« سلامُ عليّا
أخيرا أنا صِرْت شيّا
وميّتـًا و حَيّـــــا
ولاَ فَرْقَ بيْنيَ وبيْنَ الحَجَرْ»
• اشارة ثالثة من ابن الجوزي :
ورد في كتاب « الثبات عند الممات » للعظيم ابن الجوزي البغدادي الحكاية التالية: أن رجلا اتى إلي رجل وهو يأكل فقال له: لقد مات أخوك .فقال له الرجل: اقعد وكل فقد علمت، فقال له: من أعلمك ولم يسبقني أحد ؟ فقال له: قوله تعالى: «كل نفس ذائقة الموت».
رحم الله كل موتانا وموتى الحب والعدل والحرية..والشهيدات والشهداء والشّواعر والشعراء.
(1)
رأيتني لا أعلم إنْ كنتُ في الدّنيا أتَلغْثم في خُطاي أو كنتُ عند أخْتها أنْزِفُ من خيالي ومنْ ذاكرتي
رأيتني تقلّبتي الرياح والبروقُ ذات اليمين وذات القلْبِ
لم أكن أعْلم إنْ أنا في مقَامِ الصّحْو
أم لفّني كتابُ المحْو الأبْدي
الأزلي والأبديّ شقيقان
ويْمشيات بكتاب الحياة يدا بيدْ
لا أعلم ان كنت كاسٍ يا» لامعة « أو كنت عارٍ
بلحمى كما ولدنتي في «عمرة» عند تخوم قفصة أمي
الأكيد / الأكيد أني مريضٌ
بداء غريب
اني لا اصدّق رحيل الذين رحلوا
يحدث انْ اقيم حوارا حقيقيا
معهم في يقظتي ومنامي
نتبادل الكتب ونمدح الظلال في الصّحراء
تبادل النّكات الحمراء والخضراء
والإخبارَ
والزّمـجَرةَ والهِجاءْ
أحيانا
نقرع أباريقَ الفراغ العاطفي
نسْتحضِر سيرة طرفة بن العبد
- ضمن من نستخضر-
والسُّليْك ابن السُّلَكة
وشقيق حبرنا
وارحامنا سيد الصّعاليك
الشّنفرى
ونصمت اجلالا لذكرى المتنبي و أبي العلاء
و يتلوا الواحد منهما على حضْرتي ما اُجْترحتْ
انامله النحيلة من نصوص جديدة في غيابي
- محمود ينسى أحيانا ومحمد لا ينسى أبدا -
وأتلو على حضرتهم...
ما لم انشر
من سيرة كليمنسيا الجميلة
(...)
الأكيد الأكيد أني مريض
بداء غريب يا «لامعة»
(2)
أنا أكتب الآن مانيش وواقفٍ
لا أعرف إن على أديم الارض أنا أمشي
أم على قارعَةِ صفْحَةٍ من كِتابِ السّحبْ
لا سيرة لي غير سيرة الغائبين
لا أفكّر حين هذا الحين
في غير وجَعِ الحنينِ
الى حَمْحَمة الجياد
ورائحة السّخاب التي لا زالت تتضوّع
من جيد أم الغزالة: خالتي الراحلة
فاطمة الزهراء
/رحيل يسلمني الى رحيل /
و إلا كيف سوف يجتاز قلبي هذه الصحراء العاطفية دون اصدقاء
في أرضٍ مسّتْ قَلْب
تاريخها التّجاعِيد
(3)
الأكيد الأكيد أني مريض
بداء غريب يا «لامعة»
رأيتني مِتّ قبْل أن يموت الجمَاعة ورحلْتُ قبل أن يرحلوا أنا الذي لم يصدّق رحيلَ منْ رحلوا . رأيتني متّ مرة أخْرى وحييتُ مَرّةً أُخْرى ولا أذْكر كيفَ ومتي متُّ ولا كـيْــفَ ومتىَ حَييتُ . وجدْتني عند فجر أمس ليليَ التونسي أمْشي بين المعَاجم في الصّحراء تتبعني كلابٌ وبغال وجياد وذئاب وكتب وقطط وطيور. رأيتني
أتهجّى كلام أبي إسحاق الصابي في «ذكر موت الملوك والأجلّة والرؤساء» وقد ذهل السيد عن السادة الشّعراء : قلت كالمخاطب نفسه و»محمود « كان يعدّ حُصيات بين أنامله كالمسبحّ أو الذاهل عن الدّنيا وأهلها والضباع ... عله يشكو الملل و«محمد» كان يقول معي بغنّة في صوته اعرفها عن ظهر قلب
أوووف /اوووف
- الملوك /
الرؤساء /
الامراء/
ومن عاصرهم من ذوي الحِبرِ الأمْكر
ليستأثر العلي القدير بهم / استأثروا بأعمارنا دُوننا
لتَخُنهم أعمارهم وقد أكلوا أعمارنا
لم يتركوا لنا ولا نبت» التيفاف «
لينفذ القضاء فيهم بالمحو للتو فتّتوا أوطاننا
شرّدوا الثكالى
وأسلموا فلذات الأكباد لغول البحر ..
