Print this page

المخرج السوري أسامة غنم لـ «المغرب»: المسرح التونسي هو الوجه الناصع للمسرح العربي

«مزّقي يا دمشقُ خارطةَ الذلّ.... وقولي للدّهرِ كن فيكونُ» ومن دمشق التي لا يذبل ياسمينها مهما خانته الفصول قدم المخرج أسامة غنم حاملا

زادا مسرحيا غنمه على امتداد مسيرة طويلة من الفن والتجربة والخبرة ليترجمه على الركح من خلال عرض «شمس ومجد». وضمن المسابقة الرسمية لأيام قرطاج المسرحية 2022 تتطلع «شمس ومجد» للتتويج وهي التي جالت وصالت على الخشبة لأكثر من ثلاث ساعات من الزمن وكأنها تنتقم لدمشق من كل من حاول طمس صوت الفن فيها ووأد ولادة الجمال على أرضها...
• تمثل مسرحيتك «شمس ومجد» سوريا في المسابقة الرسمية لأيام قرطاج المسرحية، فماذا عن مناخات هذا العرض وسماته الأساسية؟
مسرحية «شمس ومجد»هي العمل السابع في رصيدي كمخرج وعملي الأول في التأليف المسرحي . وتتحدث عن الأختين «مجد» « و»شمس» اللذين تعيشان في غرفة إيجار واحدة، تقتسمان فيها الخبز والأحلام... تدرس «مجد» علم الاجتماع، وتدرس «شمس» التمثيل، وكل منهما تعمل نادلة ليلا أو نهارا لتأمين مصاريف الدراسة. في علاقات شائكة من الحب والمصلحة والتضحية والأنانية والشهامة والانتهازية... تتصارع شخصيات المسرحية وتتداخل المفاهيم والرغبات والأمنيات.
دون انفصال عن الراهن، تقوم المسرحية بتشريح أزمات الإنسان المعاصر من منظور»سيكولوجيا الإنسان المقهور» في علم الاجتماع. كما تقتفي آثار الخطوات الأولى للممثلين الجدد في مغامرة صعود سلم الشهرة. ولا شك أنّ الطريق إلى التمثيل كثيرا ما تكون مزروعة بالأشواك والخسارات الكبرى...
• هل يمكن اعتبار أنّ مسرحية «شمس ومجد» تقدم نوعا من المقارنة بين الفن الملتزم والفن التجاري ؟
هي مسرحية يلتقي فيها عالم العمل وعالم الفن لتشخيص العلاقة ما بينهما لتتفرع عديد التساؤلات الأخرى: هل يمكن اعتبار الفن وظيفة تدر مقابلا من المال وانتهى الأمر ؟ أم أنّ الفن قبل كل شيء رسالة نبيلة تترفع عن منطق الربح والخسارة؟ وهذه إحدى تيمات العمل الرئيسة والتي تنعكس على المنتوج الفني في العالم عموما أمام نزعة البحث عن «الفن التجاري» على حساب الجدية والجودة.وفي الوقت نفسه تطرح المسرحية عديد القضايا الأخرى على غرار علاقات الحب والروابط بين الرجل والمرأة وواقع المدينة ما بعد الحرب ... وفي نهاية المطاف يمكن وصف «شمس ومجد» بأنها مسرحية مركبة في اهتماماتها وأسئلتها وحيرتها...
• كيف تنعكس دمشق الآن هنا على فنك ومسرحك وفكرك ؟
لا تنفصل دمشق عني وأنا أسعى دائما إلى تقديم فن يكون ابن المكان والزمان . ولقد اخترت أن يكون أبطال مسرحيتي «شمس ومجد» من الشباب لأنهما من أبناء اليوم وجيل الغد وهما يحملان هموما كبرى وعلاقات انفصام مع الذات والوطن إلى درجة التفكير في الهجرة لمحاولة مس العدمية والبطالة والفقر ... وأنا أحاول في مسرحي أن أناقش هذه التحولات الجذرية التي تعرفها المجتمعات العربية عموما من خلال التعامل مع أفراد من لحم ودم والانغماس في تفاصيل الحياة اليومية.
• إلى أي مدى ترشح مسرحيتك «شمس ومجد» لنيل التتويج في اختتام أيام قرطاج المسرحية؟ وما هي انطباعاتك عن بقية العروض المتنافسة على التانيت الذهبي؟
الأهم من التتويج بالنسبة إلي هو هذا اللقاء الجميل والمثير مع جمهور المهرجان العريق والذي يملك مؤهلات فرجة محترمة. ولهذا يكفينا شرف المحاولة وتقديم مقترحنا الفني والجمالي على ركح أيام قرطاج المسرحية .وقد أسعدنا بلا حدود امتلاء قاعة العرض بمتفرجين من مختلف الأجيال لمشاهدة عرضنا ثم كانت سعادتنا مضاعفة بالتصفيق الحار في نهاية العرض.
في الحقيقة لم أتمكن من مشاهدة بقية عروض المسابقة الرسمية لانشغالنا في الأيام الفارطة بالتحضير لعرض «شمس ومجد» والذي تطلب إعدادا تقنيا وركحيا واستعدادا ذهنيا وفنيا سيما وأن مدة العرض تدوم أكثر من ثلاث ساعات.
• ما يعني لك المسرح التونسي؟
منذ زمن بعيد نتطلع إلى المسرح التونسي بكثير من التقدير والإعجاب، ونقف إجلالا واحتراما لقامات مسرحية تونسية على غرار الفاضل الجعايبي وتوفيق الجبالي ومحمد إدريس والراحل عزالدين قنون ... كما نتابع إبداعات الأجيال الجديدة على غرار حاتم دربال وسيرين قنون وآسيا الجعايبي وعديد الأسماء الأخرى. وشخصيا أعتبر المسرح التونسي مسرحا حيويا وفاعلا بطرحه الأسئلة الجادة وإثارة القضايا العميقة واقتراحا جماليات جديدة. وقد شاهدت في حفل الافتتاح مسرحية «شوق» للمخرج حاتم دربال والتي لبت حاجتي كمشاهد بدرجة أولى وكمخرج بدرجة ثانية إلى فرجة راقية ورائقة.
إنّ المسرح التونسي برأيي هو مسرح جدير بالاكتشاف لأنه يمثل أحد وجوه المسرح العربي الناصعة.

المشاركة في هذا المقال