حواسه مقيدة محدودة، ولكنه مع كل ذلك استطاع أن يصبح بآلاته أقوى المخلوقات وأسرع المخلوقات وأحدها بصراً وأقواها سمعاً وتحملاً وأبعدها انطلاقاً، كل حيوان تقيده إمكانياته البدنية، فهذا يعيش في الصحراء وذاك في الماء وآخر في الهواء، ولكن الإنسان أصبح يوجد في كل مكان من الأرض بما آتاه الله من إمكانيات حين نفخ فيه من روحه {فتبارك الله أحسن الخالقين} آية 14 / سورة المؤمنون.
فالإنسان ذو بصر محدود، إذ لا يمكنه الرؤية إلا في حدود مكونات الضوء الأبيض وهي الأحمر والبرتقالي والأصفر والأخضر والأزرق والنيلي والبنفسجي، وما ينتج عن اختلاطها ببعضها من ألوان متعددة، أما ما تعدى حدود ذلك من موجات ضوئية فلا يستطيع الإنسان أن يميزها، فالأشعة تحت الحمراء والأشعة فوق البنفسجية والأشعة السينية ( أشعة إكس ) وأشعة «جاما» وغيرها لا تدركها العين البشرية، بينما تستطيع بعض الطيور والحيوانات أن ترى الأشياء عن طريق الأشعة تحت الحمراء مثلاً، مما يمنحها القدرة على الرؤية في الظلام الدامس مما لا يتوفر للإنسان، فالبومة والصقر والحصان مثلاً كل منها تستطيع تمييز الأشياء في الظلام، فترى البومة الحشرات والحيوانات الصغيرة في ظلمة الليل بسهولة ويسر، ويستطيع الحصان أن يسير في ظلمة الليل ملتزماً طريقه، بينما يتمتع الصقر ببصر «تلسكوبي» حاد يمكنه من تمييز هدفه بين الأعشاب على بعد مئات الأمتار، بينما ترى نحلة العسل الأزهار بالضوء فوق البنفسجي مما يجعلها أكثر جمالاً وأزهى ألواناً في نظرها.
والإنسان وإن كان له عينان فقط إلا أن كل عين تستقبل صور الأشياء بواسطة عدد كبير من الخلايا المتخصصة، وهي خلايا مهيأة لاستقبال الضوء في حدود موجات الضوء وفي حدود ضيقة من قوة الإضاءة.
ومقارنة بالحيوانات والحشرات والطيور فإن المعروف أن عدد عيون الحيوانات تتراوح بين عينين إلى عدة آلاف، فالعنكبوت مثلاً له ثمانية عيون، ومع ذلك فبصره ضعيف جداً بالنسبة لغيره.
أما الثعبان: فله عينان قصيرتا النظر تحتوي كل عين منهما على عدسة جامدة تتحرك للأمام أو للخلف لتركيز الصورة على شبكة العين، بينما تتركب عين الحشرة المسماة بالرعاش من خمس وعشرين ألف عدسة، وهكذا تتفاوت حدة النظر وإمكانيات كل حيوان بقدر ما أودع الخالق سبحانه وتعالى في تركيبه من إمكانيات، ويقف الإنسان بينها موقفاً وسطاً فلا هو بأحدها بصراً ولا هو بأضعفها بصراً، ولكن إمكانياته في هذا المجال تتناسب تماماً مع احتياجاته وتلاءم قدراته الأخرى.
ترى البومة الحشرات والحيوانات الصغيرة في ظلمة الليل بسهولة ويسر.