مهرجان «حومتنا فنانة» في دورته العاشرة: فرصة أخرى للانتصار للحرية ولحق الجميع في الثقافة

أصبح الفضاء قبلة للحالمين، اصبحت البطحاء مكانا للقاء والنقاش الثقافي والسياسي والاجتماعي وتبادل المعارف في كل الفنون،

باتت البطحاء مجالا يتسع لاحلام الصغار ويلبي رغبة الكبار في الفرجة ويدافع عنهم وعن حقوقهم، بطحاء «مسار» ككل عام تتزين بالحب، الجدران القريبة من الفضاء تصبح محامل للوحات الغرافيتي والشعارات المنادية بالحق في الثقافة والدفاع عن الانسان والدفاع المستمر عن حق ابناء الاحياء الشعبية في تظاهرة ثقافية موسيقية ومسرحية تقدم عروضا محترمة فنيا وتلبي كافة الاذواق.
ككل عام ينتظر سكان حومة «بالدوف» وباب سعدون وباب العسل والأحياء المجاورة مهرجان «حومتنا فنانة» الذي ينظمه الفضاء الثقافي المقاوم «مسار»، للعام العاشر و«مسار» ينتصر للحق في الثقافة، للعام العاشر ينتصر مسار للانسان، يقدم لأطفال الاحياء الشعبية اجمل العروض المسرحية الموجهة للطفل ويختار للكبار عروضا فرجوية تدفعهم ليكونوا جزءا من المهرجان والركيزة الاساسية لنجاحه، للعام العاشر تتحول البطحاء الى مسرح بكراسي ومدرجات وجماهير غفيرة تحتل شرفات المنازل وبعض الاسطح لتدافع عن حقها في الحياة.
«حومتنا فنانة» انطلقت فعاليات دورته العاشرة يوم 1جويلية لتتواصل الى غاية 6جويلية، اسبوع من العروض والفرجة وكل العروض تقام في البطحاء المفتوحة على احلام الشباب وانتظارات الكبار وكل العروض المقدمة مجانية، فالمهرجان هدفه ليس ربحي بل ثقافي وحقوقي وهو الدفاع عن لامركزية الثقافة والدفاع عن حق المهمشين في مشاهدة عروض مسرحية وفرجوية مختلفة، غاية المهرجان ايصال الفنون الى سكان الاحياء الشعبية وتشريكهم في التنظيم ليشعروا انهم جزء من «حومتهم» و«مسار» فضاءهم وليس مجرد بناء لا يعلمون ما بداخله مثل بعض المؤسسات العمومية من دور ثقافة في اغلب الجهات، فمسار فضاء للمواطنين، فضاء يشاركون فيه بارائهم وافكارهم ومنه يستمد الاطفال مساحة للحلم، مع مجانية العروض خصص المهرجان «بطاقة مساندة» قيمتها 30دينار للراغبين في مساندة الفضاء ودعمه من جمهوره المختلف.
انطلق المهرجان بعرض «نوالة» للفرقة الوطنية للفنون الشعبية، «النوالة» العرض الموسيقي الفرجوي ذو الطابع العصري والروح التقليدية بينهما مزج غريب ولمسة فنية أبدع عماد عمارة المشرف على الفرقة الوطنية للفنون الشعبية في صياغتها، مجموعة من اللوحات الراقصة تتماهى فيها اجساد الراقصين مع الموسيقى التقليدية المنبعثة من الناي والزكرة والقصبة مع لمسات غربية والقليل من الجاز والروك لتكون الموسيقى مخضرمة ومميزة تماما كهذا الوطن الذي فتح أبوابه لكل الموسيقات والجنسيات فتلاقحت الأفكار وأنماط العيش واللباس وكانت تونس متلونة كما قطع الفسيفساء وجمهور مسار جزء من هذه الفسيفساء اللونية الممتعة.
العرض الثاني خصص للفرقة الموسيقية «يوما» تقدم الاغنية العاطفية للثنائي صابرين الجنحاني ورامي الزغلامي، «يوما» مجموعة موسيقية تعتمد على صوت انثوي يتجاوز المكان وإيقاعات الة القيثارة الساحرة، اغاني «يوما» كلماتها تخترق القلب، كلمات عن الحب والوطن، كلمات الاغاني تكتبها صابرين جنحاني بنفسها تنفث فيها عصارة الوجع والحب، تونسية عشقت الموسيقى وشغفت بها إلى حدّ الوله فاختارتها مطية للحلم والتألق وفي ظرف وجيز صنعت لنفسها طريقا قد تكون مختلفة وعرة لكنها واصلت فيها بكل الحب فالحب زادها للإبداع وللنجاح ونجحت الجنحاني في تجربة «زيّ» كما نجحت مع «يوما» وأمام جمهور عاشق للموسيقى كان الموعد في بطحاء فضاء مسار ليمتعوا جمهورهم باغاني «سوا» و»شو» و»حبيتك» و»داويتني» واشهر اغاني الثنائي «نغير عليك».
يقدم فضاء مسار باقة من العروض الموسيقية التي تلبي الاذواق المتخلفة لجماهيره، وفي اطار انتصار الفضاء للموسيقى المقاومة والأغنية المعبرة عن الرفض يكون الموعد مساء غد الاحد 4جويلية مع «مجموعة عيون الكلام» و»انخاب» ويقدم «احباء الشيخ امام بفضاء مسار» عرضهم يوم الثلاثاء 5جويلية، فمسار يشرع ابوابه لكل التعبيرات الفنية المنتصرة للانسان والحرية والاختلاف.
حومتنا فنانة ليس مجرد مهرجان بل فرصة حقيقية للقاء والدفاع عن الحقوق الاقتصادية والثقافية، المهرجان دعوة دائمة ولتذكير الدولة بتقصيرها تجاه مواطنيها من ابناء الاحياء الشعبية وافتكاك حق المهمشين في الفنون، «حومتنا فنانة» مهرجان ثقافي وانساني وحقوقي هو «مُشترك فنيّ ومواطني مُجدّد، ولكنّه خارج سياسات ‹البيروقراطية الثقافية› التي لا تجد أنّ «لامركزية الفعل الثقافي» مهمّة، ولا تعتبر أنّ الفنون حقٌّ وأنّ أبناء الأحياء الأقل حظًا والمدن والقرى المنسية لهم حق في الفنون والإبداع والثقافة» كما يقول المشرفون على المهرجان.
فحومتنا فنانة شمعة تضيء الدروب المظلمة، تشعر ابناء الاحياء الشعبية انّهم مواطنون تونسيون لهم الحق في الثقافة، المهرجان لبنة للدفاع عن حقوق الانسان وهي احدى الاهداف الرئيسية لفضاء ثقافي يمثل شوكة في جهاز اداري بيروقراطي يرفض التجديد، فمسار وجد ليرسخ لامركزية الثقافة ويشجع الاطفال على الحلم ويساعد ابناء المراكز المندمجة على التعبير والتحرر.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115