حين يصبح الافتراضي هو الحقيقة الوحيدة التي يعيشها ابطال الحكاية حينها يمكن السؤال بمَ يشعرون وهم مهمشون تائهون بين الحدود.
من تجربة ذاتية عاشها المخرج ذات 2012 رحلة سرية للخروج من القصير السورية ، قرر المخرج السوري غٌطفان غنوم أن ينزح (من إلى) ، سيرا على قدميه، متخذا من سلسلة جبال لبنان الشرقية طريقا له. خاض «غنوم» رحلته بصحبة امرأة صغيرة السن وزوجها وبغلين، والسائس الذي كان يعرف الطرقات الخطيرة ليلا، رحلة لا ينساها تركت أثرا قويا بداخله، جعلته أكثر إصرارا على توثيق تجارب السوريين خاصة العالقين في الدول الأوربية والحالمين بالدول الأكثر استقرارا، فكان فيلم «القمر في سكايب» الحائز على جائزة افضل فيلم وثائقي في هوليود.
بين الحدود تضيع الانسانية
موج عنيف يضرب الصخر وكانه يعبر عن غضب داخلي، انين اطفال صغار يبكون البرد والتشرد وجيعة نساء يتألمن من الظلم والحيف ودموع رجال غادروا اوطانهم فعانوا الحيف اكثر «هربنا من قسوة النظام لنجد أنفسنا أمام ظروف اقسى» هكذا هي الصور الاولى لفيلم «قمر في السكايب» لغطفان علوم من سوريا.
فيلم انطلق من تجربة ذاتية عاشها المخرج حين خرج خلسة من سوريا فاراد توثيق معاناة اللاجئيين السوريين، معاناة اطفال صغار وامهاتهم محجوزين في اليونان والشرطة الحدودية اليونانية تمنعهم المغادرة الى مقدونيا او صربيا، معاناة لاجئين هربوا من صوت القصف والرصاص في سوريا ليعلقوا في الغابات بين اليونان ومقدونيا والبانيا، فيلم سلط الضوء على وجيعة الطفولة المسروقة، وبكاء الطفل يوسف الحالم ب»كنزة» او قميص واحد ليدثر من برد اروبا ، صغير يحلم بقطعة خبز» ونساء يحلمن ان يضعن رؤوسهن وينمن لساعات دون خوف، قمر على السكايب فيلم عنوان لصرخة السوريين، كاميرا تتجول بين الوجوه البائسة وابطال الفلم رجلان الأول كان رقيبا بالجيش وثان شاب اجتمعا على أمل النجاة من الموت وبسخرية مبكية يتحدثان عن تجربتهما مع الشرطة اليونانية وكيف تعامل اللاجئين فهي تضربهم وتفتك أموالهم دون رحمة وحين يخبرونهم انهم هربوا من سوريا يريدون العبور الى صربيا تكون الاجابة «مشكلتكم».
و الفيلم يعتمد على قصص حقيقية لأشخاص خاضوا التجربة وركبوا البحر في مراكب مطاطية، ولأشخاص تعرضوا للتنكيل بهم على يد بوليس بعض الدول بهدف ابتزازهم ماديا، ويوثق لشهادات حول ارتكاب جرائم بحق الإنسانية على لسان من حاول الهروب من ذلك الجحيم البرزخي. صوّر الفيلم خلال فترات متباينة في اليونان بشكل رئيسي وفنلندا وسوريا، وجمعت المادة كاملة خلال العام المنقضي، أي أن الفيلم استغرق عمليا سنة كاملة من التركيب، خاصة وأنه جرى توليف المشاهد الوثائقية مع سردات روائية ، بحيث تحاكي حالة بعض الأشخاص ممن وصلوا فعلا للجنة الأوربية الموعودة، ثم بدأت محاولات التعرف على الواقع الجديد والاندماج..
في الحدود وبين الغابات وبين الطين والوحل ضاعت الانسانية، سرقت ضحكة الاطفال اغتصبت النساء وبكى الرجال هناك في الحدود اليونانية تمحي كل مرادفات الحقوق وانسانية الانسان وتصبح الحقوق التي تتحدث عنها الدول الاروبية مجرد شعارات أمام اللاجئين الذين يعاملون بقسوة.
الفيلم ينقل صوت المستضعفين اللاجئين العالقين في اليونان يريدون المغادرة والشرطة تمنعهم هو صرخة الى المنظمات الدولية لانقاذ انسانية لاجئي سوريا.
ولو شردونا فالامل باق لن يزول
كما علاقة العاشق بالقمر هي علاقة الاب اللاجئ بابناه في حمص، هو عالق في اليونان وهم في سوريا تجمعهم وسيلة اتصال وحيدة هي «السكايب» يناجيهم ويغازلهم كما يغازل العاشق القمر، ضحكة ....