المحرس محجة الفنون التشكيلية و قبلة فناني العالم: وجهة فنية وسياحية مميزة ...

الحديث عن مدينة « كان « الفرنسية هو حديث بالضرورة عن سمعة عالية الدقة خلقتها السينما دون غيرها في هذه المنطقة من العالم ربما لم تكن لتوجد لولا السينما تماما مثل الحديث عن « الصامبا « و « كرنفالات « البرازيل أو عن أهرامات مصر و آثارها و دور

كل هذا في إيجاد هوية ثقافية مميزة لمنطقة دون غيرها و قد يذهب البعض للحديث عن هذا الأمر مرورا بالحديث عن بعض المميزات الجغرافية أو الطبيعية التي تملك الصدفة مفاتيحها و لكن المميز في هذا الأمر فعلا هو الحديث عن الهوية الثقافية حين تكون امتدادا لتراكمات الفعل البشري القائم على الحركة و التأسيس .

مدينة «المحرس» أو « محجة » الفن التشكيلي في تونس « محجة » و الأمر يتعدى كونه لقبا إلى حقيقة تعرفها هذه المدينة الهادئة منذ ثلاثين عاما حقيقة اصطلح على تسميتها بـ « المهرجان الدولي للفنون التشكيلية بالمحرس « حيث يتقاطر الفنانون التشكيليون من كل أنحاء الأرض تقريبا إلى هذه المدينة ليضربوا موعدا مع الفن التشكيلي و باقي الفنون على امتداد أسبوع و أكثر ولعل اللافت في هذا أن ثورة 17 ديسمبر و ما تلاها من أحداث لم تمنع انتظام المهرجان و لم تمنع حضور الضيوف الأجانب وصولا إلى تاريخ الحال حيث يشعل المهرجان الدولي للفنون التشكيلية بالمحرس شمعته التاسعة و العشرين بحضور أكثر من سبعين فنانا نصفهم من الفنانين الأجانب جاؤوا من مختلف أصقاع العالم للالتفاف حول شعار دورة هذا العام « المحرس : ورشة للإبداع العربي المعاصر « و سواء تعلق الأمر بالضيوف العرب أو بغير العرب فإن الفنون دائما ما أثبتت أنها ذات لغة كونية لا تحدها جنسيات أو لغات .

يأتي شعار المحرس :ورشة للإبداع العربي ليضع الدورة في عمقها العربي خصوصا مع انطلاق احتضان صفاقس لفعاليات « عاصمة الثقافة العربية 2016 « كما تحتضن الدورة بشكل حصري و غير مسبوق في العالم العربي مشاركة الجمعية العالمية للفنون التشكيلية وهي العضو المشارك في منظمة اليونسكو بوفد يترأسه بدري بايكام رئيس الجمعية رفقة كل من اني بورني و ايكو أراس و السيد محمد حداد ممثلا عن العالم العربي وستعقد بالمناسبة جلسة عمل بين هذا الوفد و الفنانين العرب لمناقشة العلاقة بين الجمعية و العالم العربي تحت شعار « الحالة الراهنة و التطلعات » كما سيقع حسم موضوع الطرف الذي سيمثل الجمعية العالمية للفنون التشكيلية في تونس خلال الفترة المقبلة .

قرية الفن التشكيلي ورواق الفنون: أحلام مؤجلة لدورة قادمة ..ربما
بإجراء عملية حسابية بسيطة حول عدد الفنانين الذين زاروا مدينة المحرس طوال الثلاثين عاما التي خلت مع احتساب فناني المحرس يمكن التوصل إلى عدد اللوحات والأعمال الفنية التي تركها كل هؤلاء في مخازن المحرس والتي ترقد الآن في ظروف تخزين بائسة رغم كل محاولات لفت الانتباه التي يقوم بها القائمون على المهرجان لدى الأطراف المعنية و رغم تلقيهم تأكيدا علنيا زمن الوزيرة « لطيفة لخضر « بأن المحرس ستحقق حلمها بامتلاك القرية الفنية أو الحي الفني على أقل تقدير بالإضافة إلى رواق عرض بمواصفات عالمية فإن كل هذه الوعود قد نسيت سهوا في الحقيبة الوزارية التي حزمتها الوزيرة « لخضر » لدى مغادرتها قصر القصبة ليبقى الحال على ماهو عليه مع الوزيرة « سنيا مبارك « و تجدر الإشارة إلى أن نفس الأمر تقريبا يشمل حديقة المرحوم « يوسف الرقيق « أو المتحف الفني المفتوح و الذي كان إلى فترة قريبة وجهة سياحية قارة يرتادها الأجانب خصوصا للإطلاع على المنحوتات والأعمال الفنية هذا المتحف يحتاج بدوره إلى وقفة مراجعة للوقوف على المسؤولين على تردي حالته بشكل جهوي محلي و حتى بشكل مركزي.

فن الفرحة : الموسيقى و أولاد أحمد في البال
بالعودة الجماعية السنوية للمهاجرين القاطنين في أوروبا على وجه الخصوص يكون من السهل عليك أن تعثر في عيون الجميع بحثا عن الأجواء الحميمة و عن الموسيقى التونسية و عن لقاء بمحض الصدفة بأصدقاء طفولة أو بمن فرقتهم الغربة عائليا يكون من السهل و أنت تعمل السمع جيدا أن تستمع إلى الموسيقى آتية من كل صوب من المقاهي أو من حفلات الأعراس أو المهرجانات المصغرة هنا و هناك .. و هنا يكون من السهل أن تقودك قدماك إلى مقهى « بوسعيد » المقهى الأشهر تقريبا في مدينة المحرس حيث تقام السهرات الفنية للمهرجان الدولي للفنون التشكيلية بالمحرس أين أحي الفنان نصر بوراوي « سهرة الموسيقى التونسية و الطائر المهاجر «محمد بحر « سهرة الموسيقى الملتزمة و أين قدمت المداخلات الشعرية وحيث حضر وزير الثقافة الفلسطيني « إيهاب بسيسو « عرضا خاصا بالسينما الفلسطينية مثلما حضر الوفد العماني المشارك في الأسبوع الثقافي العماني خلال تظاهرة صفاقس عاصمة الثقافة العربية 2016 تظاهرتين خاصتين بالسينما دائما في إطار برنامج «صفاقس بعيون عمانية».

لعل أهم ما يميز المهرجان الدولي للفنون التشكيلية بالمحرس هو صفة الوفاء لمبدعي تونس والعالم باستضافتهم و تكريمهم و هم أحياء دون انتظار رحيلهم إلى عوالم أخرى بشكل يتفتح على كل الفنون و المشارب حيث كان المهرجان المحطة الأخيرة تقريبا التي دعت وكرمت الفنان المسرحي التونسي أحمد السنوسي هذا إلى كون المهرجان يظل وفيا للذين رحلوا حيث تم هذا العام تقديم منحوتة نصفية للشاعر التونسي الكبير « الصغير أولاد أحمد « في صورة جديدة وداعية لفن الفرحة و الحياة .

أبو ياسين

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115