وأن أضاع أمامه فرصة أول فوز في هذه البطولة العالمية المنتخب المقدوني حتى يتأهل إلى الدور ثمن النهائي ويواصل المشوار من أجل هدف سئمناه في كل مونديال المرور إلى الدور الثاني.
لم ترتق مشاركة المنتخب إلى المطلوب وأقل ما يمكن قوله إنها كانت فاشلة فهو تحول إلى فرنسا من اجل أن يثبت أن المركز الأخير الذي حل فيه في الأولمبياد كان مجرد سوء حظ وأن له باعا وذراعا في بطولة العالم وأن المشاكل التي تجمعت حول أسواره مؤخرا كانت مجرد سحابة عابرة ولكن هيهات فهذا لم يكن سوى مجرد أوهام رسمها البعض وصدقها البعض الأخر خوفا من كشف المستور في وقت كان يجدر فيه إماطة اللثام عن بعض الحقائق التي يدركها جيدا المسؤولون في الجامعة.
تحول المنتخب إلى فرنسا بصانع ألعاب وحيد صبحي سعيد والحال أنه كان بالإمكان الإستنجاد إما بلاعب الإفريقي عبد الحق بن صالح أو كمال العلويني ولكن ذلك لم يحصل ولا ندري هل كان عن قناعة من المدرب الوطني حافظ الزوابي أم بضغط من بعض الأطراف المحيطة بالمنتخب التي ترفض تواجد اللاعبين اللذين لو كان أحدهما مع المنتخب لكانت النتائج أفضل فالمنتخبات التي واجهها المنتخب وباستثناء منتخب إسبانيا ليست أفضل في شيء وكان بالإمكان الخروج بأربعة انتصارات والتأهل دون انتظار هدية من أحد ولكن على أرض الواقع خرج المنتخب بإنتصار يتيم وأمام أي منتخب؟ منتخب أنغولا الذي يشارك للمرة الثالثة في تاريخه في المونديال والمنهك من مواجهاته السابقة ولو واجهه منتخبنا في المباراة الأولى أو الثانية لعجز عن تحقيق فارق التسعة أهداف فأنغولا سبق وأحرجتنا في «كان» مصر وفاز المنتخب ضدها بفارق هدفين فقط.
كان بإمكان المنتخب أن يتحول أيضا إلى فرنسا معززا بلاعبي الخبرة نضال العمري الذي تألق في «كان» مصر ومحمد علي بحر الذي برز مع المنتخب في الدورة الترشيحية والمتألق مع الترجي الرياضي وحقيقة لا ندري لماذا خير المدرب الوطني حافظ الزوابي إبعادهما من التشكيلة وتعويضهما بالشبان طارق جلوز الذي شاهدناه فقط في لقاء أنغولا وأنور بن عبد الله الذي لم يتم تشريكه وإسكندر زايد الموجود في القائمة الإحتياطية فالمنتخب كان خلال هذا المونديال في حاجة إلى لاعب يملك الخبرة وهؤلاء الشبان كان بالإمكان إعدادهم لـ «الكان» القادمة إذا كنا نفكر فعلا في تشبيب المنتخب والتفكير في مستقبله لا تشريكهم في هذا المونديال الذي كانت تتطلع خلاله كرة اليد التونسية إلى الأفضل لمحو خيباتها الأخيرة ولكنها سارت باتجاه خيبة جديدة بعد أن غلب الشخصي على المصلحة العامة.
من العيب الحديث الان عن أن المنتخب خرج بانتصار في المونديال وكان قريبا من التأهل فمن يريد تحقيق الأفضل عليه الاجتهاد وتقديم الأفضل بنفسه لا أن يضع مصيره بيد منتخب اخر ويبقى ينتظر هدية والمسؤولية مشتركة ويتحملها الكل من مسيرين وإطار فني ولاعبين فالمنتخب فرط في ثلاث انتصارات مستحقة وجعلنا في كل مباراة نعيش حسرة ونتجرع من كأس خيبته مرارا فمنتخب لا يقدر على الحفاظ على فارق أربعة أهداف قبل نهاية مباراة بدقيقتين ونصف لا يملك مكانا في العالمية ولا يحق له الحديث عنها.
