مجموعة «نصير شمة وبناة السلام» ضمن مهرجان قرطاج الدولي: سلام للأوطان وللحب وللمرأة فكرة ووردة

موسيقاهم انتصار للحب والحلم، موسيقاهم بلسم يشفي الروح من أوجاعها، نوتاتهم تسكن النفس بسكينة الاطفال وتزرع فيهم حبور الحالمين، هم بناة السلام،

باعثو الحب والفرح والجمال جمعتهم الموسيقى وأمل وحدة الشعوب ونشر ثقافة السلام والانتصار فقط للانسان والانسانية، بناة السلام جاؤوا الى قرطاج ليقدموا عرضهم الموسيقي الساحر وينثروا لجمهور يعشق الموسيقى الحالمة شذرات من الحب وبعض اغاني الحياة.
على ركح قرطاج توسط سيد العود نصير شمّة رفاقه من بناة السلام، مجموعة من العازفين الذين يمثلون ثقافات موسيقية مختلفة ودول متباينة بعضها تفرقها السياسة (العراق/ايران/تركيا)، لكن على الركح تمحى كل الحدود وتبقى وحدها الموسيقى صلة الربط بينهم وبين دولهم وثقافاتهم، على ركح قرطاج الاثري عزف نصير شمة وبناة السلام للحب،عزفوا لحدائق بابل المعلقة، نثروا ورود الامل على تونس الجميلة ولقرطاج عزف نصير ورفيق الفكرة اشرف شريف خان لحنا عمره عشرون عاما، عزفوا للصداقة والأصدقاء وتركوا لآلاتهم مساحة كاملة من الحرية لتكون السهرة بمثابة نجمة تتلألأ في سماء قرطاج العظيمة حضارة وثقافة وموسيقى.
الأمكنة نوتة مستفزة وإيقاع صاخب للحياة
سكنته الامكنة فحولها الى معزوفات خالدة، اقتحمته الاماكن بهدوئها وتاريخها فحول تواريخها الى نوتات موسيقية مذهلة تتسابق فيها الالات لكتابة اجمل المعزوفات، احب تونس التي احتضنت ابداعه لسنين فكتبها ولحنها «الى تونس» و»قرطاج» معزوفتين بثّ فيهما نصير شمة لواعج الحب والصدق والاعتراف لبلد كرّمه واحترم موسيقاه وفنّه، في المعزوفتين تكون السطوة الموسيقية لآلتي الكمنجة والعود، تتنافسان وتلهوان لتكتبا اجمل الألحان، «الى قرطاج» تكون قبلته الموسيقية فيعانق العوده ويعلن ان لهذا الوطن الصغير اماله وأفراحه فلنحولها الى نوتات موسيقية تعزفها سيدة الكمنجة الامريكية keren briggs akaويشاركه في الرحلة عازف الايقاعات العراقي حسين زهاوي فقرطاج المكان والمدينة والحضارة تستحق ان تكون نوتة حبّ خالد هكذا يقول نصير شمة لجمهوره ماسكا عوده موزعا الحانه الصاخبة والصارخة بكل تلوينات الامل.
الامكنة في معزوفات نصير شمة وبناة السلام جزء من الروح، بعض الامكنة يتماهى عطرها مع ورود الربيع، تخترق القلب كرصاصة قناص لا يخطئ الهدف، بعض الامكنة كرسائل العشاق لا تعرف الفناء، تسكنه تلك الحجارة الضاربة في التاريخ والمسكونة بالهدوء فيبعث فيها الروح بعوده وإيقاعات رفاقه من بناة السلام، على ركح قرطاج رحل بجمهوره الى اقدم القلاع على الارض قلعة اربيل، تلك القلعة الموجودة في اقليم كردستان العراق وهي من اقدم الاماكن الاثرية كتبها شمة في لحن هادئ وحزين كأنه ينصت لأصوات الاحتلال الذي تعرضت له القلعة عبر التاريخ، «اوربيلوم» تلك القلعة الشامخة يعزفها حسين زهاوي عازف الايقاعات التقليدية الكردية فيحول وجعها الى زهرة برية موشاة بأبهى الالوان.
«بعض الاماكن تسكنني، وتستفزني لأعزفها واكتبها لحنا يشبه بهائها» هكذا يتحدث نصير شمة عن الاماكن قبل ان يحول ذاك الجبل الضارب في التاريخ الى معزوفة رقيقة تبدأ بإيقاعات الة السيتار الباكستانية وكأننا بشمّة يعطي لرفيقه اشرف شريف خان مساحته الكاملة ليتبع طريق الحرير ويلتقط غناء وموسيقى القوافل ويصنع منها ترياقا موسيقيا جديدا فعزفوا «عكمة» وهو اسم لجبل في منطقة العلا في المملكة العربية السعودية ويعود الجبل والمنطقة للحضارة «اللحيانية» هو امتداد لجبال البتراء وطريق الحرير «عزفنا عكمة داخل المنطقة الاثرية في الجبل اول مرة، وهاهو اللحن يتواصل معنا الى قرطاج» كما يقول سيد العود نصير شمة.
