اختتام ملتقى العصاميات بالمنستير: تماهي الفني والتاريخي في الدورة التاسعة عشرة

تحتفي «روسبينا» بعاشقات الرسم، تحتفي بنساء حالمات صنعن ذواتهنّ التشكيلية من لون وحبّ، تحتفي مدينة البحر بجمال أعمال

فنية لنسوة تعلمن الرسم بالفطرة وطوّرن من ذواتهنّ ليصبحن «العصاميات» صاحبات اللمسة الملونة بشغف الطفل للعب وشغف العاشق لزهور الربيع، ككل عام يفتح المركب الثقافي بالمنستير أبوابه لعاشقات الرسم للقاء والنقاش حول ابداعاتهنّ ومعرفة خصوصيات كل فنانة والانطلاق من جديد الى عوالم اكثر رحابة ضمن فعاليات مهرجان «العصاميات» الذي امتد من 22 إلى 25 جوان بمشاركة 60 مبدعة من تونس وخارجها والمهرجان ينظمه المركب الثقافي المنستير بالشراكة مع المندوبية الجهوية للشؤون الثقافية ووكالة احياء التراث والمعهد الوطني للتراث.
أسدل الستار على الدورة التاسعة عشرة التي احتفت بالتجارب النسائية من خلال تكريم تم تكريم قيدومة العصاميات الفنانة عفاف نويرة علاّق قبل أن تمنح لجنة التحكيم جائزة اللمسة العصامية للفنانة هاجر بن مصباح، فيما آلت المرتبة الثانية للفنانة مها الغنوشي والمرتبة الثالثة للفنانة سنية الغزي، وذلك خلال حفل موسيقي أحياه الفنان عماد مسعود صحبة مجموعته الموسيقية.
الورشات تجربة مختلفة لتلاقح التجارب الابداعية
اختلفت تجاربهن الإبداعية، تنوعت مشاربهنّ الفنية، لكنهن اجتمعن على حب الفن التشكيلي، وفي اطار تطوير قدرة الفنانة العصامية وتعليمها ابجديات جديدة في الرسم او النحت يقدم المهرجان ككل دورة ورشات حية لمدة ثلاثة ايام لمزيد تطوير معارفهنّ بهذا الفنّ الذي اخترنه ليصنعن ذواتهن الفنية،وكان الموعد في الدورة التاسعة عشرة مع ورشة الخزف الفني وأشرف عليها الأستاذ سحنون قلاقة، ورشة فنية لصهر وتشكيل وقولبة المعادن أشرف عليه الأستاذ وليد جا وحدو « الورشة مختلفة جدا، اشتغلنا بتقنيات جديدة لم يتم التطرق اليها سابقا،في الورشة وللعام الخامس نقدم عصارة معرفتنا للعصاميات، لتطوير كفاءتهنّ وحتى تكون لديهنّ القدرة على التشكيل باستعمال التقنيات الحديثة» حسب تعبيره، وورشة على محامل مختلفة أشرف عليها الفنان على البرقاوي «للمهرجان بريقه الخاص، اتابع بعضهنّ منذ اعوام واتشوّق لتطور مهارتهنّ في ملامسة المحمل وطريقة استعمال الالوان»، وورشة تطويع المعادن قدمها الفنان يونس العجمي.
وكانت الورشات التي امتدت كامل أيام الملتقى، فرصة للفنانات العصاميات لتعميق تحاربهنّ واستعراض مهاراتهنّ من خلال اكتساب المزيد من الخبرات والتعرف على تقنيات جديدة ، لثلاثة ايام تباينت تجاربهنّ، لامسنا الطين والمعادن والرسم على المحامل، تعلمن طرق جديدة ومختلفة وكل اختارت ورشة تتماشى مع رغبتها في تنويع تجربتها في عالم الفن التشكيلي.
في «قصر المرمرة» تتبع لدفاع الزعيم عن النساء
تتماهى حركات الريشة مع ايقاعات الامواج غير البعيدة، ساحر هو المكان جغرافيا ومعماريا وروحيا، في فضاء سياحي له ابعاده التاريخية التقت عاشقات الفن التشكيلي، فمنظمي المهرجان اختاروا في هذه الدورة تغيير مكان التظاهرة من المركب الثقافي بالمنستير الى «قصر المرمرة» سقانص، قصر الزعيم الحبيب بورقيبة، في تلك الدرة المعمارية الساحرة التقت العصاميات بمؤطريهن وعرض لوحاتهن التشكيلية.
فتحت حديقة القصر ابوابها لتكون متحفا ينبض بالحياة والفن والألوان في المعرض الجماعي «رؤى لجمالية الفن» والمعرض فقرة قارة في العصاميات تعرض فيه الفنانات احدى اعمالهنّ الحديثة غير المشاركة سابقا في معرض آخر، في قصر المرمرة تنوعت الاعمال المشاركة بين الرسم والخزف والنسيج، اختلفت المواضيع المطروحة وطريقة توزيع اللون فلكل عصامية لمستها الخاصة، ومن فقرات المهرجان زيارة اكادميين للمعرض ثم اللقاء مع كل الفنانات والنقاش حول اعمالهنّ وتقديم ملاحظات تخص اللوحة ويشرف على اللقاء الفنان سامي بشير.
اما بهو القصر وشرفاته فكان فضاء للرسم، لتأمل البحر وشجيرات النخيل والإنصات الى موسيقى داخلية متأتية من شبق الفضاء، لتتماهى مقومات المتعة والسعادة.
في رحاب قصر الزعيم الحبيب بورقيبة كان اللقاء، في مكان يوثق لمرحلة من تاريخ رجل تونسي دافع كثيرا عن حقوق النساء وحريتهنّ اجتمعت المبدعات في الفن التشكيلي، سكنهنّ المكان، وسكنتهنّ خطابات بورقيبة ودفاعه عنهنّ فرسمن القصر ولامسن جماله المعماري ونقلنها في اللوحات والخزفيات التي انتجت في الورشات طيلة ايام المهرجان.
قصر المرمرة تحول الى متحف لعرض ابداعات نسائية، واحلام تشكلت في الرسم والنسيج والخزف، اصبح القصر طيلة ايام المهرجان مزار لمحبي الفن التشكيلي والباحثين عن مساحة ابداعية مختلفة، القصر شرّع ابوابه للنساء ليبدعن ويدافعن عن جماله كما دافع الزعيم عن حقوق النساء.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115