على شكل من أشكال المقاومة في سفوح الشعانبي وسمامة.. مقاومة المرأة التي ترفض مغادرة جبلها وتقاوم الإرهاب وذيوله بـ»الحلفاء» والغناء..
ثلاثون دقيقة بين نساء وبنات جبل الشعانبي، كيف يقضين أوقاتهن؟ وما هي الحياة بالنسبة إليهن؟ وكيف هو المستقبل في عيونهن؟ يقمن في الفجر يعددن الخبز والبيض المسلوق للأطفال كي يذهبوا إلى مدارسهم البعيدة، ورغم البساطة المتماهية مع الفقر إلا أنّ نساء الشعانبي لم يتحدّثن عن فقرهن أبدا.. يتركن بيوتهن وينطلقن في جمع نبات «الحلفاء».. من سفوح الشعانبي وسمامة.. ويطبخنها ويصبغنها.. لينسجنها بعد ذلك..
نبتة «الحلفاء» التي تشكل مورد رزق النسوة وعائلاتهن هي المقاومة بعينها في تلك الربوع التي خنقها وابل الإرهاب رغم تقلص مردودها الإقتصادي الذي احتكرته المصانع التي اتخذت من الحلفاء مادة لتصنيع منتوجاتها ورغم ان جل النسوة أصبحن يشتغلن في هذه المصانع، إلا أنّ شابات جبل الشعانبي يحلمن بإنشاء مشاريع خاصة بهن ترتكز على نبات «الحلفاء»..
لم نر في الوثائقي رجلا واحدا يقطّع الحلفاء بيديه، فقط النسوة.. لم نر رجلا واحدا في الشعانبي يحمل على ظهره نبات الحلفاء فقط النسوة، لم نر رجلا واحدا يصبغها وينسجها فقط النسوة.. غير انّ «الكبران» الذي يراقب سير جمع الحلفاء يتلقى أجرا أكثر من النسوة، وهذه العادة في الكثير من المناطق الفلاحية.. فهل النساء وحدهن يقاومن الحاجة والإرهاب بالحلفاء؟
بطلة هذا الفيلم الوثائقي شابة يانعة ابنة الشعانبي تحلم بمشروع لمنتوجات الحلفاء، ورغم أنها غادرت مقاعد الدراسة إلا أنها ترى مستقبلها واعدا وترفض الذهاب إلى العاصمة أو أي مكان اخر وتعتبر أنّ الجبل كنز وترفض تركه للخراب والإرهابيين.. وتبعث في أي مشاهد رسالة أمل ومقاومة بمفرداتها البسيطة التي تتحدّث بها..
عندما تشاهد هذا الوثائقي تدرك أنّ للشعانبي وجها اخر غير وابل القنابل وجحور الإرهابيين، وتدرك أنّ للجبل نساء تحميه.. كما تدرك أنّ بلادنا غنية غير أنّ الدولة فقيرة..
لم نسمع في هذا الشريط الوثائقي امرأة تشتكي من الفقر أو الفاقة، تراهن سعيدات بجبلهن لولا غول الإرهاب.. يجسدن هذا حتى في أغانيهن، يجسدن تشبثهن بالأرض وحبهن لهذه الأرض بتلقائية كبيرة.. ففي جبلي سمامة والشعانبي نفهم بعد هذا الشريط أن هنالك وجها آخر للحياة بعيون وبأنامل النساء..
سلّط هذا الشريط الوثائقي الضوء على الحياة الصعبة للمرأة التي تقتات ....