والأخير متراجعا بثلاث مراكز عن النسخة الماضية التي اختتمها في المرتبة 21، مشاركة هي الأسوأ في تاريخ مشاركاته التسع التي سجل حضوره من خلالها في المونديال طرحت في حقيقة الأمر أكثر من سؤال ولا يمكن أن تمر دون تقييم ودون محاسبة لكل الأطراف المعنية.
هل ستطوى صفحة هذا المونديال وتدخل طي النسيان مثل ما كان الحال في النسخة الماضية أم سيكون هناك تقييم ومحاسبة جدية؟ سؤال يراود كل من تابع نتائج المنتخب التي أقل ما يقال عنها أنها كانت كارثية ويتبادر الى أذهان كل الساهرين على كرة اليد التونسية التي ظهر جليا أنها تسير بنسق رهيب الى الوراء وعاجزة عن السير نحو الأفضل ولو بدبيب النمل..، في الواقع ظهر جليا خلال المونديال أن المنتخب سيحتاج سنوات لإعادة البناء وإنجاب جيل جديد يكون قادرا على تحقيق الأفضل بما أن المشاركة في النسخة الحالية من البطولة العالمية سجلت تواجد أكثر من لاعبة محترفة وأكثر من لاعبة صاحبة خبرة ولكن دون جدوى ولولا وجود منى شباح لكانت النتائج أسوأ بكثير.
تبدو مشاكل المنتخب وكرة اليد النسائية على حد السواء أعمق بكثير مما نظن فهذه اللعبة التي تعاني التهميش حد النخاع من كل السلط الساهرة عليها هي في حاجة الى اعادة البناء والى موارد مالية خاصة بها تمكنها من تكوين قاعدي ضمن أطر صحيحة فمن غير المعقول اليوم أن تكون الفرق «غارقة» في الديون وعاجزة حتى توفير منحة التنقل ويطلب منها في المقابل تكوين لاعبات يكن قادرات على خوض مباريات في مستوى عالمي، المنتخب وان تواصل الأمر على حاله لن يكون قادرا بالأداء الذي ظهر عليه في المونديال والروح التي خاض بها مبارياته حتى على مجرد الحلم باسترجاع التاج القاري من المنتخب الأنغولي العتيد.
هل تابع المدرب الوطني عصام اللحياني لاعبات المنتخب وهل كانت له الفكرة الكافية على جاهزيتهن من عدمها لخوض المونديال؟ بالطبع لا بما أن «اللحياني» كانت له التزامات مع شبيبة الشيحية ولم يكن لديه الوقت الكافي حتى يتحول الى القاعات التي تحتضن مباريات البطولة النسائية وينتقي اللاعبة التي تستحق أن تدافع عن ألوان المنتخب والناخب الوطني لم يكن بمقدوره أيضا متابعة لقاءات اللاعبات المحترفات واكتفى بالأسماء المتعارف عليها وكانت النتيجة ما هي عليه اليوم ولكن الذنب ليس ذنبه بل ذنب الجامعة التي كانت على بينة من أنه لن يكون هناك الوقت الكافي للقيام بكل هذا ومع ذلك تمسكت باللحياني مدربا للمنتخب.
اختيارات فنية ليست في محلها
سيكون على المدرب الوطني عصام اللحياني تحمل المسؤولية كاملة في اختياراته الفنية وكل التبريرات ستكون مرفوضة بما أن الكلمة الأولى والأخيرة تبقى كلمته وكان بإمكانه قول لا في كل ما لا يراه مناسبا ولا يخدم مصلحته مع المنتخب بما أن التاريخ سيذكر أن أسوأ مشاركة لعناصرنا الوطنية في المونديال كانت معه، اللحياني لو كان موقفه ثابتا لتمكن من اعادة أسماء الغاوي الى المجموعة ولعوّل على خدمات شيماء الجويني ومروى الذوادي ولضرب بعرض الحائط كل المصالح الضيقة التي كانت وراء ابعاد هذا الثنائي وغيره من اللاعبات الموجودات في البطولة الجزائرية فهذا المونديال شاهدنا خلاله أن أكثر من لاعبة لم تكن تستحق التواجد فيه.
