عرض «ودوني» لزياد الزواري وعماد عمارة: تونس لوحة ألوانها وموسيقاها متناسقة.. تونس عشقة ...

تتماهى مقومات المتعة الحسية، موسيقى تصدح وأجساد ترقص تعيد كتابة تاريخها وتتحرر من النسيان، آلات موسيقية تتمرد على نوتات محددة لتصنع

اخرى اكثر حرية وسحرا، تتماهى الآلات الموسيقية التقليدية من «بندير» و«مزود» و«زكرة» مع نظيراتها الكلاسيكية على غرار الكمان والفلوت والعود، لصناعة رحلة مميزة.
رحلة في الذاكرة والهوية التونسية انطلاقا من موسيقات عالمية وآلات تغري بمزيد الانصات وأجساد راقصين تغري بالتركيز لمعرفة سرّ جمال هذا الوطن الصغير الغني بالتنوع الموسيقيي. عرض «ودوني» احتفالا بمرور ستين عاما على تأسيس الفرقة الوطنية للفنون الشعبية والعرض قدم بالشراكة مع الاوركستر السمفوني بقيادة راسم دمق وعازف الكمان زياد الزواري وشارك في الغناء زبيدة بن محمود ووليد السعداوي وأيمن بن شيخة وهو من انتاج مسرح اوبرا تونس.
الموسيقى لمعرفة الهوية
«شوق» شيماء العوني تقرر اكتشاف تونس، شوق هي النوتة الموسيقية الساحرة، هي الخطوة المميزة، شوق امرأة عاشقة تبحث عن محبوبها في ربوع بلدها تونس، تزوره من شماله الى جنوبه، تعشق سمرة فلاحيه وقوة بحارته، شوق تغني للحب، للأمل وللقاء ولتونس، شوق العاشقة هي لحظة الحب تلك التي تسكن ايّ متلقى لعرض «ودوني»، شوق الحالمة تلك البسمة الصادقة المرسومة على وجوه العازفين وهم يبدعون في عزف نوتات العشق والشغف، شوق امرأة، نوتة، وطن، ابتسامة، شوق انثى تكتشف تونس وموسيقاها، فتستظل بإكليل الجبل وتعاون الفلاح وتستمتع «بالسبارس والقرنيط» مع البحارة، وكل منطقة لها رقصتها تقدمها بشغف طفلة.
مبدع ومختلف، فنان له حضوره البهيّ، يعانق كمانه كطفل صغير يصنع بنفسه لعبته الجميلة، عاشق الكمان زياد الزواري تكون كمانه الوسيلة الاولى لكتابة الرحلة الموسيقية الموغلة في التراث والباحثة في الذاكرة الشعبية التونسية، تلك النوتات الرقيقة كخفقان القلوب العاشقة تكون النوتة الاولى ليعيد الجمهور اكتشاف الموروث التونسي والتعرّف على خصوصيات كل جهة من حيث الاغاني والرقصات.
الكمنجة تعلن عن بداية الرحلة تصاحبها مجموعة الاوركستر السمفوني التونسي بقيادة المايسترو دمق ومجموعة الموسيقية للفرقة الوطنية للفنون الشعبية، ثلاثة اقطاب موسيقية مختلفة تتماهى في البحث عن الذاكرة الموسيقية التونسية وتقديمها بلون اجمل وتقربها اكثر الى الجمهور بمختلف مشاربه الموسيقية، الكمنجة تعلن ان على هذا الوطن ولدت الكثير من الايقاعات فهلموا لاكتشاف القليل منها، في هذا البلد الصغير انماط موسيقية متباينة وإيقاعات تختلف بين الحاضرة والريف، فمن «الربوخ» الى «البونوارة» و»المربع البدوي» و»السعداوي» و»الفزاني» و»الزقارة» و»الفزاعي» الى اغاني غبنتن ومسيقى الجزر تتباين الايقاعات والالات المصاحبة لها وكل هذا الاختلاف تلتقطه الة الكمان لتكون سيدة الرحلة ومع شفغها توزع صكوك المتعة على جمهور اقبل ليكتشف موروثه الموسيقي.
