مهرجان «circuit théâtre» في دورته الثانية: صراع ضد التهميش الثقافي وانتصار للطفل المواطن

والنشاط الثقافي واجب وليس رفاهة ومن حقّ اطفال الارياف متابعة المسرح، كما من حقهم التمتع بورشات فنية وألعاب ثقافية تدافع عنهم وعن حقوقهم وتشعرهم انهم جزء من هذا الوطن وفي هذا السياق تندرج تظاهرة «circuit théâtre» التي ينظمها مركز الفنون الركحية والدرامية بسليانة في دورة ثانية تنفتح على المعتمديات البعيدة عن مركز الولاية وتوصل اجمل العروض المسرحية الى اطفال لم يرتادوا مسرحا يوما ولا توجد مؤسسات قافية في قراهم ومعتمدياتهم المنسية ثقافيا.
ينظم المهرجان مركز الفنون الركحية والدرامية بسليانة بميزانية محدودة وأحلام كبيرة تسكن الفريق الصغير المشرف على المركز، المهرجان مساحة للحلم وللأمل وللدفاع عن الحقوق الثقافية لأطفال الهامش، اولئك الاطفال المحرومون من المسرح ممارسة وفرجة يذهب اليهم المركز في اطار المهرجان ويقدم لهم عروضا في فضاءاتهم التربوية، وبعد نجاح الدورة الاولى التي مسّت قرى معتمديات الروحية ومكثر وسليانة الشمالية ينتقل في هذا الموسم ليغطي نشاطه أرياف معتمديات سليانة الجنوبية وبورويس والكريب، وقعفور و العروسة في اطار الدفاع عن لامركزية الثقافة.
اللامركزية فعل وليست شعارا
«نراهن على الطفل، نراهن على حقه في الثقافة، في سليانة يعاني الكثير من الاطفال من الحرمان من الثقافة والفنون، اليهم سنحمل المهرجان، اليهم سنقدم العروض المسرحية الموجهة للطفل والثرية بالرسائل المحفزة على الحلم، المهرجان يراهن على القرى المهمشة ثقافية، ومركز الفنون الركحية يراهن على حق الاطفال في الثقافة، حق يكفله الدستور ونسعى لمحاولة تحقيقه» حسب تعبير صالح الفالح مدير المهرجان.
لذلك اختار المركز في اول مهرجان له المدرسة والطفل سعيا منه إلى رد الاعتبار إلى هذا الفضاء العمومي الذي تعلمنا فيه وحلمنا والذي أنتج نساء ورجال تونس من أطباء ومعلمين وأساتذة وموظفين، مركزا الضوء على الطفل الذي هو رجل الغد مساهما مع المؤسسات الأخرى في إرساء فلسفة الأمل وزرع قيم الخير والحب والجمال التي من خلالها يتغذي الطفل والتلميذ ويشعر أن هو رأس مال حقيقي لهذا الوطن، هكذا تكرم الدولة ومؤسساتها أطفالها وتحتفي بهم من خلال فلسفة التذكر الدائم والمستمر، والمسرح افضل السبل ليتعلم منها اسس المواطنة.
المدرسة الابتدائية: مسرح زمن المهرجان
المدرسة فضاء اجتماع التلاميذ هي منبع المعرفة والامل، المدرسة في الفضاء الريفي لها قدسيتها لانها المكان الوحيد الذي يستوعب احلام الاطفال الصغيرة ويقدم لهم هامشا من المواطنة والحقوق وضمن فعاليات المهرجان ستتحول المدرسة الى مسرح، ستكون الساحة الامامية فضاء للفرجة للقاء الاطفال مع عوالم فنية وعجائبية لا يعرفونها، لاول مرة سيشاهد بعض التلاميذ شخصا يتحول امامه الى شخصية، بعضهم يحاول لمس الديكور واكتشاف انف المهرج، بعض الايادي الصغيرة ستصفق فرحا وعيون اخرى تبحث عن الصوت المختبئ خلف الديكور، تلك اللقطات الحميمية تعجز الكلمات عن وصفها لكنها لحظات متعة صادقة يعانقها الاطفال في مدرسهم.
تسع مدارس ابتدائية ستتحول الى مسارح طيلة ايام المهرجان، الافتتاح سيكون في المدرسة الابتدائية «منزل نايل» يوم 4اكتوبر بداية من الواحدة بعد الظهر بعرض موسيقي للهادي خليف، يليه لقاء مع عرض مسرحي ممتع وهو من اجود العروض فنيا وقيميا للعام الفارط، مسرحية «عرش النفايات» اخراج عمر بن سلطانة وانتاج شركة «قرين تياتر» بصفاقس والعرض يعتمد على الادهاش ولعب الممثل لإيصال رسائل عن خطورة النفايات على الارض، العمل ثريّ بالرسائل التربوية والتعليمية.
