سينما «red roy theater» في حي الخليج صفاقس: تكريس اللامركزية ودفاع عن حق الطفل في الثقافة

والفن سبيلهم ليعيدوا كتابة تاريخهم الفني والذاتي لانه «مساحتنا الاصدق لنترك لأبنائنا اجمل سبيل للامل» حسب تعبير زياد غنانية صاحب فضاء «red roy theater» اول فضاء ثقافي خاص في حي الخليج سيدي منصور بضفاقس.
«احببت المسرح وشغفت بهذا الفن العظيم، منه تعلمت الحب والامل، احببت تعبه وإنهاكه وسعادة ما بعد العرض، تلك الفرحة اريد ان اتشارك فيها مع ابناء الحي، حي الخليج سيدي منصور بعيدا عن مركز المدينة، لاوجود لمؤسسات ثقافية قريبة لذلك فكرت في جلب الثقافة الى اطفال الحيّ، اريدهم ان يتعرفوا عن قرب على المسرح، يشاهدون السينما في قاعة وفضاء مجهّز، اريد لأبنائي ان يشعروا بمتعة الفنون، والفضاء لابناء الحيّ، فنحن نعمل على تكريس ثقافة القرب وندافع عن حقوق كل طفل في الفن مشاركة وفرجة» بهذه الكلمات عبر زياد غنانية عن اسباب خوض مغامرة إنجاز فضاء ثقافي خاص بسيدي منصور.
لا حدود للاحلام ولا وجود لمعنى مستحيل
Red roy theater فضاء ثقافي خاص، انطلقت فيه اشغال التهئية والتجهيز منذ عام ونيف، اشهر من العمل جمعت زياد غنانية رفقة رفيق الدرب صبري بوعزيزي ورفيقة الحلم مريم ادريس لتحويل ذاك «القاراج» المتروك الى تحفة تزخر بالفن والحياة.
طريق سيدي منصور، كلم6 قصاص المسرح،السلطنية خلف المدرسة الاعدادية المنارة هو عنوان الفضاء الثقافي الجديد، غير بعيد عن المسرح الصيفي سيدي منصور ولد الفضاء الثقافي ليكون رافدا ثقافيا وفنيا لسكان سيدي منصور طيلة الموسم، قبالة شارع رئيسي، يعترضك ايها الزائر باب حديدي اسود اللون وجدران عالية زينت باللون الاحمر وكلاهما يرمزان الى المسرح، في الداخل قاعة خارجية عبارة عن مكتبة وفضاء للقاء ومقهى ثقافي موشاة بأبهى الوان لتحفيز حواس الزائر لمزيد البقاء واكتشاف بقية الفضاء واركانه،فللون تاثيره في المسرح.
ثم قاعة العروض المجهزة بكراس بعثت فيها الحياة بعد ان اقتلعت من حافلات مرمية وأعيد دهنها وتنظيفها لتكون مساحة لاستقبال الاطفال لمشاهدة المسرح والسينما، القاعة مجهزة بركح وستائر حمراء لتسهيل حركة الممثل، بالإضافة الى شاشة عملاقة لعرض الافلام السينمائية، فالقاعة تجمع كل الفنون، تفتح ابوابها لكل تلوينات الحياة.
وحسب مدير الفضاء زياد غنانية فالقاعة تتسع لـ80 مقعدا وعرض الشاشة 5٫60 متر على 2,90 مترا مساحة الركح 5متر على 6متر وارتفاع 3٫5 أمتار ومجهز بسقف تقني (اغلب المؤسسات الثقافية العمومية غير مجهزة بسقف تقني) وبها وحدة صوتية وضوئية وغرفة لتغيير الملابس «اللوج» بالاضافة الى قاعة متعددة الاختصاصات للنشاط كنوادي الرسم والموسيقى والاجتماعات وعرض اللوحات التشكيلية،
انطلق الفضاء في العمل، بدأت اولى الاحلام تتحقق بتوافد الجماهير من الاطفال خاصة ضمن برمجة «ايام الخليج الثقافية» تلك البادرة الاولى للتعريف بالفضاء وبما سيقدمه للأطفال، تظاهرة جمعت «البريكولاج» والموسيقى والمسرح وعروض لأفلام سينمائية، التظاهرة الاولى في الفضاء الوليد كانت الشرارة الجميلة للإعلان عن ميلاد فضاء ثقافي خاص سيقرّب المادة الابداعية لاطفال حي الخليج والأحياء المجاورة، الفضاء سيريح الاطفال من عناء التنقل الى وسط المدينة اين توجد المؤسسات الثقافية.
