ليلة من العمر إن صحّ التعبير، هكذا كانت سهرة عدنان الشواشي في اختتام مهرجان الحمامات الدولي.
«الحمامات تغني عدنان» عنوان العرض الختامي، عرض كرم مسيرة الفنان عدنان الشواشي رفقة فرقة الوطن العربي بقيادة المايسترو عبد الرحمان العيادي، الحمامات تكرم عدنان بمشاركة ايمان محمد وآمنة دمق والشاذلي الحاجي رفيقه في الموسيقى والفن.
الفن كما الاحلام الجميلة
كان عدنان الشواشي بصوته المميز وأغانيه الممتعة وحضوره الرّكحي التلقائي نجم مسرح الحمامات، اضيئت له اضواء المدارج وزين القمر السماء مرحبا بفنان مجتهد له نصيبه من الذاكرة الموسيقية التونسية، فنان هادئ ومحب للفن والموسيقى، تلقائي كما الاطفال ومتيّم بموسيقاه، عدنان الحالم الشامخ غنى لجمهور الحمامات باقة من اجمل أغانيه ورحل بالجمهور الى ذكريات لذيذة ربما استحضرها مع الاغاني.
عدنان الشواشي قامة فنية تونسية، عدنان غنى للحب، للوطن، للأمل غنى بكل الحب وكرر كلمة «نحبكم» لأكثر من مرة مؤكدا لجمهوره ان الفن حبّ، وفي رحاب الحب يحلو الفن وتحلو الايقاعات التونسية الملونة كما هذا الوطن.
انطلق العرض بإيقاعات الكمنجة الهادئة، كمنجة البشير السالمي، تلك النوتات الرقيقة تكون عنوان البداية للقاء حب يجمع الشواشي بجمهوره المميز، «نحبها» هي اغنية البداية، كلمات عاشقة تماهت مع نوتات حالمة فكان المزيج الموسيقي المغري بمزيد الانصات لصوت الشواشي الصادق المعبر عن مشاعر الحب تجاه الزوجة والمرأة التونسية التي غنى لها « انحبها كل ما كبرت نشوفها ما أشبها، ما اتبدلت ما اتغيرت مازال صافي حبها، في حنها انا حبيب عمرها رفيقتي وعشيرتي فرحي وهنايا بجنبها» والأغنية من كلمات الشاعر الغنائي الجليدي العويني شريكه في التجربة الشعرية والكلمة الموشاة بالحب لأعوام طويلة.
إشترك في النسخة الرقمية للمغرب
عدنان الشواشي فنان بحجم الوطن، تونسي أحب الموسيقى واختارها مسارا فنيا وانسانيا، عدنان الشواشي أحبه جمهوره لصدقه ووفائه للونه الغنائي، فنان يقدم الاغنية الطربية ويبدع فيها، يؤمن ان للكلمة تأثيرها فغنى كثيرا للحبّ، فنان كلما غنى تماهى مع الكلمات المختارة والموسيقى المعزوفة ليضرب موعدا حقيقيا مع الامل مساحته الوحيدة ليحلم ويكتب احلامه المتجددة في سماء الموسيقى التونسية، الشواشي فنان من زمن جميل حافظ على لونه الغنائي رغم التجديد في الكلمة واللحن لازال يحافظ على طابعه العميق والملتزم بجمالية الكلمة التونسية فغنى «يا ام العيون السود» و«الليلة» و«انحبها» و«اش جاب رجلي للمداين» وجميعها جزء من الذاكرة الموسيقية التونسية، تعبيرة فنية صادقة عنان فنان لم تشوهه الايام ولم يغيره سباق الزمن.
امام جمهور الحمامات انتشى الشواشي مع الفرقة الموسيقية بقيادة المايسترو عبد الرحمان العيادي، رفيقه لأعوام طويلة في الموسيقى والتلحين وكتابة اسطر جميلة في تاريخ الاغنية التونسية والذاكرة الموسيقية، تشاركا متعة الفن وجماليته، تشاركا سنوات من العمر تركت تجاعيدها على ملامح الوجه، وبين العيادي والشواشي «كيمياء الفن» لا يحتاجان للكلمات لايصال الرسائل تكفي نظرة واحدة ليفهم المايسترو ما يريده الفنان، وامام جمهور الحمامات كان الانسجام بين الاغنية والعزف ميزة العرض.
سنوات من الاجتهاد والغناء وتكريم مستحق
عدنان الشواشي صنع لنفسه مجده الموسيقي، فنان له جمهوره الشغوف بالأغنية الطربية التونسية، الشواشي وضع لنفسه مساحته من الجمال لأعوام طويلة، حنجرة ذهبية غنت الطرب وأبدعت وأقنعت، رغم تقدم السنوات لازال يغني بشغف الاطفال وحكمة الكبار، له حضور تلقائي وجميل على المسرح، ينسجم مع الايقاعات ويرحل معها الى عوالمه الخاصة، الشواشي فنان اجيال مختلفة، فنان جمع حوله محبي الطرب والجيل الجديد من محبي الاغنية السريعة، فنان صنع مساره الفني بالكثير من العمل والبحث عن كلمة تونسية جميلة الوقع، فنان تناسته التظاهرات والمهرجانات في الاعوام الاخيرة وقلّ حضوره في المنابر الاعلامية فغنى «ابكي يا عين، ابكي ولا لوم عليّ» اغنية كلماتها موجعة وأدائه كان صادق وحقيقي على المسرح، وكانّه يعبر عن لواعج القلب ومرارة الجحود في هذا الوطن.
«صياد ماهر» هكذا يمكن وصف عدنان الشواشي فهو صياد كلمات مميزة والحان ممتعة، فنان تعامل كثيرا مع الحبيب محنوش والجليدي العويني لتكون كلمات اغانيه سريعة الحفظ بسيطة وعميقة المعاني فغنى «كبرت والله كبرت، ليّام رحلت بي عاندتها غدرت وتعبت موش شوية، مازلت مهما خسرت ناري حية، وكبرت» وأمام جمهور الحمامات كان الشواشي كبيرا بفنه ومسيرته الموسيقية الموشاة بالنجاحات.
لساعة ونصف كان موعد جمهور الحمامات مع سهرة تونسية الروح والغناء، سهرة الوفاء لمطرب تونسي وفنان له رصيد غنائي محترم، والوفاء من شيم الشواشي ايضا فهو بدوره وفيّ لرفاق الرحلة الموسيقية، وفيّ للأصدقاء الذين شاركوه البدايات وتشاركوا معه في صعود سلم النجاح، ولانّ الوفاء من شيم الكبار استضاف الشواشي صديقه الفنان الشاذلي الحاجي ليكون ضيف الحفل ويتشاركان لحظات التكريم، الحاجي غنى «مازلت صغير» غناها بحرقة فنان لازال في رصيده الكثير من الابداع ويمكنه تقديم المزيد لكنه نسي وسط موجات الفن الكثيرة، الشاذلي الحاجي شارك صديقه فرحة النجاح وحبّ الجمهور وشكلا ثنائيا رائعا على مسرح الحمامات وشكلا معا ثنائيا للحنين والحلم والغناء للحب، فالحب وحده ينتصر في النهاية.