يفرض واقع الكرة في تونس بعد الثورة عدم الحديث عن الأمور الفنية والتكتيكية والمتعة الكروية التي تؤسسها الساحرة المستديرة ليكون طوق نجاة عشاق الكرة الأطباق الأوروبية بما أن الكرة التونسية فضلت عزف النشاز وتقديم صور أخرى غير ما هو متعارف عن اللعبة الشعبية الأولى فالعنف والفوضى والخروج عن النص باتت سمات كرتنا التي أكدها أقوى لقاءات الرابطة المحترفة الأولى في أمسية الدربي العاصمي بين النادي الإفريقي والترجي الرياضي.
الدربي خرج عن كرة القدم بما أن الحصيلة تمثلت في فوضي ودماء وإصابات لرجال الأمن وجماهير الأحمر والأبيض وكأننا في مواجهات خارج إطار كرة القدم حيث كانت حصيلة الإصابات كبيرة سواء من طرف الأمنيين بما أن الداخلية أكدت إصابة 10 أعوان أمن بينهم 2 في حالة دقيقة فيما أعلنت التقارير أن 30 محبا من النادي الإفريقي تم نقلهم إلى المستشفيات القريبة بما فيهم 10 إصابات حرجة بل أكثر من ذلك حيث تحدثت أخبار عن وفاة أحد محبي الإفريقي وهو ما نفنده بما أن المعلومات التي بحوزتنا تؤكد أن حمدي الذوادي لايزال على قيد الحياة.
أمسية 30 أفريل كانت مؤشراتها توحي بإحداث شغب وفوضى لكن ليست ببشاعة الصور التي قدمتها مدرجات أولمبي رادس ومحيطه بما أن المواجهات بين رجال الأمن وجماهير الإفريقي تواصلت خارج محيط الملعب.
أجواء مشحونة ترجمة المواجهات
الغريب أن كل المؤشرات كانت تصب في وقوع أحداث فوضى وعنف حتى أن الجميع تحدث عن مواجهات منتظرة بين الجماهير ورجال الأمن حيث كانت لواقعة تسريب «دخلة» جماهير نادي باب الجديد أحد أهم العوامل التي جعلت الجميع يتحدث عن مواجهات وأن تكون هذه الحادثة الشرارة التي ستعلن أحداث العنف فيما زادت «السوق السوداء» التي اتهم فيها جماهير الإفريقي بعض رجال الأمن باحتكار عملية بيع التذاكر في توتر الأجواء بين الطرفين ليزيد تأخر الأحمر والأبيض في النتيجة في سخونة «الفيراج» الشمالي.
وفي تمام الدقيقة 20 من الشوط الثاني انطلقت المواجهات بين الجماهير ورجال الأمن لنسجل صورا غريبة حيث تبادل الطرفان العنف في صورة غير معهودة ومثلت صدمة لكل الحاضرين في الملعب في كراسي المدرجات التي تطايرت من الجانبين ليتم بعد ذلك تفريق الجماهير وإخلاء المدارج بالكامل عبر الغاز المسيل للدموع...
ولم تقف هذه المواجهة عند المدرجات فقط بما أن قنابل الغاز المسيل للدموع تواصلت خارج محيط الملعب ليكون رد جماهير الإفريقي بالحجارة في أحداث عرفت كرا وفرا من الجانبين.
أخر الأخبار تؤكد أن إيقافات عديدة في صفوف أحباء النادي الإفريقي ترجح مصادرنا أنها بلغت قرابة 200 موقوف سيتم التثبت في مدى تورطهم في أحداث العنف قبل أن يتم عرضهم على السلطات القضائية.
شيبوب والرياحي ممنوعان من دخول الدربي
منى الرئيس السابق للترجي الرياضي سليم شيبوب النفس بمشاهدة دربي 30 أفريل من مدرجات أولمبي رادس خاصة أنه تلقى وعودا بأن يكون مكانه محجوزا لمتابعة القمة التقليدية في البطولة التونسية لكن رغم هذه الوعود إلا أن شيبوب وجد نفسه في التسلل حيث تم رفض دخوله للملعب وحتى التدخلات العديدة لم تشفع له بأن يتابع اللقاء من المدرجات ما فرض مغادرته الملعب...
الرئيس الأسبق للترجي كان يملك ترخيصا خاصا إلا أن رفض السلطات الأمنية تواجد شيبوب كان قويا ما جعله يمتثل إلى الأوامر ويغادر محيط أولمبي رادس.
في المقابل رفع الفيتو أيضا في وجه رئيس النادي الإفريقي سليم الرياحي الذي بحث عن العودة إلى الملعب ودخول حجرات ملابس فريقه في الشوط الثاني إلا أن رجال الأمن رفضوا ذلك وأكدوا استحالة وصول الرياحي إلى حجرات ملابس زملاء صابر خليفة وغادر الرياحي الملعب إثر الهدف الثاني للترجي الرياضي لكنه أعاد الحسابات وفضل أن يكون مع المجموعة في الفترة الثانية إلا أن رجال الأمن منعوه من ذلك رغم أن القانون يخول له ذلك كونه رئيس الفريق المستضيف للمواجهة.
