الرئاسة الى ان تعيد النظر في فريق عملها وعمل الفريق الحكومي إذا ارادت ان تحقق حصيلة حكم ايجابية وتتجنب الهزات والفشل في ادارة الملفات.
حاجة باتت ملحة في ظل تعثر العمل الحكومي وسوء ادارة الملفات السياسية والاقتصادية بالأساس وفراغ شبه كلي للديوان الرئاسي الذي لازال منذ نهاية جانفي الفارط دون مدير ديوان ناهيك عن النقص في فريق المستشارين المتواصل لأكثر من سنتين.
حالة الفراغ وغياب سد الشغورات في الديوان الرئاسي في ظل هيمنة الرئيس على الصلاحيات التنفيذية والتشريعية خلال فترة التدابير الاستثنائية وضعف اداء الفريق الحكومي، كلها عناصر اجتمعت لتكون اهم عقبة امام الرئيس وأمام مشروعه السياسي.
ففي المعارك التي خاضتها الرئاسة خاصة منها السياسية وجدت نفسها تخسر نقاط ومكاسب بسبب أخطاء وسوء تقييم الموقف نتج عنه خيارات سرعان ما عادت بنتائج عكسية على رئاسة الجمهورية ولعل قرار المحكمة الادارية بإيقاف تنفيذ قرارات عزل 49 قاضيا وقاضية شملتهم حملة التطهير التي اطلقها الرئيس في غرة جوان الفارط مؤشر عن النتائج السلبية للسياسات المتبعة وللخيارات التي تقترح من قبل محيط الرئيس وفريقه.
ففي ملف القضاة المعفيين يقع اليوم تحويل وجهة الانتقادات الى وزيرة العدل باعتبار انها من قامت بمغالطة الرئيس ومن قصرت في القيام بواجبها مما ادى الى ان تكون حصيلة حملة تطهير القضاء سلبية جدا بل ووضعت رئاسة الجمهورية في حرج سياسي هي في اشد الغنى عنه. وهذا التوجيه يصدر عن محيط الرئيس وعن مقربين منه ممن يرون ان التعثرات الاخيرة للمسار مردها ضعف الفريق الحكومي، لكن الضعف لا يقتصر على الفريق الحكومي الذي يمكن تقييمه بالعودة لبرنامج عمله الذي قدمته رئيسته نجلاء بودن في خطاب التعيين او في التعهدات التي قدمتها الحكومة على لسان وزرائها ومعرفة ما تحقق من هذه الالتزامات والتعهدات، لنقف على حصيلة هزيلة للحكومة جراء ضعف ادائها الاتصالي والسياسي.
مكمن الضعف لا يقف عند الحكومة وأدائها فمؤسسة الرئاسة ورغم حجم السلطة والصلاحيات التي يتمتع بها الرئيس وانتقال مركز السلطة من القصبة الى قرطاح فانها تعمل بفريق محدود جدا مما أدى في النهاية الى ان يكون اداء المؤسسة بدوره ضعيفا باستثناء الاداء السياسي للرئيس.
اي ان اداء السلطة والحكم بشكل عام تأثر بعنصريين الاول هو محدودية فريق الرئيس في القصر وتواصل الشغورات في مراكز ذات ثقل والثاني هو ضعف في اداء الفريق الحكومي، ولتجنب الارتدادات السلبية لاستمرار هذا الضعف يبدو ان الرئاسة امام حتمية إعادة النظر في فريق عملها بشقيه، الرئاسي والحكومي.
فدون هذه المراجعة التي قد تتخذ مسارين، الاول سد الشغورات في الديوان الرئاسي وفي تركيبة مستشاري الرئيس بتعزيز الفريق الرئاسي بمدير ديوان ومستشار سياسي قادرين على ادارة الملف السياسي مع الرئيس او التنسيق بينه وبين الحكومة، التي بدورها تحتاج الى ان تخضع إلى تحوير وزاري في اسرع وقت.
فحكومة بودن لا يقتصر ضعفها فقط في ادارة الملف السياسي كملف القضاة بل ايضا يمتد كذلك ليشمل الملف الاقتصادي، والخطر هنا ان اي تعثر في الاداء ستكون نتيجته كارثية على البلاد التي بات طريق نجاتها مرتهنا باتفاق مع صندوق النقد الدولي.