في اختتام الدورة الثانية لمسلك المسرح: وكم من فئة قليلة انتصرت للحياة وللأطفال

الفن التزام، هو شعار تظاهرة مسلك المسرح الملتزم لايصال المسرح والفرجة الى اطفال القرى البعيدة عن مراكز المدن، التزام بتحقيق لامركزية الثقافة والدفاع

عن حق اطفال تونس في الفنون، التزام بحق الطفولة في ممارسة الموسيقى والمسرح والحلم.
«مسلك المسرح» تظاهرة فنية وحقوقية ينظمها مركز الفنون الركحية بسليانة، تظاهرة تنفتح على المحيط المدرسي والمجال الريفي لتدافع عن حق الطفل في الثقافة، تظاهرة لامست تسع مدارس في دورتها الثانية رغم غياب القوانين الاساسية للمراكز وعدم صرف المنح وقد انجز المركز التظاهرة التي حققت النجاح الجماهيري وأهدافها الانسانية المنشودة.
المسرح والدفاع عن حقوق الطفل
تتعدد المسالك والطريق الفرعية غير المعبدة لكن مسلك المسرح واضح وجليّ في تحقيق اهدافه وأهمها ايصال المسرح الى اطفال قرى سليانة اينما وجدوا ومهما كانت الطريق صعبة وثناياها مرهقة فمسلك المسرح والمسرحيين تجعلهم متمسكين بمبادئهم في الدفاع عن حقوق اولئك الاطفال في فرجة مسرحية تقرّب لهم الفنّ الرابع.
تسع مدارس ابتدائية تحولت الى مسارح وفتحت ابوابها للممثلين، اصبحت الاقسام فضاءات للتحضير والديكور، اقترب الطفل التلميذ من الممثلين والشخصيات وشهدوا تغيّر الشخص الى شخصية في لحظات، تفاعلوا فيها مع العروض التي احتضنتها ساحات مدارسهم، تسع مدارس بمربيها وعملتها وتلاميذها استمتعوا بالعرس (مشاهد وصول الممثلين، ولحظات التقاء الاطفال معهم كانت كما الاحتفالية توفرت فيها الموسيقى والبهجة وكل لحظات اللقاء الجميل).
«مسلك المسرح» تجربة مسرحية وفنية وانسانية تدافع وتطبّق لامركزية الثقافة وتعمل على ايصال المسرح والفنون الى اطفال القرى والأرياف في ولاية سليانة، تظاهرة ينظمها مركز الفنون الركحية والدرامية سليانة قي اطار مشروعه الثقافي المتمثل اساسا في الانفتاح على المحيط والخروج بالمسرح من الفضاءات المغلقة والقاعات الى الساحات المفتوحة والذهاب الى المتفرج اينما وجد في قرى وأرياف تفتقر للفضاءات الثقافية ومساحة اللقاء الوحيدة هي المدرسة.
المدارس فتحت ابوابها لزوارها من المسرحيين، في كل مدرسة كان الاحتفال مختلفا، لكل مدرسة خصوصياتها الجغرافية رغم تشاركها في الحيز الريفي، بعضها توجد بين الجبال «مدرسة القابل، ومنزل نايل» وأخرى اقرب الى الاودية «اولاد طالب»، مدارس اخرى قريبة للطريق والمدينة مثل «الاقصاب» وثالثة توجد حذو مسار العيون المائية المتدفقة «مدرسة الزريبة»، هذه المدارس الابتدائية قبلة الاطفال للتعلّم واكتساب ثقافة المواطنة، كانت مساحة للحلم المسرحي وكانت فضاء للاحتفالية ايضا فكل مدرسة رحّبت بضيوفها بطريقة مميزة واشتركوا جميعهم في قولة «سعداء بسعادة ابنائنا، في اريافنا لا توجد مؤسسات ثقافية، كم نفرح حين يزورنا فنانين ويشاركوا الاطفال فرحتهم ويشعرونهم بأنّهم حقا جزء من هذا الوطن».