«الميساوي» الاستثناء
قدم مكرم الميساوي مردودا متميزا وحافظ على تألقه طيلة مباريات المونديال بنفس المردود على عكس بقية اللاعبين الذين كان مردودهم متذبذبا وفي المقدمة لا بد من الحديث عن محترف برشلونة وائل جلوز الذي لم يقدم أية إضافة في الوقت الذي كنا ننتظرها منه وإذا ما الجدوى من أن يكون الحاضر الغائب في كل مرة والمؤكد أن مصباح الصانعي اللاعب الخلوق و»المحارب» يستحق أن يكون أساسيا وهذا ليس من فراغ فقد أكد ذلك كلّما منحت له الفرصة والأمر ذاته ينطبق على أيمن التومي كما وائل جلوز.
رد مكرم الميساوي إذا الإعتبار لذاته والرسالة وصلت لمن تعمد سابقا إبعاده من المنتخب الذي لا بد أن تكون أجواؤه أفضل والجامعة عليها تحمل مسؤولياتها فيما وصل إليه وفيما حصل مؤخرا فالمحاسبة ستكون ضرورية وكل طرف عليه تحمل المسؤولية فالمنتخب ليس فسحة والجامعة كذلك ومن يريدهما مطية لأغراضه الشخصية عليه أن يبحث عن ذلك بعيدا عن كرة اليد «العائلة».
بان بالكاشف اليوم أن الكثير من العمل مازال ينتظر المنتخب وأن مستوى البطولة الوطنية لن يمكننا من الذهاب بعيدا إذا استمر الأمر على حاله والمطلوب مزيد العمل إذا أردنا إنقاذ ما تبقى عبر استراتيجية عمل واضحة ووفق منظومة بعيدة عن كل محسوبية.
لا لتبرير الأخطاء
كما يقال «الإعتراف بالذنب فضيلة» وهذا ما يتوجب فعله من كل من له علاقة بالمنتخب وفي المقدمة المدرب الوطني الذي سيكون مطالبا بتقديم تبريرات منطقية عن اختياراته الفنية وعن التغييرات التي قام بها في مباراة أنغولا التي كان المنتخب خلالها في حاجة إلى لاعبي الخبرة من أجل الخروج بأكثر فارق ممكن في الأهداف وعن ما حصل في الثواني الأخيرة من مباراة أيسلندا.
الحديث عن التبريرات سيكون أمرا واهيا وكل حديث أيضا عن أن المجموعة كانت صعبة سيكون مرفوضا فاللاعبون جلهم لهم الخبرة الكافية للفوز بتلك المباريات التي كانت في المتناول وعليهم تحمل مسؤولياتهم في الوضعية التي تركوا فيها المنتخب بعد هذا المونديال والمؤكد أن الجامعة ستكون مجبرة على مدنا بتقييم واقعي هو في الأصل كان يجدر بها القيام به بعد الاولمبياد،خيبة لو تمت معالجة أسبابها لما وصل الأمر إلى ما نحن عليه اليوم.
سيخوض المنتخب المباريات الترتيبية وقد يفلح في أن ينهي بعدها في المركز السادس عشر وقد يخيب ولكن ذلك لا يهم بعد أن فرط في الأهم فما يتوجب فعله هو البناء على بعض النقاط المضيئة التي خرجنا بها من هذا المونديال منها تألق جهاد جاب الله الذي سيكون خير خلف لعصام تاج صحبة مروان شويرف وتحسن الدفاع الذي لطالما كان عبئا ثقيلا على المنتخب الذي كسب في الوقت الضائع حارسا متألقا في قيمة مكرم الميساوي وسواعد شابة تنقصها الثقة في الذات للذهاب بعيدا في بقية مشوارها.