معاملة بالمثل
في دربي الذهاب اختارت هيئة الترجي الرياضي أن تكون مقصورات أولمبي رادس حكرا على الألوان الحمراء والصفراء وهو ما فرضه مسؤولو الإفريقي في مواجهة 30 أفريل حيث لم يتحصل مسؤولو الترجي على دعوات بل أكثر من ذلك بما أن الكاتب العام السابق للنادي الإفريقي مجدي الخليفي فرض على مراقب المباراة إبعاد الثنائي رياض بالنور ووليد العارم من المنطقة المختلطة وهو ما استجاب له رجال الأمن ومراقب اللقاء الذي فرض على ثنائي الترجي الالتحاق بالمدراج بالقرب من جماهير الأحمر والأصفر...
50 ألف دينار خسائر الملعب
حسب الأخبار التي تحصل عليها «المغرب» والتقارير الأولية لإدارة الحي الأولمبي والسلطات الأمنية فإن خسائر الملعب الأولمبي برادس بعد أحداث الشغب التي عرفتها مواجهات النادي الإفريقي والترجي الرياضي بلغت قرابة 50 ألاف دينار تونسي حيث تؤكد التقارير الأولية لمسؤولي الحي الأولمبي الذين قاموا بجرد الخسائر فور نهاية اللقاء أنه تم اقتلاع 520 كرسي كما تم تهشيم 15 بابا فيما عرف بلور معظم المقصروات الشرفية تهشيما كليا.
جماهير الترجي ترد
رغم طبيعة العلاقة المتوترة بين الترجي والإفريقي وبالتحديد بين جماهير الفريقين إلا أن أحداث العنف التي سجلها لقاء الدربي أخرجت الأمور على المألوف وضربت بالقواعد والعادات المتعارف عليها منذ نشأة الفريقين عرض الحائط وهو ما التمسناه بدخول جماهير الأحمر والأصفر على الخط وتعبيرها عن رفضها القطعي لما تعرضت له جماهير الإفريقي من عنف بأهازيج طالبت خلالها جماهير الترجي الأمن بالتوقف عن التدخلات العنيفة وهو ما كان محل رد فوري من جماهير الإفريقي التي توجهت من مدارجها بالشكر إلى جماهير الترجي في حركة تدل عن اقتراب نفاد صبر الجماهير الرياضية التونسية من العنف والإيقافات المتكررة في صفوف جماهير الفريقين من لقاء إلى أخر.
هذا ما دونه كريم الخميري
لم يدون الحكم كريم الخميري الأحداث التي رافقت مواجهة الأجوار والتي فرضت توقف اللعب لمدة 9 دقائق كاملة أثر عدم تمكن اللاعبين من مواصلة اللعب بسبب الغاز المسيل للدموع والذي انتشر في الملعب بسبب الاستعمال المفرط للقوة من طرف رجال الأمن لكن الأكيد أن التقارير التكميلية ستعود لهذه الأحداث فيما اقتصر تقرير قاضي الدربي على ما يلي:
- رمي المقذوفات وإشعال الشماريخ ورميها على أرضية الميدان من قبل جماهير النادي الإفريقي.
- إشعال الشماريخ من طرف جماهير الترجي الرياضي التونسي دون رميها.
- اقتحام الميدان من قبل محب من جماهير النادي الإفريقي ومحاولة الاعتداء على الحكم المساعد الأول أيمن إسماعيل.
حديث عن «الويكلو»
فرضت أحداث الدربي عودة أسطوانة اللعب دون حضور الجمهور خاصة أن العنف كان كبيرا وصل إلى حد إصابات خطيرة سواء في صفوف أحباء النادي الإفريقي أو رجال الأمن لتزيد الأضرار الكبيرة في أولمبي رادس في عودة الحديث عن «الويكلو» حيث أكدت وزيرة الشباب والرياضة ماجدولين الشارني أنها تدرس بشدة تطبيق أوامر رئيس الحكومة يوسف الشاهد بعد أحداث الكلاسيكو بين النادي الصفاقسي والنجم الساحلي ورغم أنها اجتمعت ليلا برئيس الجامعة وديع الجريء إلا أن قرار «الويكلو» لن ير النور بما أن تأكيدات رئيس الجامعة في الندوة الصحفية الخاصة بتقديم المدرب الجديد للمنتخب تطرقت لرفض العقوبة الجماعية على أندية الرابطة المحترفة الأولى سواء حوار التتويج أو تفادي النزول وهو تأكيد جديد من رئيس الجامعة على أن ما تبقى من عمر البطولة سيكون بحضور الجمهور...
وصرح وديع الجريء أنه لا مجال أن تدور مباريات بقية الموسم دون حضور الجمهور لكن لابد من معاقبة الفرق التي أذنبت جماهيرها مؤكدا أن مكتب الرابطة سينظر في أحداث الدربي وسيتخذ القرارات اللازمة بالعودة إلى تقارير الأمن والمراقبين والحكام.