تتوزع فعاليات اليوم الثاني على مدرستين، الاولى «مدرسة الرويسين القديمة» التي تقدم لتلاميذها مسرحية «الرحلة» اخراج حاتم مرعوب، فنان الطفولة والمشتغل على مسرح الطفل منذ اعوام، «الرحلة» تجربة البحث عن الطفولة الضائعة بسبب الحرب والخوف، المسرحية من أداء ريم هميسي، جهاد اليحياوي، أسامة الحنياني، إيمان الحجري وأماني همات، نص وإخراج لحاتم مرعوب ويكون العرض بداية من الحادية عشرة صباحا.
فضاء العرض الثاني لليوم الثاني سيكون بالمدرسة الابتدائية «الأقصاب»، التي ستقدم لتلاميذها عرضا موسيقيا تنشيطيا «كيكي» لجمعية الابداع المسرحي بقعفور، ثم عرض مسرحية «الحاسوب المغرور» اخراج مقداد الصالحي وانتاج فضاء «منيرفا تياتر»، ذاك الفضاء المدافع عن حق الطفل وابناء الاحياء الشعبية في التكوين المسرحي بمعتمدية سبيطلة من ولاية القصرين.
تتواصل فعاليات المهرجان، كما تتواصل الجولة المسرحية بين المدارس ليكون اللقاء يوم 6اكتوبر بالمدرسة الابتدائية «حمام بياض» مع مسرحية «ثمار المحبة» اخراج محمد دغمان وانتاج مركز الفنون الركحية بسوسة، المسرحية تدافع عن قيمة المحبة والصدق كتيمة للنجاح والتميز.
العرض الثاني سيكون في المدرسة الابتدائية «اولاد طالب» ويلتقي الاطفال مع الفنان الطفل شادي الماجري، فنان يشارك ابناء الريف احلامهم واختلافهم، فنان ينتصر لهم بأعماله لأنه خبر الحرمان الثقافي في طفولته، هو ابن مدينة قعفور ومنها صنع نجاحه المسرحي واستطاع نحت مسيرته المسرحية ولرفاق الجغرافيا والتهميش يقدم حكايات «السيد حاكي» المتميزة بالانتصار للطفل ولاحلامه وتحفيزه لتحقيقها فلا معنى لكلمة مستحيل في قاموس الطفل الفنان.
أكتوبر شهر الامطار، والمطر في سليانة سبيل للفرحة واحتفاء بالمطر وخضرة الارض تحتضن المدرسة الابتدائية «بوجليدة» مسرحية «سحب غاضبة» او «حكاية ارض» اخراج حبيبة الجندوبي، مسرحية تتغنى بالمطر وتقدم «امك طنقو» واغاني الاطفال على الركح وتجمع التمثيل والعرائس ويكون العرض في الحادية عشرة من صبيحة يوم 7اكتوبر، وتتواصل الفعاليات مع مسرحية «طبيب الضيعة» اخراج الاسعد المحواشي وانتاج المركز الوطني لفن العرائس وهي عمل يدافع عن قيمة العمل وتحتضنها «المدرسة الابتدائية الزريبة».
تختتم فعاليات الجولة المسرحية يوم 8 أكتوبر، توشك الرحلة على النهاية في مهرجان ينتصر لاطفال القرى، ويكون اللقاء الاول بالمدرسة الابتدائية «الجوى» في التاسعة صباحا مع مسرحية «بيضة سيزيف» اخراج فتحي بن عمر والمسرحية بتقينية خيال الظل وهي اول انتاج للاطفال لمركز الفنون الركحية سليانة، العمل ينطلق من الميثيولوجيا ويقدمها باسلوب مسرحي وكتابة مبسطة ليفهمها الطفل، «بيضة سيزيف» تجربة مسرحية وفنية تحفز على قيم الصدق والولاء للوطن.
اما الاختتام الرسمي فينطلق في الثالثة مساء بالمدرسة الابتدائية «القابل» بعرض موسيقي اجراس الطفولة للفنان عادل بوعلاق ومسرحية «مارد بغداد» اخراج ريان القيرواني وانتاج مركز الفنون الركحية بالكاف، مسرحية موجهة للطفل والناشئة وهي اول تجارب المخرج في مسرح الطفل.