أليس الحديث من بعده أقوم السّبل للتّعريف بمنزلته؟ ألم يخاطبه الأستاذ عبد المجيد الشّرفي قائلا كنت وستبقى مساهما في الارتقاء بالمنظومة التربوية؟ ألم يعتبره الأستاذ شكري المبخوت في كلمته بالمذلّل على دوام «لصعوبات النحو العربيّ»؟ وستظلّ برأيه القيم الجامعية متجدّدة بذكره، مثلما «ستظلّ حوليات الجامعة التي شارك في تأسيسها وإعلاء صرحها وفية لحماسه»، والمتصفّح لتلك الحوليات منذ التأسيس «يكاد لا يعثر على عدد لم ينشر فيه بحثا في اختصاصه العلمي أو مراجعة لكتاب. . فهو رمز من رموز جيل تربّى على الإيمان بأنّ التعليم والتربية سبيل البلاد للتقدّم والتّرقي والتنوير والتحديث» وفقا لكلمة شهاب بودن وزير التعليم العالي والبحث العلمي . إنّها الوثيقة التي أمضى عليها الرّمز-الرّاحل، موثّقا حضوره كمعنى لحظة الغروب البيولوجي، وتلك هي سلطة قادة الرأي التي تستمدّ مشروعية ديمومتها من نفسها على خلاف السّلطات الأخرى التي غالبا ما تقتات من التمويه والرياء والاحتيال وبيع الأوهام. جدّد المرحوم ....
منشورات بيت الحكمة: عبد القادر المهيري 1934 - 2016
- بقلم المغرب الثقافي
- 11:14 20/07/2016
- 1342 عدد المشاهدات
قد يشكّك البعض في وجاهة اختزال ماهية المرء في مقولة «حديث من بعده» بحجّة هشاشة معنى الخلود، ويسلّم بمشروعية المقولة من يتأمّل بعمق في مؤلّفات وأعمال المفكرين والمبدعين، حيث يجدّد هؤلاء حضورهم عبر غيابهم من خلال ما تثيره آثارهم من دراسات
نقدية، ونصوص تقريظية وبحوث أكاديمية . وفي هذا السياق يتنزّل كتاب «عبد القادر المهيري: 2016 - 1934»، الذي نشره المجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون»بيت الحكمة» احتفاء بأربعينية الفقيد المهيري، إذ يؤكّد الأثر يقينية الحضور عبر الغياب، فلم ينسحب الكاتب والباحث الجامعي عبد القادر المهيري من منابر التّرجمة والبلاغة والدراسات النحوية، لأنّه «الباحث الذي قتل عيون التراث النحوي درسا وتمحيصا، وأضاء قضاياها بأنوار المعرفة اللّسانية الحديثة» كما عرّفه المفكّر عبد المجيد الشرّفي في كلمته التّأبينية الواردة في المؤلّف، ويذهب رئيس مجمع «بيت الحكمة « في هذا النص إلى ما هو أقصى معتبرا الرّاحل «رائد الدّرس النحوي الحيّ في الجامعة التونسية . . صحبة صالح القرمادي»، وعليه يكون المرحوم قد غادر كيميائيا وأبّد الإقامة بفضل صكوك النحو والبلاغة والترجمة، ومقالاته التي ملأت الحوليات وشغلت النقّاد. فهل يستقيم القول بهشاشة الخلود في ظلّ هذا الحضور؟