ارقصوا فالرقص ذاكرة وتاريخ
ها قد انطلقت الرحلة، فأنصتوا قبل اطلاق العنان للجسد ليبحث هو الاخر في موروثه ويقدم ما يخبئه من اسرار الى الجمهور، تبدأ شوق رحلتها وتنطلق من الجنوب التونسي تحديدا من الجزيرة، تلبس المظلة الجربية، يتقدم الطبال بلباسه الاحمر وطبله الكبيرة وتضرب الايقاعات صاخبة مع رقصة الشالة الجربية، من جربة الى الجارة قابس تفوح رائحة البخور والحنّاء، يقدمون اغاني من تراث قابس مدنين وتطاوين «غريب وجالي» مع رقصة خاصة بتلك الايقاعات المتغنية بألم الحب ولوعة الفراق التي يبدع في عزفها حسين بن ميلود.
تواصل شوق رحلتها لتصعد جغرافيا الى أعلى الخريطة، تترك الصحراء وموسيقاها لترقص «الزقايري» و«البطايحي» وتنتشي بايقاعات صاخبة للطبل والمزود مع تراث الشمال الغربي والوسط الغربي، فتعزف الايقاعات قوية قوة الجبال المحيطة بتلك الربوع، ترقص الاجساد ضاربة بقوة على الارض كأنها اصوات للفرسان يراقصون خيولهم على ايقاعات «مخمس الخيل»، تتناثر الافكار ومشاعر الشوق كلما عزف امين العيادي على الة المزود ليقدم حوار موسيقي طرؤيف جمع التين جدّ مختلفتين موسيقيا هما الكمنجة والمزود ويكتبا لوحة مميزة تؤكد ان هذه الارض ارض للحب وللموسيقى والإبداع.
لازال للمتعة نصيب، لازالت شوق تبحث عن محبوبها ولازال هناك مساحة للفرح، تتغير الايقاعات ومنها الخطوة لتصبح اكثر هدوءا ورقّة، خطوات نسائية جميلة تتجلّى كما العروسة في يوم فرحها، الجلوة الساحلية والأغاني النسائية في الساحل لها حضورها وطابعها المختلف الذي تقدمه المجموعة في عرض «ودوني» قبل العودة الى «الربوخ» وموسيقى الاحياء الشعبية، يلبسون الدنقري والشاشية ويقول المزود كلمة الفصل صحبة شقيق الموسيقى الة البندير باختلاف أحجامها في المدينة تحلو الجولة من باب سويقة لباب الجديد للباب سعدون وفي الحلفاوين يحلو اللقاء.
للبحارة حكاياتهم، للبحارة اسرار البحر وقصص ممتعة تتلقفها الة الكمان وتصنع منها تلك النوتات المميزة، للبحارة خبايهم ورقصاتهم، يخيطون الشباك ويرمونها منتظرين ولحظات الانتظار تتحول الى مقطوعات موسيقية تتغنى بالبحارة وصبرهم ولوحات راقصة يمتزج فيها اللون الازرق مع الابيض فتكون النشوة.
ساعة من الرحيل في الهوية الموسيقية التونسية، ساعة من البحث عن الخطوات التقليدية وتقديمها حسب انتمائها الجغرافي، ساعة من الغزل بإيقاعات هذا البلد ينتهي مع موسيقى الفلاحين، فللريف سحره وموسيقاه وإيقاعاته في الريف تحلو رقصة البطايحيـ تقام الافراح ويتسابقون ليرقصوا على ايقاعات المربع، للريف الوانه الجميلة فتتماهى مع سحر الطبيعة وموسيقاها وفي «ودوني» تكون اخر اللوحات لوحة العشق والشبق لوحة الايقاعات الريفية.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115