافي غير ان مسيرة «المانشافت» انتهت في نصف النهائي على يد المنتخب الايطالي ولم تنفع هذه المرة الريمونتادا بما انّ منتخب الازوري حسم اللقاء في الوقت الإضافي (4 - 3).

لا يمكن للجمهور التونسي ان ينسى مونديال 1987 لان منتخبنا تمكن من دخول التاريخ كأول منتخب عربي وإفريقي ينتصر في المونديال وذلك على المكسيك بنتيجة (3 - 1) لكن تجدر الاشارة الى ان كتيبة عبد المجيد الشتالي حققت ريمونتادا في اللقاء حيث تقدم المنتخب المكسيكي في الدقيقة 45 من ضربة جزاء وبعد 5 دقائق أدرك علي الكعبي التعادل قبل ان يضيف نجيب غميض الهدف الثاني في الدقيقة 79 ويحرز المختار ذويب الهدف الثالث قبل 3 دقائق من نهاية الوقت الأصلي للمباراة. نفس الدورة كانت مليئة بانقلاب المعطيات فالمنتخب الأرجنتيني قلب تأخره أمام المجر الى انتصار بنتيجة (2 - 1) وايطاليا بدورها فازت على المنتخب الفرنسي الذي تقدم منذ الدقيقة الأولى لكن باولو روسي وزاكاريلي منحا الانتصار للايطاليين.

في مونديال 1986، وتحديدا في الدور ثمن النهائي كان المنتخب الاسباني متأخرا في النتيجة امام نظيره الدنماركي بهدف سجل في الدقيقة 33 لكن الماتادور ضرب بقوة لينتصر بخماسية في مباراة تألق فيها بالخصوص ايميليو بوتراغوينيو بتسجيل رباعية كاملة.

وتمكن المنتخب الايطالي في نسخة 1994 من تجاوز تأخره في النتيجة في الدور الثاني امام المنتخب النيجيري بهدف ايمانويل امونيكي في الدقيقة 25 الى انتصار بفضل ثنائية روبارتو باجيو في الدقيقتين 88 و100. وردت النسور الخضراء النيجيرية الاعتبار في دورة 1998 بعد ان قلبت تأخرها في النتيجة امام المنتخب الاسباني بثنائية فرناندو هيرو وراوول الى فوز بثلاثية مقابل هدفين وسجل لنيجيريا كل من اوديمونغي وغاربا لاوال واوليزيه.

وتبقى ابرز ريمونتادا في نسخة المانيا 2006 تلك التي حققها المنتخب الفرنسي على حساب نظيره الاسباني (1 - 3) وبادرت اسبانيا بالتهديف منذ الدقيقة 28 عن طريق دافيد فيا من ضربة جزاء لكن فرانك ريبيري احرز التعادل قبل 4 دقائق من نهاية الشوط الاول قبل ان يضيف باتريك فييرا الهدف الثاني في الدقيقة 84 ويحقق زين الدين زيدان الهدف الثالث في الدقيقة 90.

في مونديال 2014، التقى المنتخب الهولندي نظيره الاسباني في مواجهة كانت ثأرية بالنسبة الى المنتخب البرتغالي نظر الى ان الماتادور الاسباني حرمه من التتويج بلقب 2010 بهدف لصفر، وغم ان اسبانيا افتتحت التسجيل في الدقيقة 27 من تشابي الونسو بضربة جزاء الا ان المنتخب الهولندي ضرب بخماسية حملت توقيع روبين فان بيرسي في مناسبتين كما هو الشأن لاريين روبن اضافة الى هدف من ستيفن دي فريغ.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115