4 جانفي 1997 و4 جانفي 2013: جماهير الترجي والإفريقي فرقتها 90 دقيقة ...وجمعتها ذكرى رحيل «بلها» و الورتاني

ارتبط تاريخ 4 جانفي في ذاكرة الجمهور الرياضي التونسي باليوم الأسود فذات 4 جانفي 1997 وفي ليلة شتوية باردة استضاف خلالها

الترجي الرياضي اولمبيك ليون الفرنسي في مباراة ودية احتفالية ولكنها لم تكن كذلك، لأن قلب الأسد الهادي بالرخيصة توقف عن النبض على أرضية ملعب الشاذلي زويتن ...لحظات من الصمت المطبق على أجواء الملعب مرت كأنها سنوات على جمهور كان يأمل أن ينهض «بلها» ويستأنف المباراة لكن ابن الـ24 سنة الذي عشق الساحرة المستديرة لبى نداء ربه وهو على المستطيل الأخضر.

مرت سنوات عديدة لم يغب فيها طيف بالرخيصة عن الاذهان لكن كأن التاريخ المشؤوم يعيد نفسه، صبيحة الجمعة 4 جانفي 2013 استفاق الجمهور الرياضي على خبر فقدان لاعب النادي الإفريقي لسعد الورتاني او كما يسميه المقربون منه ‹الزقو› في حادث مرور اليم بعد ان قضى ساعاته الأخيرة أمام مقر النادي الإفريقي في لحظات وداع. اليوم يمر على ذكرى رحيل «بلها» 21 سنة ونطوي 5 سنوات على توديع الورتاني لكن مع كل 4 جانفي فهما لا يغيبان عن الذاكرة فالجمهور الرياضي بمختلف انتماءاته اتفق على حبهما واحترامهما في زمن بات فيه اللاعبون الذين من طينتهما عملة نادرة...جمهور الترجي و الافريقي اللذين تفرقهما 90 دقيقة يجمعهما تاريخ 4 جانفي على توديع رمزين من رموزهما في الوفاء و«القليّب»...

«بلها» حي دائما في القلوب
الأقدار وحدها شاءت أن تضع نقطة النهاية لحياة الهادي بالرخيصة، الفتى الذي عشق كرة القدم في أحضان محبوبته وكأنها تجسيد حي لمقولة «ومن الحب ما قتل...»، توقف قلب الأسد عن النبض على أرضية ملعب الشاذلي زويتن يوم السبت 4 جانفي 1997 في مباراة ودية التقى خلالها الترجي الرياضي اولمبيك ليون الفرنسي وبينما كانت المباراة تقترب من دقائقها الأخيرة سقط بالرخيصة على ارض الملعب في لقطة ساد الاعتقاد خلالها أن الأمر لا يتجاوز الإصابة العضلية لكن مر الوقت وقلب الأسد لم ينهض فالتف حوله اللاعبون والإطار الطبي وخيم السكون القاتل على مدارج ملعب زويتن ليتأكد فيما بعد خبر وفاته اثر سكتة قلبية عن سن لا تتجاوز 24 سنة.

ولد الهادي بالرخيصة في مليتة من جزيرة قرقنة يوم 28 جوان 1972 وبعد فترة وجيزة هاجرت أسرته إلى فرنسا قبل أن يعود في سن السادسة ويتعلم اللغة العربية حيث كانت عائلته ترغب في ان يتلقى تربية عربية لكن فشله في التأقلم مع الأجواء في تونس حتّم عودته إلى فرنسا حيث أقام هناك إلى حدود 1988 أي الى السادسة عشرة من عمره حيث عاد إلى ارض الوطن ليكتب أول صفحات مسيرته القصيرة مع الترجي ولكنها زاخرة بالتتويجات والألقاب محليا وقاريا.

سنة 1990 كان انضمامه الى الترجي الرياضي ولم يمر الكثير من الوقت حتى بدا يتذوق طعم التتويجات ،على الصعيد المحلي توّج «بلها» مع فريق باب سويقة ببطولتين في موسمي (1992 - 1993) و(1993 - 1994) فضلا عن البطولة العربية سنة 1993 والكأس الأفروآسيوية سنة 1995 ...غير أن الذكرى التي لا تمحى من اذهان كل الترجيين مساهمته الفعالة في تتويج فريقه بكأس إفريقيا للأندية البطلة سنة 1994من خلال تسجيله ثنائية تاريخية في مرمى الزمالك المصري.

على المستوى الدولي ، التحق قلب الأسد بالمنتخب الوطني سنة 1994 وكان من بين أبطال ملحمة جوهانسبورغ في نهائيات كاس أفريقيا للأمم 1996. وتحصل بالرخيصة على جائزة أفضل لاعب تونسي خلال موسم (1993 - 1994) وهو أول تونسي يتم اختياره كأفضل لاعب عربي سنة 1995....

«الزقو» عشق الإفريقي بجنون وكانت الحديقة «أ» آخر محطاته...
علاقة المرحوم لسعد الورتاني بالنادي الإفريقي تجاوزت حد المعقول بل بات من المنطقي الحديث عن حب خرافي وأسطوري يكنه ابن مدينة الاغالبة للاحمر والأبيض،وإذا كان الهادي بالرخيصة قد ودع الحياة على ارضية ملعب زويتن فإن الورتاني او كما يسميه عشاقه «الزقو» كانت ساعاته الاخيرة في حديقة منير القبايلي وكأنه يودّع معشوقته إلى الأبد...ففي صباح الجمعة 4 جانفي 2013 كان في طريق العودة الى منزله لكنه تعرّض الى حادث مرور أليم بطريق المرسى بعد انزلاق سيارته. الصدمة كانت اكبر على الجمهور الرياضي من ان تصدق و البعض أمل أن لا يتعدى الأمر حدود الإشاعة المغرضة لكن تأكدت وفاة ابن الشبيبة القيروانية عن سن تناهز 33 سنة تاركا لوعة وحسرة لدى الجمهور الرياضي والكل يتذكر الجنازة الكبيرة التي انتفت فيها الألوان واجتمع فيها الجمهور على اختلاف انتماءاته لتشييع لاعب يشهد الملاحظون أنه من خير ما أنجبت الكرة التونسية على مستوى العزيمة والروح القتالية والأخلاق إلى مثواه الأخير.

والفقيد لسعد الورتاني أو «الزقو» من مواليد 2 ماي 1980 بمدينة القيروان كانت انطلاقته مع الشبيبة القيروانية حيث مر بجميع الأصناف قبل أن ينتقل إلى الملعب التونسي سنة 2001، في السنة ذاتها تذوق طعم التتويج مع المنتخب الاولمبي بذهبية العاب البحر المتوسط التي احتضنتها تونس كما رفع كاس تونس مع فريق باردو سنة 2003 اثر فوزه على النادي الافريقي بهدف لصفر. بعد 4 سنوات (سنة 2004) انضم إلى النادي الإفريقي وكان أبرز صانعي عودة الإفريقي إلى منصة التتويج المحلية بعد غياب من خلال بطولة 2008 قبل أن ينتقل سنة 2009 إلى الترجي الجرجيسي ثم عاد إلى فريقه الأصلي الشبيبة القيروانية .كما تقمص زي المنتخب الوطني من 2002 الى 2007.

توفي الورتاني لكن جمهور الملعب التونسي والنادي الإفريقي خاصة يحرص على تكريمه و التغني به في كل مناسبة إيمانا بأنه أعطى للفريق دون حسابات...

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115