مهرجان الحمامات الدولي عرض «ودعة» لزياد الزواري وعايدة النياطي: كمنجة عاشقة وصوت نسائي فريد يصنعان الفرحة

الموسيقى صوت الشعوب ، تتجاوز كل الحدود والحواجز، الموسيقى صوت الحالمين والباحثين عن الحياة والتجديد، الموسيقى فضاؤهم الارحب للحلم والجمال

واعادة كتابة تونس. هكذا هي الموسيقى التي جمعت الثنائي زياد الزواري وعايدة النياطي في عرض «ودعة» الذي قدم ضمن فعاليات مهرجان الحمامات الدولي بدعم من «جمعية صدر بعل للثقافة والفنون».
«ودعة» هي تونس الموشاة باجمل الألوان، تونس التي يعشقها أبناؤها ليحولوها الى نوتة موسيقية يكتبونها بشغف، هكذا كان العرض مسكونا بالألوان والموسيقى جمع 12 بابا من أبواب تونس الموسيقية، هي رحلة امل وفرحة، امل الباحثة عن رائحة البلاد، تطريز البلاد وموسيقى تونس هكذا تحدثت عايدة النياطي عن «ودعة».
موسيقاهم فرح والوانهم شغف
تنسجم الايقاعات الموسيقية مع المكان، ّقمر الدم» يتوسط السماء، أمواج البحر القريبة من المسرح تتغنى هي الأخرى بالحياة، عازفو الكمنجات يسطرون ملحمتهم الموسيقية التونسية، حفيف الشجرة المقابلة للركح تصنع وريقاتها ايقاعاتها الخاصة وهي تراقص الريح، اكتمل المشهد الطبيعي لخدمة الثنائي الحالم زياد الزواري وعايدة النياطي جمعهما حب الموسيقى التونسية كلمة ولحنا والرغبة في ايصالها الى العالم عبر «امل» وهي الشخصية المتخيلة التي ستقوم بالجولة في ربوع تونس وموسيقاها وتنوع لهجاتها والحانها وانماطها الفنية، امل ستكون صوت عايدة النياطي الحالم ونوتة لكمنجة زياد الزواري المتفرد كلاهما سيطرّزان «الودعة» المذهلة الموشاة باجمل الوان الحب.
«ودعة» عرض موسيقي ولد من قلب الحب، عرض تونسي كلمة ولحنا عالمي التوزيع، «ودعة» حلم جمع النياطي والزواري لتسجيد فكرة تجاوز عمرها الثلاثة أعوام قبل ان تتشكل على الركح مضيئة وفريدة، لكل منهما حلمه الموسيقي، جمعهما الشغف بالايقاعات العالمية والرغبة في التجديد في الموسيقى التونسية والكتابة الحديثة فكانت الودعة، أي طريزة مميزة ومختلفة، على ركح الحمامات كانت «ودعة» عرضا موسيقيا ومسرحيا وانسانيا، عرض تضافرت فيه كل مقومات المتعة الحسية والفرجوية.
على ركح الحمامات كتب زيادي الزواري لقاء اخر مع عشقه للكمنجة، رفيقته الفنية ومطيته ليحاور موسيقات العالم ويتجول بجمهوره في دول مختلفة وانماط موسيقية متعددة، لزياد الزواري جنونه الموسيقي الفريد، عازف تونسي وعاشق للكمنجة جعلها صوتا لروحه واحلامه و«ودعة» حلم جديد في مسيرة الزواري الفنية، فهو الشغوف الذي لا يعرف معنى اليأس من التجديد في الموسيقى، الزواري يترك للكمان مساحة من الابداع لتخاطب الروح العاشقة والقلوب الباحثة عن ابواب الحلم، كمانه سلاح للحب ينثر به شذرات من الحنين والامل، كمنجة زياد الزواري تشبه «صندوق عجب» في كل عرض يبهر الجمهور باعجوبة ايقاعية جديدة ولا يتوقع الحضور نهاية لجنونه الموسيقي وشغفه بالتجديد، كلما عزف يشعرك انه في عالم اخر ابعد واجمل، ربما يعزف فوق السحاب او في حدائق لانهاية لالوانها، يعزف للامل والحب ويحول الحنين والوجع الى فرحة وحده يعرف مفاتيحها السرية.
