عرض «مزيج» لزهير قوجة ضمن مهرجان الحمامات الدولي: مبحث في الموسيقى والهوية التونسية

الموسيقى تصنع الذاكرة، الموسيقى ذاكرة الشعوب والموروث الموسيقي جزء من الهوية، وفي اطار دفاعه عن الهوية التونسية بحث زهير قوجة

في الإيقاعات التقليدية وخرج بعرض «مزيج» وهو مزيج من ايقاعات البدو ورقصات الربوخ ونشوة السطمبالي وجنون المزود أعاد توزيع جميعها مع العود والقمبري والبيانو والاكورديون ليكتب لجمهوره عرضا موسيقيا مختلفا ينتصر فقط للحب وينفتح على الإنسان ويخاطب كل الأجناس البشرية في مبحثه الموسيقي المميز.
هو مزيج من الإيقاعات التونسية الممزوجة بالات وإيقاعات غربية، وهو رحلة موسيقية أو مبحث اجتماعي تاريخي فني يرصده زهير قوجة في عرضه الجديد «مزيج» الذي قدم في ثاني سهرات مهرجان الحمامات الدولي، على الركح وفر زهير قوجة لجمهوره ساعة ونصف الساعة من المتعة الفنية الصادقة، لقاء مع تلوينات موسيقية تونسية الروح وعالمية التزيع ابدع في غنائها الثنائي عبد الرحمان الشيخاوي ووصال ناصر.
من أعماق إفريقيا جاؤوا محملين بالوجع الذي تحول إلى موسيقى، تلك الإيقاعات الحزينة التقطتها أذن عاشقة لتصبح مع الزمن موسيقى السطمبالي الصادحة بالحب والرغبة في التحرر، تلك الإيقاعات المتماهية مع انتفاضة الروح لحظة الحبّ، صنعت منها أجمل المقطوعات الموسيقية التي تتغنى بالأرض وبالحبيبة وبالحرية وهي المطلب الأسمى للإنسان، السطمبالي المتميز بإيقاعاته المتسارعة صنع منه زهير قوجة مبحثه الموسيقي الجديد في مزيج فكانت موسيقى الحرية متماهية مع إيقاعات عالمية وآلات غربية.
«مزيج» عرض موسيقي تونسي بإيقاعات عالمية، مبحث فلسفي وفني في الإيقاعات التقليدية التونسية متماهية مع موسيقات متعددة، متلونة تلوّن الإنسان على البسيطة،في العرض يقع الاحتفاء بالموروث التونسي انطلاقا من أقصى الجنوب الغربي مرورا بموسيقى الوسط والبادية وصولا إلى الشمال الغربي، جزء من الموروث التونسي أعاد توزيعه زهير قوجة لتكون موسيقاه صوتا لكل الشعوب، فالموسيقى في «مزيج» لا تحتاج إلى جواز سفر لتخترق القلب وتخاطب الروح بأسمى عبارات الحب والانفتاح على الإنسان.
تتدافع الإيقاعات من آلة الشقاشق لتعلن عن بداية الرحلة الموسيقية، يخاطبها شقيق الروح القمبري فكلاهما يمثل القاعدة الأساسية لموسيقى السطمبالي ثمّ تنطلق بقية الآلات الموسيقية لتقديم جولة موسيقية تنعش الروح، في «مزيج» يصنع زهير قوجة لنفسه مسار موسيقي مختلف، عرض ينتصر للقيم الكونية، آلة الاكورديون تتماهى مع الناي في «جمل بوك يدادي» وهي من تراث الجنوب التونسي، القمبري ينسجم مع العود والمزود والإيقاعات مثل «الطبلة» و»الدربوكة» لتقديم إيقاعات تونسية هي عنوان للهوية التونسيثة باختلاف مشاربها الفنية.
مزيج عرض موسيقي أنجز بعد إقامة فنية، أشهر من البحث في الموروث التونسي والإيقاعات التقليدية التونسية، بحث موسيقي في الكلمة التونسية والإيقاعات الشعبية أعاد زهير قوجة وسامي بن سعيد توزيعها لتنفتح على الإيقاعات العالمية وتتماهى معها، رحلة في الموروث لم تغير من الكلمات بل عملوا على إعادة التوزيع الموسيقي لتخرج تلك الإيقاعات من محليتها وتكون كونية لا تحتاج إلى ترجمة لفهمهاـ في العرض تألقت وصال ناصر بتلقائيتها فنانة لها حضورها المختلف وطريقته المجنونة في غناء السطمبالي، مجرد الإنصات لصوتها يشعر المتلقي انه في عالم خال من الشرور والسواد، اما عبد الرحمان الشيخاوي فحضوره كعادته شعلة ملتهبة من حب الفن والتماهي مع صخبه.
مزيج عرض موسيقي ينتصــر للمـــوروث التونسي، عرض يحقق النشوة للمتلقي، عمل فيه المجموعة الموسيقية والصوتية على أغان تتماهى مع لغة الجسد فتوفر له مساحة من الحرية والرقص، في مزيج امتزجت الحركات التقليدية لرقصات السطمبالي والربوخ مع الرقص المعاصر ليقدم كل من كريم توايمة وملاك الزوايدي ومروان روين شطحاتهم المنسجمة مع الإيقاعات، في مزيج كان للرقص حضوره الصاخب، كتبت الأجساد صرخاتها وانتصارها للحرية، تحررت أجساد الراقصين من ربقة الواقع وانتشت بالموسيقى، كريم توايمة ابن السطمبالي أبدع في حركاته وحمل الجمهور معه إلى عوالم إيقاعات تصخب بالثورة و الحياة، بجسده المقبل على حياة صنع لوحاته الكوريغرافية المميزة، ملاك الزوايدي تميزت بهدوئها وحركاتها الموغلة في الذاكرة، لها قدرة على شد انتباه المتلقي بتلقائيتها وصدقها، ولمروان روين طريقته في المزج بين التقليدي والمعاصر ليكون الثلاثة الصورة البصرية لمزيج زهير قوجة، ثلاثتهم أحب السطمبالي وحول إيقاعات الشقاشق إلى لغة مرئية مغرية.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115