قرآنيات: وَرَافِعُكَ إِلَيَّ

يقول الإمام المفسر فخر الدين الرازي في تفسير قوله تعالى «وَرَافِعُكَ إِلَيَّ»

والمشبهة يتمسكون بهذه الآية في إثبات المكان لله تعالى، وأنه في السماء، وقد دللنا في المواضع الكثيرة من هذا الكتاب بالدلائل القاطعة على أنه يمتنع كونه تعالى في المكان فوجب حمل اللفظ على التأويل، وهو من وجوه:

الوجه الأول: أن المراد إلى محل كرامتي، وجعل ذلك رفعا إليه للتفخيم والتعظيم ومثله قوله: «إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي»سورة الصافات/99 ، وإنما ذهب إبراهيم صلى الله عليه وسلم من العراق إلى الشام، وقد يقول السلطان: ارفعوا هذا الأمر إلى القاضي، وقد يسمى الحجاج زوار الله، ويسمى المجاورون جيران الله، والمراد من كل ذلك التفخيم والتعظيم فكذا هاهنا.

الوجه الثاني: في التأويل أن يكون قوله: «وَرَافِعُكَ إِلَيَّ» معناه أنه يرفع إلى مكان لا يملك الحكم عليه فيه غير الله؛ لأن في الأرض قد يتولى الخلقُ أنواع الحكام فأما السموات فلا حاكم هناك في الحقيقة وفي الظاهر إلا الله .

الوجه الثالث: أن بتقدير القول بأن الله في مكان لم يكن ارتفاع عيسى إلى ذلك سببا لانتفاعه وفرحه، بل إنما ينتفع بذلك لو وجد هناك مطلوبه من الثواب والروح والراحة والريحان، فعلى كلا القولين لا بد من حمل اللفظ على أن المراد: ورافعك إلى محل ثوابك ومجازاتك، وإذا كان لا بد من إضمار ما ذكرناه لم يبق في الآية دلالة على إثبات المكان لله تعالى.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115