تحدّثن عن نظرتهن لحيثيات العمل بعيدا عن الأخلاقويات واللغة الذكورية المقيتة والشعبوية.. واعتبرن أنّ «فلاش باك» وقت مستقطع من مشاغل الإنسان اليومية يمكن أن يخلد من خلاله للتأمل والحلم..
«المغرب» التقت الكاتبات حيث تحدثن عن عملهن من مختلف جوانبه، هو مسلسل اجتماعي نفسي.. يعيد النظر والإعتبار للعلاقات الإنسانية، وأكدن أن وسط هذا الكم الهائل من الإنتاجات الدرامية أردن من عملهن أن يكون مساحة للحلم بأسلوب تشويقي..
سناء البوعزيزي
نحن أوفياء للمرأة التونسية ومناصرات لها..
«فلاش باك» هو مسلسل اجتماعي نفسي، هو مساحة للحلم، سيتناول مفاهيم الحب والصداقة والعائلة والأمومة والأبوّة.. هذه المفاهيم يمكن أن تعتبر من المواضيع التي تُحدث الإبهار عندما تسمع عنها، لأنّها كلمات تتكرر كل يوم، ولكن عندما تغوص في أعماق أعماق هذه المفاهيم، ستلاحظ الإبهار، لأنّ «البديهية العميقة» في حدّ ذاتها إبهار..
نحن نكتب الشخصيات بطريقة 3D ونسعى كي تكون كاملة الأوصاف.. من خلال تاريخها وأفكارها وملامحها النفسية العميقة حتى يفهم المخرج والمنتج معالم هذه الشخصية عند القيام بعملية الكاستينغ..
هذه الكتابة هي نسائية، وطبعا الكتابة كانت وفية للمرأة التونسية بكامل تقلباتها.. وبكامل حالتها النفسية، هذه الصور يمكن أن تصدم فئة معينة من المجتمع، ولكن هذه الفئة هم “أقليات متطرفة”.. رأيهم لا يهمنا.. لأنّنا أوفياء للمرأة التونسية ومناصرات لها.. كل الناس يعرفون كمية العنف الذي تتعرض له المرأة التونسية خاصة في السنوات الأخيرة.. ولذلك انتصرنا للمرأة التونسية، ولسان حالنا يقول “كفى عنفا”.. وهذا لا يعني أن الرجل غير مهم وإنّ إعلاء قيمة المرأة هي حط من قيمة الرجل.. نحن نتحدّث عن مواطن وعن مجتمع..
فريال نازلي القلال
لم نسقط الأخلقويات على الحريات
استغرقت كتابة السيناريو 4 أشهر.. الفكرة بدأتها رابعة السافي، تخمّرت في ذهنها، وتملكتها.. وعندما التقينا نحن الثلاثة، بدأنا العمل وبدأت النقاشات والتفكير والكتابة.. يحتوي المسلسل على 15 حلقة.. عند كتابة السيناريو راهنا على البساطة وعلى العمق، والشفافية، وطبعا على التشويق..
اخترنا هذا السيناريو لأنّ الفكرة جديدة ومميزة ولم تُتناول في تونس قبل الآن.. وراهنا على صدق الأحاسيس، ولا مجال للكليشيات في هذا المسلسل.. أو الإسقاطات..
«الكتابة الأنثوية» في بعض الأحيان يمكن أن تنصف المرأة المتصالحة مع نفسها ومحيطها.. هنالك عدل في التعاطي مع سمات الشخصيات، مهما كانت هذه الشخصيات النسائية.. مثلا من خلال المسلسل سيعرف المشاهد صورة أخرى للمرأة المناضلة التي تتحمل مسؤولية اختياراتها وتصارع لأجل هذه الإختيارات.. مثلا شخصية «أمينة» هي امرأة أنجبت مولودا خارج إطار الزواج، احتفظت به وتحدّت المجتمع والعالم لأجل هذا وتجاوزت مشكلة ما يسمى بـ»المرأة العزباء».. ولم نجعل من هذه القضية مشكلة في حياة أمينة.. كذلك تحدّثنا عن الحرية الجنسية بعيدا عن الشعبوية والإسقاطات والعقد.. تحدثنا عن العلاقات الجنسية كحرية.. لم نسقط الأخلقويات على الحريات.. لم نخلق من الجنس مصيبة في «فلاش باك»..
من خلال طرحنا للعديد من القضايا الحساسة استشرنا مختصين لكي يكون عملنا صادقا ومقنعا.. استشرنا العديد من الأخصائيين النفسيين والأطباء لأننا تناولنا مثلا مسألة فقدان الذاكرة.. وبالطبع الاستشارة ليست كلاما مقدسا منزلا ولكن سمحنا للخيال بالانطلاق جنبا إلى جنب مع العلم.. فكل إنسان هو حالة خاصة في حدّ ذاته.. كما استشرنا محامين في تناولنا قضايا أخرى..
رابعة السافي
نسعى إلى تناول عمق القضية في مختلف أبعادها ونبتعد عن الإستعراض
لقد راهنا عند كتابة هذا االسيناريو على النكهة التونسية، سيعيش المشاهد على وقع الواقع السحري ببصمة تونسية، في هذا المسلسل لا نرى تلك الذكورية المقيتة.. مسلسلنا يمثّل المرأة التونسية بكافة وجوهها وتجلياتها.. عندما تتناول مواضيع حساسة، كموضوع الجنس مثلا، نتناوله بطريقة ذكية، لا تقلق المشاهد ولا تحرجه، مهما كان هذا المشاهد..
عندما نعرض حالة ما أو قضية تُعتبر من التابوهات، نسعى إلى تناول عمق القضية في مختلف أبعادها ونبتعد عن الإستعراض و«الفضيحة» ولا ننظر من خلال منظار الأخلقويات، من نحن لكي نحاكم الناس.. لذلك لن نحاكم شخصياتنا التي رسمنا ملامحها..
عندما نتحدث عن قضية مولود خارج إطار الزواج، لن نتحدّث عن علاقة حدثت قبل الزواج أو بعده، ولكننا سنتحدّث عن مولود نُسي من اهتمامات مجتمع يضع نفسه في مقام الله.. التابوهات مازالت تثير المجتمع، غير أننا لا نبحث عن الإثارة أبدا.. بل نبحث فعلا عن معالجة، أو لنقل تسليط الضوء على ما بعد إثارة التابوهات..
في شخصياتنا لا توجد شخصية تمثل الخير وأخرى تمثّل الشر.. كل شخصية من الشخصيات تحمل «شيطانا في جيبها وملاك».. عندما تشاهد المسلسل يمكن أن تتعاطف وتحبّ شخصية ما وفي الحلقة التي تليها تغضبك الشخصية نفسها.. لا معنى في مسلسلنا لعبارة الخير المطلق والشر المطلق.. سيفاجأ المشاهد بكل شخصية كوّنا عليها فكرة ما، لأنه في الحلقة التي تلي أي حلقة شاهدها سيعيد ترتيب ملامح الشخصيات في ذهنه من جديد..وهذا أمر راهنا عليه لأنه في صميم هذا الواقع السحري..الشخصيات من عمق المجتمع ولكن أضفنا لها كثيرا من الحلم والصدق والشفافية..