ليطرقهم طارق المقدار»
لا أعْرف إن كانتْ روحي ثبتت أو كانت قد امّــحَتْ في الأفُق
أو طارت بها سُحّيـْـرَة شَارِدَةْ
(4)
الأكيد / الأكيد اني مريض
بداء غريب يا «لامعة»
اني لا أصدّق رحيل الذين رحلوا
إذ يحدث ان اقيم حوارا حقيقيا
معَهم
(5)
يشدني الحنين إلى «مطعم البوليرو» اجتاز الباب . تجهش ذاكرتي تخرج أثقالها ... يتوحّش القلبُ
يتقلّب القلبُ
يتلفّت هوّ القلب
يقرأ القلب كتاب الأواني والجدران فيرى
الأصدقاء ... بتصفحون «كتاب الكأس»
ويترحمون على الرقيق القيرواني
ما أشدّ هَشاشتي .. وما أقواني
/ كيف لم أمت بشهقة شوق /
ابتسم للنّادل الذي بعرف حدسا ما حلّ بيّ
أطلب منذيلا على عجل
وأكتب على المنذيل:
يبدو أني سوف أسْكر بي و بسوائل الذاكرة هذا المساء
فأرجو ألا يـُهّشم أحدٌ زجاج قلــبي..
ليس خوفا على قلبي ...
فقط لئلا يثير حزن الأصدقاء:
محمد ومحمود ... ومن جمع مجلسنا ويفتح عليهم «كتاب الملل».
الاكيد / الأكيد اني مريض
بداء غريب يا «لامعة»
اني لا أصدّق رحيل الذين رحلوا
إذ يحدث ان اقيم حوارا حقيقيا
معَهم
(6)
«قرأت في أخبار عبيد الله بن عبد الله بن طاهر: أنه جرى يوماً في مجلسه بين جلسائه كلام في ذَمّ الملل وتقبيحه والتّعْريض به، فتغَافل وتشاغل سَاعة. فلما أكثروا ولم يبقوا في القوس منزعاً، استوى جالساً وأقبل عليهم وقال: ويـْحَكَم أتَدرون أنكم تذمون ممدُوحاً? ألا تروْن أن الرئيس إذا كان غير مَلُولٍ اختص بثمرة فَضْله قومٌ، بل شِرْذِمة قليلونَ من خواصّه ونُدمائه وحُرَمَ الأكْثرون من أفاضل المسْتحقينَ صوْبَ سمائه وإذا كان ملولاً ولا يَصْبر على نفرٍ بأعْيانهم اسْتجدّ الأخوانَ على تـَكـرّر الزمان، واستمالهم بالإنعَام، والإحْسان،
وتشارك الناس في أثاريده وطعامه وشرابه، وتضاربوا بالسّهام في أياديه ومِنَنه.
فقالوا له: والله إن الأمير ليسحرنا بلسانه وبيانه، ويحسّنُ ما تطابقَتْ الألسن على تقبيحه. لا أعرف حين هذا الحين يا «لامعة» إن كنت ضحكت أم كنت بكيت وقلت بين لحمي ولحمي:
الشعر الجميل يأتي كما الموت والحب والحرب والإنجاب... أحيانا ودائما من الملل الطّويل
(7)
طار بي خيالي حنين شوْق الى حِكايةِ «لامعة والعَصافير»:
« لامَعة» سمراء جميلة في لون الأرض والأفق . «لامعة» تنهض صباحا لتُطعم عصافير «باب البحر»
وتشتبك معها
لأنّ العصافير تنافسها شُبّاكها
وتقْصف بمناقيرها أعمار نباتها
«لامعة» تشاغي العصافير تقول كلاما غامضا للعصَافير حين تخاطبها لئلا تجْرها...
والعصافير تفهم عليها لغْوها و لــُغتها التى لا يفهمها سواها
تطيرُ العَصافيرُ ... هيّ العصَافير تطير بعيدا
لتعود قريبا إلى مكامن وكَناتها لتَحرس بغَريزة الطير بيضها وفراخها التي في أعْشاشها كأنّ «لامعة» ما نطقتْ بكلام غامض تفْهَمُه اُلْعصَافيرُ وحْدَها
وليس يَفْهمه أحَدا سِواها
كما هو قلبي مع الراحلين : محمد ومحمْود.
- هل هذا هو الحب- يا «لامعة»
درويشٌ هو محمد في شِغَاف قلبي الموْجوعْ و أوْلاَد أحمد هو محمود .
(8)
الاكيد / الأكيد يا «لاَمِعَة» اني مريضٌ
بداءٍ غريبْ
( شذرات من نص طويل )