مسلك المسرح التظاهرة الانسانية تدافع عن حق الطفل في الفرجة والتعرف على مسرح الطفل، تقرّب له الصورة الحقيقية لفعل ابداعي نضالي على عكس ما يقدم له من مادة «مشوهة» في الشاشة الصغيرة، في التظاهرة يتعرف التلميذ الطفل على اركان المسرح ويلتقي مع شخصياتها وينصت لموسيقى مختلفة عما ألفه، تجربة فنية تعرّف اطفال القرى بالفنّ وتسمح لهم بمشاهدة مسرحية امامهم دون شاشة تكون حاجزا بين الممثل والمتلقي، لتكون التجربة كما الشامة ستحفر في ذاكرة الطفل.
تتباعد الطرق جغرافيا لكنها تتماهى فنيا في مسلك المسرح
تباعدت المسالك والطرق، اسبوع من التجوال بين المدارس في معتمديات مختلفة، تجربة يخوض غمارها مركز الفنون الركحية بسليانة وفريق العمل القليل لانجاز مهرجانهم المختلف، اختلفت مسالك والطرقات المقصودة، من سليانة المدينة يكون الانطلاق، الى عمادات قعفور وقرى الكريب، لإيصال فرجة مسرحية لأطفال العمق الريفي، اطفال حرموا من دور الثقافة ونوادي الاطفال وحرموا من ممارسة الفنون او ملامستها فحمل اليهم صالح الفالح ورفاق المشروع المسرح والفنّ والأمل.
اختلفت الطرق والنتيجة واحدة الوصول الى مدارس ريفية ينتظر ابناؤها بشغف المسرح والفرجة والعروض التنشيطية وورشة الماكياج المسرحي التي قدمها الفنان عبد السلام الجمل، ذاك الفنان العاشق لمهنته، يكون اول الواصلين الى المدرسة، تنتظره مئات الوجوه للرسم والزينة، يتعامل مع التلاميذ بهدوء رغم الصخب والتدافع للحصول على رسمة على الوجه، مئات الوجوه زينها عبد السلام الجمل ورسم فراشات وألوان وترك في نفوس الصغار في كل المدارس المقصودة بصمة للحلم والحبّ وهو العرائسي المفتون بعوالم الاطفال وحكاياتهم.
تتعدد السبل والثنايا للوصول الى المدارس المقصودة وتختلف صعوبة الطريق من مدرسة الى اخرى لكن الوصول يكون اجمل بمجرد اللقاء مع الاطفال والتلاميذ كذلك الاولياء المقبلين للمشاركة في صناعة الفرحة، كل المسرحيات التي اثثت المهرجان خلفها فريق يؤمن بقدرة المسرح على التغيير، فنانون يؤدون شخصياتهم ويقدمون ادوارهم في فضاءات غير مسرحية وفي وضح النهار دون اضاءة ولا تقنيات فقط زاد الممثل وقدرته على الاقناع هي الوسيلة الوحيدة المعتمدة، كل المسرحيات المشاركة تدافع عن معاني الطفولة والأخلاق وقيمة العلم والمطالعة وتنتصر للانسان، جميعها قدمها ممثلون وفنانون يؤمنون ان المسرح مساحة للعب وللدفاع عن الحق في الثقافة والانتصار لأطفال هذا الوطن اينما وجدوا.
في مدرسة القابل المحاطة بالجبال كان اختتام الدورة الثانية لمسلك المسرح، في مدرسة سميت قاعاتها اسماء علماء وشخصيات عظيمة مثل «الطاهر الحداد» و«ابن الهيثم» كذلك الوفاء للمربين السابقين وتسمية قاعة «صالح الفتني» اختتم جزء اخر من حلم نشر ثقافة المسرح لدى الأطفال، اسدل ستار الدورة الثانية على ايقاعات اغاني الفنان الملتزم عادل بوعلاق، انتهى فصل الدورة الثانية التي اوصلت الفرجة الى تسع مدارس ابتدائية تفتقر الى «الماء» و»السور» لكنّ وصل اليها المسرح وتشارك اطفالها في الفرجة والفرحة مع ممثلين وفنانين ملتزمين يدافعون عن المسرح مساحة للحلم والحب والحياة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115