«ودعة» تونس الجميلة على الركح
«ودعة» صورة لتونس، تونس العبقة باجمل الألوان، تونس تناغم اللهجات والايقاعات الصوفية والفزاني والسطمبالي، تونس المنفتحة على موسيقات العالم من الجاز الى البلوز والهيبهوب والفالز بالحان عازفين لهم القدرة على العزف في اكبر اركاح العالم وفنانين منفتحين على الكلمة الحديثة والموسيقى المتجددة، تونس الضاربة في الجمالية اللونية من خلال فن التطريز والحفاظ على ابداعات يدوية تصنعها النساء بكل الحب والانفتاح على احدث التقنيات في التكنولوجية للتوزيع الموسيقي، تونس باختلاف مشاربها الفنية واللونية جمعها زياد الزواري وعايدة النياطي في عرضهما الموسيقي الذي قدم على اجمل المسارح، مسرح الحمامات فكان لقاء موسيقيا عاشقا زينته الكتابة الموسيقية الاوركسترالية.
صوتها هادئ، تغني كانها تهدهد طفل صغيرا كمانه يعزف ايقاعات عشق ازلي، حضورها على الركح مهيب، تتقن جيدا الحديث مع جمهورها، عايدة النياطي فنانة تونسية مميزة، لها صوت ملائكي وقدرة على الانتقال من لون غنائي الى اخر بحكمة المحترفين وبراعة الأطفال، احبت الغناء والفن واختارته مسارها الإبداعي والإنساني، تجمعها مع الزواري «كيمياء الفن» يشكلان ثنائي جميل على المسرح، يفهم اشارتها وتحفظ جيدا انين كمانه، شكلا ثنائيا موسيقيا مميزا استطاع التجول بالجمهور في ربوع تونس بتعدد لهجاتها وانماطها الموسيقية في ودعتهما، الودعة هذه الاحرف الأربعة حمالة المعاني، فهي «الودعة» و«الوعدة» و«العودة» و«الدعوة» أربعة احرف حمالة للمعاني استنطقها الزواري موسيقيا لتكون دعوة للشغف وعودة الى جمالية الكلمة التونسية وودعة موشاة بالألوان ووعد بالفرح والمتعة، أربعة احرف اختزلت وفاء عايدة النياطي وزياد الزواري لتونس ولموسيقاها.
ساعة ونصف من الموسيقى والغناء، ساعة ونصف تتجول فيها امل في ربوع تونسها العاشقة، يكون الناي سيد الحنين، وتكتب الكمنجات الياذة للعشق، اما «الطبال» و«الدربوكة» فهما سيدا الموقف في «الفزاني» و«البونوارة»، تتجول النياطي بصوتها وكلماتها بين لهجات تونس اذ حرصت الفنانة ان تحضر كل اللهجات باختلافها لتروي حكاية حبّ تتحدى النسيان، بكلمات تونسية ومزيج من الايقاعات التقليدية مع العالمية تحافظ النياطي على الهوية الشعرية التونسية، فنانة غنت من كلماتها والحانها، جددت في موسيقاها بعيدا عن «تطويع التراث او تهذيبه»، كتبت الشعر الغنائي وقدمته للجمهور في محاولة للحفاظ على الكلمة التونسية وتأسيس طابعها الفني التونسي كلمة ولحنا «نحاول تأسيس موروث جديد، كفانا ترديدا للماضي، نستلهم من الخطوط الكبرى لتراثنا ونؤسس الجديد، من حق جيل اليوم كلمات واغان تعبر عن الحاضر لا تكتفي بالماضي» حسب تعبير عايدة النياطي التي غنت من كلماتها والحانها «يا حكاية» و»هبلني غرامه» و»حلمة» و»حبيت نشكي» وغيرها من مكونات الودعة الجميلة.
«ودعة» عرض تونسي الروح والهوى، و«الودعة» نوع من التطريز اليدوي، ابهار لوني فيه تمازج بين اشكال والوان تونسية الصنع بدت واضحة في أزياء العازفين وملابس النياطي والزواري، تلك الودعة اليدوية المبهرة جزء من مهارة فنانة تونسية احترفت العمل في النسيج والتطريز اليدوي هي سعدية جرادي ابنة قابس التي حولت موروث الجنوب التونسي من المرقوم والكليم والرموز التقليدية الى الملابس، سعدية الجرادي فنانة تبعث الحياة في الرموز التقليدية، تمارس التطريز اليدوي وتحافظ على الموروث من الاندثار في ودعتها الصاخبة بالألوان.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115