في هذا الابتلاء أنه يدعو المؤمنين إلى أن يجتثوا الفساد مما بينهم وأن يعودوا فيمدوا أواصر الحب والوداد والأخوة فيما بينهم على الاختلاف وعلى التفاوت أياً كان نوعه.
وأرجو ألا نتصور أن الفساد إنما يستشري في جانب أو في جهة واحدة فقط كما هو شأن بعض المتصورين أو المتخيلين.إننا جميعاً على اختلاف فئاتنا نعاني من الغفلة التي ينبغي أن تنتهي إلى يقظة، نعاني من فساد ينبغي أن نتعاون جميعاً على اجتثاثه.ما أكثر البيوت التي يشيع فيها الفساد والظلم .
ما أكثر الأسواق التي يشيع فيها الفساد بل يشيع فيها الظلم، وحسبكم من الظلم أنواع الغش والخديعة التي حذر منها رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلاً: (من غش فليس منا).
ما أكثر الفساد الذي يستشري في المعامل والمصانع متمثلاً في الظلم الذي ينحط على عماله وعلى كثير من الموجودين فيه.ما أكثر أنواع الفساد والظلم التي تستشري في علاقات الناس والمؤسسات بعضها مع بعض.
عندما نقول: إن هذا الابتلاء يوقظ من غفلة ينبغي أن نعلم أنه يوقظ الجميع، وعندما نقول: إن من شأنه أن يدعو إلى اجتثاث الفساد فإنما نعني أن يتعاون الجميع على اختلاف فئاتهم لاجتثاث الفساد بكل أنواعه.
هذا هو وجه النعمة في هذا الابتلاء الذي قد نراه نقمة في الظاهر ولكنه نعمة من أجلِّ النعم في الباطن. أجل فالشأن فيه أن يوقظنا، والشأن فيه أن يدعونا إلى تجديد التوبة والإنابة إلى الله سبحانه وتعالى.
على أن هذا الابتلاء أو هذه المحنة قد هبَّتْ اليوم لتدبر، ، هذا ما نعتقده ونتصوره.فالله عز وجل لم يرسل إلينا هذه المحنة لتستقر وتبقى، ولكنه أرسلها إلينا وهو اللطيف الرحيم والودود، أرسلها لكي تمر فتوقظ السادر وتنبه الغافل وتدعو الأمة إلى أن تهب لإصلاح شأنها.