حيث دائما ما أقترن التواجد التونسي مع الحضور القوى والنفوذ الكبير في الكرة الإفريقية والتاريخ شاهد على النفوذ التونسي في أقوى هيكل كروي رياضي في "الماما أفريكا" وصل إلى نائب رئيس الاتحاد الإفريقي لكرة القدم بالإضافة على عدة مناصب ثقيلة في أقوى هيكل كروي في القارة السمراء لكن ما تعيشه الكرة التونسية من تراجع لم يتوقف عند النتائج فقط بما أن الشخصيات الرياضية التونسية هي الأخرى واصلت السقوط مع حسابات النفوذ الكروي في القارة.
المتأمل إلى واقع الانتخابات التي أقيمت في العاصمة المصرية القاهرة بشأن اختيار أعضاء اللجنة التنفيذية للاتحاد الإفريقي لكرة القدم وممثلي القارة السمراء في "كونغرس الفيفا" يلاحظ أن الغياب التونسي لم يكن بسبب نقص الدعم أو ضعف مرشحين التونسيين بل كان بضغوط خارجية فرضت انسحاب الممثل التونسي من لعبة الانتخابات وترك المجال للجزائر للعودة من جديدة إلى مربع السلطة في الكرة الإفريقية والتي عجزت عنه منذ 8 سنوات ولا يعكس الغياب التونسي عن مشهد انتخابا "الكاف"' إخفاق انتخابي بل يكشف بشكل واضح تراجع النفوذ التونسي ووقوعه تحت تأثير الضغوط الجزائرية إلى جانب أخطاء دبلوماسية واضحة جعلت تونس تدفع ثمن خياراتها.
إشعاع سابق كبير
منذ 1988 تعرف أروقة الاتحاد الإفريقي لكرة القدم الحضور التونسي وذلك بتواجد المرحوم سليم علولو الذي كان سفيرا فوق العادة للكرة التونسية سواء في "الكاف" أو حتى "الفيفا" ليصل الرجل إلى مراكز كبيرة في الهياكل الكروية منها نائب رئيس الاتحاد الإفريقي لكرة القدم الكاميروني عيسى حياتو كما أنه تقلد مهام كبيرة في الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" فبالإضافة إلى عضوية لـ"الكونغرس" فقد كان سليم علولو رئيسا لغرفة النزاعات في الاتحاد الدولي لكرة القدم.
ثاني تجارب الشخصيات التونسية في أروقة الهياكل الكروية الكبرى كان مع رئيس الترجي الرياضي الأسبق سليم شيبوب في تجربة لم تعمر طويلا واقتصرت على 4 سنوات فقط تمتع بها شيبوب بعضوية اللجنة التنفيذية لـ"الفيفا" وكان ثالث الأسماء التي مثلت تونس في "الكاف" و"الفيفا" طارق بوشماوي الذي فاز بعضوية اللجنة التنفيذية في الهيكلين كما أنه اضطلاع بمهمة رئيس لجنة التحكيم في الاتحاد الإفريقي لكرة القدم أما أخر الأسماء كما ذكرنا فهو وديع الجريء الذي فاز بعضوية اللجنة التنفيذية للهيكلين بالإضافة إلى رئائة اتحاد شمال إفريقيا لكرة القدم.
انهيار النفوذ التونسي في "الكاف"
كان الحضور التونسي في أروقة الاتحاد الإفريقي لكرة القدم من بين الأقوى في القارة السمراء إلا أن النفوذ بدء يتراجع بشكل كبير في السنوات الأخيرة حيث يعود أخر تواجد باسم الرئيس السابق للجامعة التونسية وديع الجريء 2023 بعد أن فضل خوض تجربة عضوية الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" وبذلك تغيب تونس عن القرار الكروي الإفريقي منذ 2023 لتزيد القرارات الخارجية بضرورة الابتعاد عن دائرة الترشحات وترك المجال للجزائر لخوض غمار المنافسة على بطاقة شمال إفريقيا في تراجع النفوذ التونسي حيث انسحاب نائب الرئيس الحالي للجامعة التونسية لكرة حسين جنيح من المنافسة فيما لم يحصل بلال الفضيلي على التزكيات المطلوبة لدخول المنافسة وبذلك خرجت من مجلس القرار الكروي الإفريقي.
ولم تكن الاختيارات والضغوطات من بين الأسباب التي فرضت الانهيار التونسي بما أن المطلع على الكواليس في الاتحاد الإفريقي يلاحظ أن العلاقة التونسية المغربية ليست في أفضل حالاتها وهو ما أثر على الحضور التونسي في ظل النفوذ المغربي في السنوات الماضية وامتلاكه خيوط اللعبة والقرار في يده في ظل قوة رئيس الجامعة المغربية فوزي لقجع الذي اختار الجامعة التونسية السابقة لكرة القدم عدم التصويت لفائدته في الانتخابات السابقة وهو ما عزز العزلة التونسية وفتح الباب أمام الجزائر لتوسيع نفوذها دون مقاومة تذكر في حين أن المغرب اختار بناء تحالفات قوية واستغلال كل فرصة لتعزيز حضوره وبذلك بدت تونس وكأنها تنسحب طواعية من دائرة النفوذ تاركة الساحة فارغة أمام منافسيها التقليديين.
تونس خارج كونغرس "الفيفا"
لم تكن الخسائر التونسية على مستوي القاري فقط بما أن الغياب عن الضحور في أروقة "الكاف" يفرض حتما عدم التواجد في أقوى هيكل كروي في العالم والحديث هنا عن الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" والذي كان شاهدا على حضور مشرف للشخصيات الرياضية التونسية بتواجد 4 أسماء لها وزنها في الاتحاد الدولي لكرة القدم بل أكثر من ذلك بما أنها عملت لعدة سنوات وكانت من بين الكفاءة التي اعترفت بها السلطة الكروية الأقوى في العالم.
2023 هو موعد أخر ظهور تونسي في الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" من بوابة وديع الجريء وبذلك ينتهي الظهور التونسي في أقوى هيكل كروي في العالم في انتظار ما ستسفر عنه الانتخابات القادمة للاتحاد الإفريقي لكرة القدم والتي ستكون مبرمجة لسنة 2029 وهو ما سيجعل الكرة التونسية الغائب الأبرز عن سيادة القرار الكروي بعد أن كانت من بين الناشطين المهمين.