للجامعة النصيب الأكبر
تدرك الجامعة جيدا ومسبقا أن المنتخب في حاجة الى مدرب يكون قادرا على تأطير المجموعة كما يجب ولكن يبدو أنها لم تتعظ من التجربة مع المدرب السابق رياض الصانع وعينت اللحياني في اخر لحظة على الرغم من أنه كان هناك متسع من الوقت للاتفاق مع الناخب المناسب الذي يقود الاطار الفني لعناصرنا الوطنية أكثر ما يمكن في المستقبل ويكون ذلك وفق برنامج عمل واضح على المدى الطويل فغياب الاستقرار عادة ما يهدم أي مخطط.
لم تعط الجامعة المنتخب ومشاركته في المونديال على حد السواء الأهمية التي يستحقها وكأنها تنصلت من المسؤولية ونسيت أن منتخب السيدات يجب أن يعامل بالدرجة ذاتها التي يعامل بها منتخب الذكور وهذا ما بان في التحضيرات التي خصصتها له والتي لم ترتق الى الجدية وكأن عناصرنا الوطنية ستخوض دورة ودية وليس بطولة عالم، ربما ستتحجج الجامعة بظروفها المادية الصعبة ولكن ذلك لن يكون ممكنا فكما وفرت لمنتخب الأكابر كان بإمكانها توفير الامكانيات لمنتخب الكبريات التي تبقى غير قابلة للمقارنة.
تعلم الجامعة مسبقا ومنذ تعاقدها مع عمر خذيرة أن منصف الشريف سيغادر ومع ذلك لم تكلف نفسها مشقة البحث عن المعد البدني الذي سيعوضه حتى لا يكون هناك فراغ والأمر تم تجاهله وأجل الى ما بعد المونديال والنتيجة كانت انهيار بدني ونتائج سنحتاج سنوات لتجاوزها وطي صفحتها، منتخبات نسائية لا تضم منتخبا للوسطيات لا ينتظر منها الكثير وهذا ما سيكون لزاما تداركه في أقرب وقت ممكن من الجامعة المطالبة أيضا بتعيين مدربة مساعدة من لاعباتنا القدامى من المشهود لهن بالكفاءة والخبرة لتأطير المجموعة.
والإدارة الفنية أيضا
تتحمل الادارة الفنية أيضا جانبا كبيرا من المسؤولية في النتائج المخجلة للمنتخب فهي صاحبة كلمة وياسين عرفة كان بإمكانه اقناع الجامعة ببرمجة أفضل بما أنه يدرك صعوبة المهمة التي تنتظر المنتخب وأن المنتخبات في المونديال لا تساوم على حظوظها، ياسين عرفة باختصار وضع برمجة لا تليق بالمنتخب.
ماذا بعد؟
من أين ستبدأ الجامعة الإصلاح؟ سؤال ينتظر اجابة من رئيسها مراد المستيري والمدير الفني التابع لها ياسين عرفة على حد السواء فهذه المشاركة لا يمكن ان تمر دون تقييم جدي وكل طرف عليه تحمل المسؤولية كاملة، الجامعة وان أرادت الأفضل فانه يتوجب عليها تخصيص ميزانية خاصة بالمنتخبات النسائية وتعيين اطار فني جديد يكون من يقوده يملك التجربة والخبرة الكافيتين في التعامل مع اللاعبات وقادرا على تكوين مجموعة يكون بمقدورها المراهنة على النسخة القادمة من اللقب القاري الذي سيكون أمرا ملحا ولا يحمل تأجيلا جديدا.. دعم مجهود الفرق وتكوين مدربين ذوي اختصاص وتحسين مستوى البطولة ستكون هذه أول خطوة إن أرادت الجامعة الاصلاح. يوجد في المنتخب الحالي أكثر من لاعبة ممتازة وهذا الجيل لا بد من حمايته حتى لا تذهب جهود سنوات من العمل أدراج الرياح، المنتخب من الضروري أن يكون في منأى عن كل تجاذب والاختيارات فيه لا بد أن تتم بعيدا عن المصالح الضيقة إذا أرادت الجامعة رد الاعتبار لذاتها وعناصرنا الوطنية على حد السواء وذاك هو الأفضل لكرة اليد النسائية بما أن ابعاد «اللحياني» لن يشفع لها أخطاءها.