ولا تحزني تجملي وتغنجي لأنك «تونس» السحر والجمال والدلال تونس الاميرة البربرية الهوى والمتوسطية الانفتاح والافريقية الهوية، تغنجي تونس ولا تستحي لأنك الاجمل كوني قوية وحرة كما نغمات الطبلة والدربوكة في رفضها للموجود وكوني لينة كموسيقى الوتر والقمري وكوني مميزة كنغمات القيتارة كوني انت «تونس» ام «الفلاقة» .
في عيدها وفي الاحتفال بالذكرى التاسعة والخمسين لاعلان الجمهورية عانق جمهور قرطاج الدولي اجمل العروض ، عرض فلاقة لنصر الدين الشبلي عرض تونسي الانجاز والتقديم، فلاقة عرض فرجوي يقوم اساسا على الموسيقى الايقاعية، عرض ثائر كما هذه الارض.
حين تصرخ الطبول ان تحيا تونس
«حماة الحمى يا حماة الحمى هلمّوا هلموا لمجد الزمن، فلا عاش في تونس من خانها ولا عاش من ليس من جندها» والفلاقة كانوا من اصدق جنود تونس اختاروا النضال المسلح لأنهم رفضوا الظلم والجور اختاروا الوطن على العائلة والاقرباء، فلاقة تونس اختاروا الجبال والاحراش وتركوا منازل هم فقط ليدافعوا عن الارض الطيبة ، الفلاقة هو اسم عرض نصر الدين الشبلي حديث بالاغاني عمن سقوا تراب تونس بدمائهم واستحضار لتاريخ منسي لازالت الذاكرة الشعبية تحفظه.
هدوء يلف المكان، مجموعة موسيقية توزعت على الركح اكثر من 15عازف ايقاع بين البندير والدربوكة والطبل، طبل كبير توسط الركح وعليه شعار «الخمسة» أو «يد فاطمة» التي تستعمل لطرد العين كما تقول أغاني الجدات فثلاثة عازفي قيتارة وثلاث عازفي آلات نفخ مزود وزكرة وناي ثم عازف وتر وعازف قمبري هم جنود نصر الدين الشبلي في الاحتفال بعيد الجمهورية.
في الشاشة العلوية صورة لمشهد طبيبعي جميل خضرة وأشجار فإقدام رجل يلبس حذاء يشبه أحذية العسكر، تصعد الكاميرا تدريجيا لتنقل وجه الرجل، تونسي يقرأ الفاتحة على ارواح الشهداء في ضريح الشهداء ببني خداش الموجود قبالة دار الثقافة بالجهة، ثم صورة لفلّاق بلباسه الرمادي بالبرنس التونسي ونظرات جد شرسة تنظر الى الشاب نظرات قوة ورجاء، قوة فلاّق يريد ان يوصل البعض من شحنته لشاب تونسي ورجاء ان يظل و فيا للوطن، في الفلم القصير الذي مهد للعرض ابدع الممثل خالد اللملومي في دور الفلاق لا يتكلم ولكن بعيونه وحاجبيه تحدث عن فلاقة تونس عن الوطن والوطنيين عمن سالت دمائهم لتحيا تونس.
يواصل الشاب السير وراء الفلاق يتحادثان يتهامسان ثم يلبس الفلاق للشاب ذاك اللباس المحيط بالخصر المليء بالرصاص ليواصل مسيرة الدفاع عن تونس يمشي الشاب قليلا ثم يشتعل الضوء ليكون قبالة الجمهور صورة ابهرت جمهور قرطاج فصفق له طويلا وهتفوا «تحيا تونس» على وقع الزغاريد والايقاعات.
يتقدم نصر الدين الشبلي الى الركح يحمل الطبل الكبير يلبسه كفارس يلبس سلاحه وبإشارات يديه تبدأ المجموعة الموسيقية في النقر على الطبول فتتمازج الاصوات وتختلط وكانها تصرخ باسم الحرية وتخلّد لأسماء شهداء تونس.
فلاقة عرض تونسي لشاب تونسي اختار الايقاع اختصاصا ، اشتغل على الفن الشعبي التونسي وانكب على الذاكرة الشعبية لتقديمها حتى لا تندثر وتنسى ، عمل على موروث تونسي ومن خلاله قدم عرضا مميزا استطاع من خلاله افتكاك التانيت البرنزي في ايام قرطاج الموسيقية ليؤكد ان الفن التونسي والكلمة التونسية تشد الانتباه وتقنع الاذن موسيقيا وفلاقة رمز للموسيقى المميزة .
الطبل سيد العرض وبقية الالات تشاركه الحلم
كأمير يتحرك نصر الدين الشبلي على الركح حاملا طبله، تلك الالة الكبيرة القديمة التي تعود الى 6000 عام، وكان للطبل أو بعض أنواعه منزلة كبرى عند قدماء السومريين والبابليين في بيوت الحكمة وفي الهياكل الدينية وكان صوت الطبل الكبير «بالاق» يعني دعوة الآلهة لأن يفرض هيبته على سكان الأرض لكي يسمعوا صوته ويخشعوا لسماعه لأنه الملهم لسائر أعمال الخير والمبرات وكانوا يخصصون للطبل الكبير المقدس الذي لا....