أخرى ستناقش عديد المواضيع، نقاشات دأب عليها وزارة الثقافة فسمعنا جعجعة من النقشات ولم نر طحينا من القرارات، فهل ستتحول المشاورات والتوصيات إلى قرارات صلبة تقطع مع البيروقراطية، وتُحرر من الأدراج لتتحوّل إلى برامج، أم أنّ حليمة هي حليمة؟
جسور التواصل هي بادرة من وزارة الثقافة والمحافظة على التراث لفتح باب الحوار حول مختلف القطاعات الثقافية وأكّدت الوزارة أن هذه البادرة «تهدف إلى تدارس أولويات كل القطاعات الثقافية وتبادل وجهات النظر حول الموضوعات المطروحة ورصد الأفكار والحلول المقترحة والقيام بمخطط عمل بالتشاور مع المختصين في الميدان مع إحالة التوصيات إلى مختلف الجهات المعنية».
وإضافة إلى دار الكتب الوطنية «الكتاب» فإن كل من المركز الثقافي الدولي بالحمامات «السينما» والمركز الثقافي الدولي بالحمامات «المسرح» والمركز الثقافي الدولي بالحمامات «الفنون التشكيلية» والمركز الثقافي الدولي بالحمامات «الموسيقى والرقص»، سيحتضنون عدة نقاشات في مختلف الاختصاصات مع أهل الذكر، إنّ صح التعبير..
قرارات سنيا مبارك الجريئة تجيبنا بعد كل اجتماع..
المشاورات هي عادات كل من تعاقب على وزارة الثقافة من المهدي مبروك وصولا إلى سنيا مبارك.. نقاشات وحوارات وتوصيات تنتهي في الأدراج المغلقة ولا وجود لقرارات جريئة.. ولو تصفحت الوزيرة محاضر هذه الجلسات لوجدت ما قيل وما سيقال.. فهل يعتبر الحوار هنا نوعا من النصيحة أو نوعا من التسويف؟ قرارات سنيا مبارك الجريئة تجيبنا بعد كل اجتماع..
قامت الدنيا وقعدت عندما أشرفت لطيفة الأخضر وزيرة الثقافة والمحافظة على التراث السابقة بفضاء النجمة الزهراء على افتتاح سلسة ورشات التفكير التي نظمتها الوزارة والتي تمحورت جلستها الأولى حول موضوع الديبلوماسية الثقافية بحضور كذلك «أهل الذكر»: عدد من الباحثين والجامعيين والمثقفين والدبلوماسيين السابقين والإعلاميين. وكانت أيضا قد أكدت وكررت لطيفة الأخضر في كلمة الافتتاح أن توجه الوزارة سيكون «نحو التفكير الجماعي لا نحو القرارات الأحادية المسقطة».. فرأينا كيف انتهت هذه القرارات الجماعية في ملفات داخل الأدراج.. فهل ستعاد الكرة؟
التواصل مفقود والإدارة العميقة مستمرة..
لماذا لا نرى تواصلا في عمل الوزارة، فالمشاكل هي نفسها ومقترحات الحلول هي نفسها و»أهل الذكر» هم أنفسهم، لماذا لا تتصفح الوزيرة الملفات السابقة والتوصيات والمقترحات لتمرّ للإجراءات؟ التواصل مفقود .. غير أنّ الإدارة العميقة مستمرة دائمة..
في تصريح سابق لـ«المغرب» قال المسرحي رؤوف بن عمر منذ مشاورات الوزيرة السابقة لطيفة الأخضر : «من الجميل أن نفكّر في اقتراحات عملية لكن الاقتراحات التي تبقى رهينة الأدراج والأوراق لا فائدة منها، يجب أن نشتغل بإمكانياتنا البسيطة.. إنّ الإدارة في تونس موجودة لكي تعطل لا لكي تشجّع، يجب ان تنقح قوانين، ويجب ان تفهم وزارة الثقافة أنّ إداراتها يمكن أن توقف حتى قرارات الوزيرة”..
استراتيجة أو إرتجال؟
الإقتراحات الكثيرة التي ستدونها وزارة الثقافة إضافة إلى الإقتراحات القديمة، وإن نفّذ عشرها فقط، هل ستنفذ مسقطة هكذا، بعيدا عن إستراتيجية ثقافية واضحة الأهداف والوسائل؟ فهل يمكن أن يؤسس الفعل الثقافي خارج إستراتيجية واضحة تنبني على أهداف متفاوتة المدى؟
الملتقيات الثقافية والمشاورات مهمة من حيث تحريك للمشهد الثقافي، ومن حيث طمأنة “المثقفين الحالمين” ممن لم يحضروا لقاءات سابقة، لأن أحلامهم بقيت حبيسة الأدراج، كما أنّ هذه الملتقيات تعكس صورة مشرقة عن البلاد، لـ”دمقرطة” العمل الثقافي.. الذي نرجو أن يكون مصحوبا بإرادة قرارات من حديد...
التشاور جميل والتحاور أجمل، ولكن الأجمل على الإطلاق هو الفعل والقرارات وتنفيذ ولو ربع ما يوجد في الملفات القديمة، والتي ستتجدد اليوم وغدا..