التكوين والورشات أولى الأهداف
«نريد تكريس لا مركزية الفعل الثقافي، ان يتوفر لأبناء حي الخليج والسلطنية فضاؤهم الثقافي الذي سيحتضن احلامهم ويوفر لهم مساحة من الحرية الفنية مع قرب المسافة فكرة ممتعة جدا، ان نقرّب المسرح والموسيقى للأطفال ونحفزهم على تنمية مهاراتهم الابداعية عبر وشات عديدة يؤمنها مختصون في بادرة نعمل عليها منذ مدة، وانجاز فضاء ثقافي خاص حلم سكنني منذ اعوام وتشاركته مع العديد من رفاق الفكرة واليوم حلمنا اصبح حقيقة» حسب تعبير زياد غنانية.
Red roy فضاء يعمل أساسا على التكوين لأنه اللبنة الاولى لممارسة الفعل الفني الى جانب العروض، الورشات هي المحور الاساسي في عمل الفضاء ويقدم الفضاء لرواده من الاطفال مجموعة من الورشات (بعضها انطلق منذ بداية اشغال التهيئة اي قبل الافتتاح الرسمي) مثل ورشة «البريكولاج» التي تؤطرها اسلام بن سالم، الهدف منتها الحفاظ على البيئة وتعليم الطفل تقنية تحويل المهملات الى عروسة او لعبة او مادة جميلة يصنعها بنفسه ويبعث فيها من روحه، في الفناء العلوي للفضاء توجد قاعة صغيرة هي الاجمل حتما للاطفال، قاعة مسكونة برائحة الصلصال والطين والكثير من الالوان والخيوط والقماش، مختبر او فضاء صغير يشكل معه الاطفال حياة جديدة للمواد، فهم يصنعون عرائس عروضهم المسرحية رفقة الفنان أنور مجّادي، بالاضافة الى نادي القرّاء لتحفيز الطفل على المطالعة.
كما أن للاطفال فرصة التكوين في نادي مسرح الطفل مع المسرحي علي بوكادي والورشة مفتوحة للفئة العمرية من 7الى 12عام، كذلك قدم الفضاء ورشة الحكاية «البيّ وحكاياته» مع منير علوي.
«البوداكاست» من التقنيات الصوتية الجديدة المرتبطة بالتطور التقني، ولان طفل اليوم جد بارع في استعمال الوسائط الحديثة يعمل المشرفون على الفضاء لتطويع هذه المهارات ثقافيا من خلال ورشة “تقنيات الصوت:البوداكاست” التي يؤطرها الفنان صبري البوعزيزي وهو من افضل تقنيي الصوت في المجال المسرحي بتونس.
بالاضافة للاطفال وهم الشريحة التي يعمل عليها باعثو «راد روي» نظرا لأهمية الفنون بالنسبة لهم لانها تحفز خيالهم وتعلمهم قيم المواطنة، ينفتح الفضاء ايضا على الشباب ويقدم لهم فرصة المشاركة في ورشة «تقنيات الممثل» و«نحو مسرح محترف» لتكوينهم في ورشات تنتهي بانجاز عمل مسرحي ينجزه هواة بتقنيات الاحتراف.
Red roy theater فضاء ثقافي يدافع عن ثقافة حقوق الانسان ويكرّس قيم المواطنة والديمقراطية، فضاء يناصر الانسان وينتصر لهموم ابناء الشعب والحالمين، وقد انتج الفضاء اول عمل مسرحي احترافي بعنوان «52» من اخراج هدى اللموشي ويندرج في اطار المسرح العلاجي والمسرحية تنقد قانون25 المتعلق باستهلاك القنب الهندي، فهذه المادة الممنوعة في تونس هي دواء لمرضى متلازمة لاتوريت، المسرحية لقيت نجاحها امام الجمهور في كل عروضها، عمل جريء ومشاكس ينتصر فقط للانسان.