الدكتورة أمّ الزين بنشيخة المسكيني لـ«المغرب»: اللاهوت يزحف واللوبيات تسطو على ثقافتنا ومدننا... فأيّة حريّة غنمناها؟

أصدرت الدكتورة أم الزين بنشيخة كتابا جديدا بعنوان «الفن في زمن الإرهاب»، وهو كتاب يجمع بين الفلسفة والفن والسياسة والإتيقا، كما دعت فيه إلى انخراط الجميع في مقاومة الفساد بجميع أنواعه، واعتبرت أنّ عدد المؤمنين بالخرافة والمتعصّبين واللاهوتيّين وعشّاق ثقافة الموت قد تضاعف..

• لماذا «الفنّ في زمن الارهاب» وما علاقة الفنّ بالإرهاب؟
الفنّ في زمن الارهاب، كما الحبّ في زمن الكوليرا، وهو عنوان كتابي الأخير الصادر ببيروت 2016. وهو كتاب يجمع بين الفلسفة والفنّ والسياسة والإتيقا. هي فلسفة تتّخذ من زمن الشعراء دربا جديدا لها من أجل الإنصات الى نداء الكينونة(هيدغر). وفنّ في مقاومة الإرهاب بأشكاله : ارهاب التصحّر الثقافي، وارهاب تجفيف منابع الأمل، وارهاب الأجندات الامبريالية العالميّة. لذلك ينخرط هذا الكتاب ضمن اشكالية البحث عن سياسات مغايرة لأوطان تسقط كل يوم في صناعة الخراب وبرنوغرافيا العدم. وهو ما تطلّب استئناف الأفق الإتيقي الجديد الذي يجعل من قيم الحبّ والسعادة امكانيّة بهيجة لطلب المستحيل. لأنّ متعة المستحيل هو معنى السعادة المتبقيّة لنا من أجل مستقبل سوف يأتي رغم فشل السياسات الراهنة في تدبير فكرة جميلة من أجل الوطن.

• كيف تفسّرين غياب مشروع ثقافي لوزارة الثقافة وللدولة عموما؟
لست أدري إن كان ثمّة مشروع ثقافي واضح لدى وزارة الثقافة، لكنّني أعتقد أنّ وجود هذا المشروع أو غيابه ليس أمرا حاسما لمصير الشأن الثقافي. لأنّ الثقافة لا تُصنع بين جدران أجهزة الدولة. بل يمكن لدولة ما ألاّ تكون لديها وزارة ثقافة، لكن لها ثقافة وربّما ثقافة راقية وثريّة وواعدة. ولئن ردّد الجميع هذه الأيّام أن ليس ثمّة مشروع ثقافيّ لا لدى وزارة الثقافة ولا لدى الدولة نفسها، فإنّ الكلام حينما يقع ترديده ونشره بين الناس لا يكتسب سلطة الحقيقة ولا صدقيّة الخطاب. ذاك أمر يدخل في صناعة الرأي العامّ ولكنّه لا يصنع الحقيقة بالضرورة. وحتّى لو سلّمنا بأن ليس لدينا مشروع ثقافي ولا حتّى مشروع حضاريّ واضح في التاريخ الحاليّ، فإنّ السبب في ذلك لا يعود الى فشل الدولة في صياغة المشاريع، وربّما هي لا تفعل غير ذلك كلّ يوم، وإنّما قد يعود الأمر الى عدم توفّر الدولة على إرادة سياسية من أجل مشروع سياسي لبناء الوطن بصرف النظر عن كلّ مشاريع الحكومات الكرتونيّة المتعاقبة على معاناة هذا الوطن منذ ثورة 17 ديسمبر 14 جانفي. نعم هي دولة هشّة وهي دولة قد فشلت في أن تكون في حجم انتظارات وأحلام شعبها. لكن الشعب أيضا قد

فشل في اختيار حكّامه وفي تقرير مصير أبنائه بشكل إيجابي ولائق. ورغم ذلك قد لا يكون من الناجع لنا حاليّا استئناف ثقافة الشتم والسباب للحكومات، لأنّ ذلك لا يصنع غير القيم السلبية ولا ينشر بيننا غير التعاسة والاكتئاب. نحن نعيش في العالم أيضا، ونعلم جيّدا أنّ الدول قد غيّرت من مفهومها ومن خرائطها، وأنّ السياسة قد استحالت في عالم تسطو فيه الأجندات المافيوزية واللوبيات الرأسمالية على مصير الشعوب. لذلك فالتفكير بما يحدث تحت راية الدولة هو أكبر من مجرّد التهجّم على الحكّام الذين قد تحوّلوا أحيانا إلى دمى خشبية متحرّكة على ساحة شطرنج عالميّ متوحّش الأبطال. ربّما علينا الانخراط بشكل حقيقي في مقاومة الفساد بكلّ أشكاله : بفضحه حيثما يحدث. فما يخيف هو استفحال الفساد في كل حقول الدولة ومؤسّساتها. والمطلوب هو المقاومة الدائمة لشبكات الفساد التي تسطو على كلّ.....

اشترك في النسخة الرقمية للمغرب ابتداء من 25 د

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115