بإيقاعاته المميزة يحول الاماكن الى معزوفات ساحرة، معزوفاته حزينة حينا تتماهى مع ما تعيشه او عاشته تلك المدينة ومرحة كثيرا ففي ايقاعاته ينثر الفنان الكثير من الفرح، المعزوفات هي قراءة لمدن عشت فيها وتنقلت في شوارعها وبين أزقتها، مدن أحببتها وتركت فيّ أثرا لذلك أردت أن أٌعلي من شأن ما عشته وأحببته من خلال ثنائية الحب والأسطورة».
النوتة انثى متفردة والموسيقى روحها
ساعتان من الموسيقى الجميلة، رحلة في التاريخ والأساطير وجولة بين موسيقات الشعوب وثقافاتهم، نصير شمّة صياد نوتات محترف وهو صياد عازفين أيضا على الركح رافقته جواهر من امهر الموسيقيين في العالم، فهو دائم البحث عن الجديد وكلما حضر عرضا في دولة ما إلا وانتبه لعازف مميز واختاره ليكون عنصرا من بناة السلام، على ركح قرطاج كان الموعد مع البزق الايراني وبراعة علي قمسري وسحر الة القانون وعازفها التركي «Aytac Dogan» واختلاف حسين زهاوي عازف الايقاعات الكردية التقليدية، ثلاثة اقطاب موسيقية يمثلون ثقافات مختلفة متصارعة سياسيا فالعراق وتركيا وإيران ثلاثة اقطاب فرقتها السياسة فوحد بينها نصير شمة موسيقيا لان الموسيقى لا تعترف بالحدود ولا بالحواجز هي صوت الحب وليست للحب هوية.
للحب عزفوا، للحب سافرت سيدة الكمنجة الامريكية keren briggs aka، بنوتاتها الصاخبة، تتماهى مع كمانها كطفل يتماهى مع ألعابه، للحب عزف اشرف شريف خان ايقاعات عاشقة من الة السيتار تلك الالة الضاربة في القدم خرجت بإيقاعاتها من المعابد الى الركح لتنتصر فقط للحب، فعزفوا قصة حب «اينانا وديموزي» وهي من اقدم قصص الحب في الحضارة السومرية، العود بنغماته الرقيقة والسيتار بايقاعاته الهادئة وانين بزق علي قمسري مع رقة البيانو سامي بن سعيد حملوا الجمهور الى قصة عشق جمعت الهة الخصب «إنانا» بالاه الرعي والزراعة «ديموزي» ويرمز لها بالنجمة الثمانية وكوكب الزهرة وهما «تموز وعشتار» فيما بعد.
عود نصير شمة استحضر وجع هذه القصة وعزفها فكانت الايقاعات موغلة في الحزن وكأنه يستحضر الم فراق عشتار لتموز ووجع الفقدان يتشاركه العود مع الة الساكسوفون التي ابدع عليها الاسباني Gotama del pino صوت الم القلب وجراح الروح ليستحضرا مرثية إنانا لحبيبها :
يا سيد روحي
يا عشقي التائه
تعالي الي برفقة شموعك وابتهالاتك
تعالي كي تسكن كل اوجاع الشوق
لتحررني من مكبلات الروح
كي اذوب في شفتيك من دموع الشمس
عد يا حبيبي
واغسل لي روحي بالحب
حيث تولد إنانا من جديد»
تتحول الموسيقى الى صدى للروح، تصبح الالات وسيلة للبوح بقصص الحب المخفية، حكايات تلتقطها اذن موسيقية عاشقة لتصنع منها طوق نجاة موسيقي فيعزفون لحدائق بابل المعلقة «سيدة الجنائن» تلك الجنائن المعلقة الساحرة المهداة إلى امرأة، فالمراة منذ البدايات كانت ولازالت نوتة حالمة ووردة فريدة، التقطت اذنه الكثير من حكايات العشق من رفاق الموسيقى فعزفوا «مدن النرجس» اين اصبحت كل الايقاعات صاخبة بلون النرجس المغري بمزيد الانصات لموسيقى فريدة والحان تخاطب الروح، في «مدن النرجس» كتبت الكمنجة والقانون والإيقاعات قصص نساء صنعن التاريخ والحب، حبّ برعت في اعادته مجموعة بناة السلام، ليكتبوا بموسيقاهم فصول اخرى من الامل والجمال اللامتناهي انطلاقا من ركح قرطاج العظيم.
مفيدة خليل

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115